
نواكشوط – «القدس العربي» : تابعت الأوساط السياسية والإعلامية الموريتانية أمس بكثير من الاهتمام والتحليل، التصريحات التي أدلى بها محمد جميل منصور رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين في موريتانيا لوكالة «الأخبار» الموريتانية المستقلة المقربة هي الأخرى من الجماعة، والتي تطرق فيها ولد منصور أبرز وجه سياسي في المعارضة، لأول مرة عن أمور هامة بينها مغادرته رئاسة حزب التجمع الماسك بأولى الكتل المعارضة في البرلمان، ومعضلة الحوار بين المعارضة ونظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
ويعود الاهتمام بهذه التصريحات لأمور عدة أبرزها تحكم الإسلاميين بحزبهم الكبير المنظم، وبخبرتهم السياسية الطويلة، في المشهد السياسي الموريتاني في هذه المرحلة السياسية الدقيقة التي تقبل فيها موريتانيا بعد أقل من سنتين على انتخابات رئاسية يفترض أن يتولى بعدها الرئاسة حسب مقتضيات الدستور، رئيس آخر غير الرئيس الحالي.
وأكد ولد منصور «أن حزب التجمع (معروف اختصاراً بمسمى»تواصل»)، سيكون بحكم القانون، وبحكم الأخلاق، وبحكم السياسة، مفروضاً عليه أن يغير مسؤوله الأول، في مؤتمره القادم المقرر في نهاية السنة المقبلة، وبالتالي سينتقل مسؤوله الأول إلى مواقع أخرى لخدمة الحزب، وسيختار الحزب قيادة جديدة». وقال «ليس من شأننا، والوقت ما زال بعيد نسبياً، سنة وأشهراً، أن نبدأ النقاش في هذه المسألة».
وامتنع ولد منصور عن ترشيح اسماء محددة لخلافته في رئاسة الحزب خلال المؤتمر المقبل مع أن أوساط الإسلاميين ترشح ثلاثة قياديين هم الزعيم الرئيس الحالي للمعارضة الحسن ولد محمد، ونائب رئيس الجمعية الوطنية محمد غلام ولد الحاج الشيخ، والقيادي الشيخان ولد بيب.
وأكد ولد منصور أنه لا يتوقع أن يقود حزب «تواصل» في المرحلة المقبلة إحدى القياديات في الحزب»، مضيفاً «أن قانون الحزب ووثائقه ليس فيها ما يمنع أن تقود أخت من الأخوات الحزب».
وحول موقع إسلاميي حزب «تواصل» من قضية الحوار التي تسيطر حالياً على المشهد السياسي الموريتاني، قال محمد جميل منصور»إن حزبه يتمنى أن تسير الأمور في اتجاه الحوار المطلوب بالضوابط التي يراها الحزب مناسبة»، مؤكداً «أن المقاربة السلبية تعززها أمور، والمقاربة الإيجابية يدعمها الأمل». وأكد ولد منصور «أن منتدى المعارضة حريص في المرحلة الراهنة على تأكيد أمور منها موقفه المبدئي القائم على أن الحوار هو الوسيلة الأفضل لتجاوز الأزمة السياسية في البلاد، وللتوصل إلى مخرج توافقي منها، وبناء على تجارب المعارضة السابقة، وبناء على قراءتها لسلوك مختلف الأطراف، وخصوصاً الطرف الحاكم، وانطلاقاً من الدروس التي استخلصناها من مختلف المحطات، يضيف ولد منصور، فإن الحوار يقتضي توفير الضمانات والمقدمات بالقدر الذي يطمئن مختلف أطرافه، فهناك ضوابط، وهناك ضمانات، وهناك مؤشرات، وهناك أجواء ينبغي أن تتوفر».
أما الأمر الثالث الذي يحرص المنتدى المعارض على بيانه، يضيف جميل منصور، فهو «أن الاتصالات التي جرت في السابق، وخصوصاً في الفترة الأخيرة، سواء التي تحدث عنها الإعلام، أو التي لم يتحدث عنها، جرت في سياق حرص المنتدى على تهيئة هذه الأجواء، والمنتدى في هذه المرحلة، في مرحلة مشاورات بين مختلف أقطابه وأطرافه لتقييم ما جرى من الاتصالات الأحادية الفردية، والتصرف بناء على ذلك».
وحول طبيعة الأمور التي يحرص المنتدى المعارض على تحقيقها من خلال الحوار أكد الرئيس محمد جميل منصور «أن تحقيق إصلاحات من الحجم الكبير تخدم العملية الديمقراطية، وتوفر الفرصة الحقيقية للتداول السلمي على السلطة، وتشكل قطيعة مع عدد من الممارسات والأشكال التي كانت سائدة، تظل أموراً جوهرية بالنسبة للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، ويناط بتحقيقها أي تقدم في أي مرحلة من مراحل النقاشات والحوار والاتصالات». وشدد الرئيس جميل منصور على أن» رؤية المنتدى المعارض للحوار ما زالت كما هي، مكونة من محورين رئيسيين هما إجراءات الثقة المطلوبة، واتفاق الإطار المقترح»، مبرزاً «أن موضوع الضمانات ما يزال مطروحاً بالنسبة للمعارضة وخصوصا ما تعلق بالأمور القاطعة مع الأحادية وتدخل الدولة في التنافس السياسي، فالمعارضة حريصة، قبل الإقدام على الحوار، على توفر ما يطمئن للإقدام عليه».
وبخصوص رؤية حزب التجمع للسناريوهات المتوقعة في موريتانيا، قال محمد جميل منصور «إن المرحلة القادمة تقتضي من الناحية السياسي، قدراً كبيراً من المسؤولية، وقدراً كبيراً من الحذر»، موضحاً «حرص حزبه كطرف أساسي في المعادلة السياسية للبلد، على الدفع باتجاه أن تسير الأمور نحو ما أمكن من الانفراج والحوار، بناء على الضوابط السابق ذكرها، لأن بلدنا، ظروفنا، محيطنا، خصوصيتنا، السياقات الأمنية، والسياسية، والاقتصادية، والجغرافية التي نوجد فيها كل ذلك يفرض علينا هذه المسؤولية، ويعزز التعلق بها عندنا»، حسب تعبيره.
وأكد ولد منصور «أن موريتانيا مقبلة بالفعل على تحول مهم سنة 2019، يتعلق به ما يسبقه، لأنه يخدمه من حيث الإصلاحات والتحضيرات، وما يمكن أن يجري قبله من الاستحقاقات، وهو ذاته، لأنه لأول مرة ستكون هناك انتخابات رئاسية بدون الرئيس القائم». وتطرق الرئيس جميل منصور في تصريحاته لمسألة فصل السياسي عن الدعوي المثيرىة للجدل والذي تمخض عنها المؤتمر الأخير لحزب النهضة التونسي فأوضح «أن الأمر وقع فيه خلط أو التباس لدى كثيرين بعضهم من موقع التشبث والتعلق بالفكرة الإسلامية كما عرفوها، وبعضهم من موقع الشماتة من طرف الخصوم أو المنافسين بالنسبة للحركة الإسلامية فيما اعتبروه علمنة بعد مرحلة كان الصراع فيها على أشده بين الإسلاميين والعلمانيين».
وعن القمة العربية الأخيرة أكد محمد جميل منصور «أنها قمة بعيدة كل البعد عن النجاح، بعيدة منه في وقتها المخصص، ومستوى النقاشات، والتمثيل ومستوى المخرجات. وزاد «تصور المواطن العربي وهو ينظر إلى القمة، تصور المواطن المطحون في أكثر من بلد، ينظر إلى القمة ومخرجاتها، تصور المواطن العربي المحتجز في كثير من المناطق، وهو ينظر إلى مخرجات القمة، تصور أهم قضية مركزية رغم ذكرها في كثير من الخطابات، وهي قضية فلسطين تنظر إلى المخرجات، تصور الشعوب العربية وهي تنظر إلى تجارب ناجحة في الاتحاد الأوروبي، أو آسيا، أو حتى في الاتحاد الإفريقي نسبياً، وهي متراجعة، لا تحقق نجاحاً في أي مجال من المجالات».