الجبهة الوطنية:اعتقال ولد الوقف خطوة جديدة في مسار التصعيد وكبت الحريات   في نواكشوط: اغتصاب فتاة على شاطئ المحيط ظهر اليوم واعتقال ثلاثة مشتبه فيهم   "الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية" تدين اعتقال ولد أحمد الوقف.. وتشيد بـ"مسيرة التحدي"   عاجل.. اعتقال يحيى ولد أحمد الوقف عند مدخل مدينة نواذيبو   تساقط كميات من الأمطار على مناطق متفرقة من البلاد   "سيف الإسلام القذافي" يشن هجوما لاذعا على الديمقراطية في موريتانيا   ولد جدين يفتتح الدورة البرلمانية الطارئة و"ونا" تنشر نص خطاب الافتتاح   رئيس مجلس الشيوخ يرفض الحضور للجلسة البرلمانية الطارئة   انطلاق "مسيرة التحدي" وسط إجراءات أمنية مشددة   الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا ينظم حفلا تكريميا للطلبة المتفوقين  
البحث

الجريدة
الموقع القديم
قضايا و آراء

العسكر والسياسة

اضغط لصورة أكبر
melkader74@yahoo.fr محمد ولد عبد القادر

يعتبر تدخل الجيش في الحياة السياسية أو تدخله لإسقاط حكومة أو نظام من العوامل المؤدية بشكل مباشر لعدم الاستقرار السياسي ، وعندما يحمي الجيش طبقة لا تنتمي لطبقة أفراده فلابد أنه سينقلب عليها ، لأن الجيش هو إحدى السلطتين الحاسمتين في السياسة ، أما السلطة الثانية فهي القوة المنظمة للدولة ، وفي الدول المتخلفة لا يستطيع الجيش أن يعمل منعزلاً عن الطبقات ، فاستيلاؤه على السلطة سيجعله ينتج نفس السياسة التي كانت قبل مجيئه إلى السلطة فيصبح الجوهر الطبقي هو أساس سياسته كونه لا يستطيع أن يبقى حكماً بين الطبقات لمدة طويلة ، فحالما يستولي على السلطة سيقوم بتمثيل المصالح الطبقية مستعملاً كادره القيادي بوصفة نخبة قوية ، لتنظيم السلطة الجديدة المنتمية لطبقة ما, لكنه لا يلبث أن يصبح منعزلا عن الآخرين بفعل شعوره بالتفوق إزاء المدنيين

"إن الجيش في البلدان النامية ليس ببساطة نسخة من المجتمع ، وليس ببساطة المجموع الحسابي لعدد من الفلاحين والبرجوازيين الصغار بالولادة ... الخ . فكل هؤلاء الناس يكسبون نوعية حياة جديدة، ينصهرون في كيان جديد ، أن الجيش يكتسب سمات شركة لها مصالحها الخاصة ، وبالتالي يصبح آلية منضبطة ذاتيا ، وتتمتع بانغلاق طائفة، وهذا الوعي الفخور بالانتماء إلى هذه الحرفة المختارة ، يمكن أن يتحول إلى عقدة استعلاء إزاء المدنيين ، حيث يغريه ذلك بأنه هو الذي يستطيع إنهاء الفساد وإنقاذ الأمة ، واستعادة القانون والنظام".
ولا يقتصر ذلك على الدول المتخلفة بل يتعداه إلى الدول المتقدمة، فالضباط في كلا الفريقين يكنون الكره الشديد للديمقراطية بسبب وضعهم الطبقي.
وعادة ما يسبق أي انقلاب عسكري بعض الأعمال الخفية وأهمها :
1- العمليات السياسية شبه العسكرية التي تستهدف الإطاحة بنظام الحكم أو مساندة نظام حكم جديد .
2- النصيحة والمشورة لبعض السياسيين .
3- الإعانة المالية لشخص من الأشخاص .
4- المساعدة الفنية والمالية للأحزاب السياسية .
5- دعم المنظمات (نقابات، تعاونيات ، شركات رجال الأعمال).
6- الدعاية السرية .
7- العمليات الاقتصادية .
كما يؤكد ذلك أهارون كوهين بقوله : " حينما لا يعود الحكام القدامى قادرين على الاحتفاظ بالسلطة ولم تنضج الطبقة العاملة للاستيلاء على السلطة ، فإن الضباط يملأون الفراغ الذي تكون"، لكن وجود عسكريين في الحكم يحمل في طيا ته استعماراً جديداً للمجتمع والدولة بسبب طبيعة الروح البرجوازية الطبقية عند العسكر، فهم لا يميلون إلى التغيرات الاجتماعية الكبرى الواسعة النطاق، ويفتقرون إلى المؤهلات الضرورية لقيادة الدولة
لأن الجيش في الدول المتخلفة يقدم مجالاً للأفراد للوصول للمراتب العليا في جهاز الدولة بغض النظر عن أصولهم الطبقية وذلك لكي يستفيدوا من مواقعهم داخل الدولة وليصبحوا جزءاً من البرجوازية الجديدة ، فيكدسون العمولات على العقود الجديدة الممنوحة إلى الشركات الأجنبية ، إضافة إلى أشكال الفساد الأخرى ، حيث تقدم لهم رشاوي كبيرة من قبل الوكالات الأجنبية ، ويصبحون من الملاك والتجار كما أن من صفات العسكر موقفهم السلبي والأبوي من المجتمع كونهم تدربوا على إصدار الأوامر وعلى أن يكونوا قادة وعلى الإملاء أكثر من الإصغاء ، لذلك يرفضون أي ميل للمناقشة مع الآخرين ، أو القبول بقرارات جماعية ديمقراطية فهم أعداء للديمقراطية ، لذلك فهم يلجأون إلى تقليص الحركة الشعبية، أو كبحها بشكل نهائي إن أمكن ذلك ، لكنهم إذا لم يعمدوا إلى تمهيد الطريق أمام حكم مدني ديمقراطي ذي برنامج اجتماعي أعمق وأكثر حساسية ، فإنهم سيصطدمون بالقوى الاجتماعية الناشئة ويصبحون ضحية انقلاب وقائي ويتميز ضباط الجيش في الدول المتخلفة بعدة سمات أساسية أهمها :
1- إنهم الأقل إنجازا في تحصيلهم العلمي عندما كانوا على مقاعد الدراسة .
2- هدفهم من الانخراط في صفوف الجيش هدف مادي بحت، ومن أجل الرقي الاجتماعي ، أكثر من المشاعر الوطنية أو النزاهة في أداء الخدمة العامة .
3- يعتبرون الأكثر فساداً في المجتمع ، حيث الرشاوى واستغلال مراكزهم .
4- إن انخراطهم في الحياة الحزبية يفقدهم الطاعة لمرؤوسيهم العسكر ، ويجعلهم يتورطون بالسياسة .
ويتدخل العسكر في الدول المتخلفة ذات الهياكل الضعيفة التي تسهم بضعف الشرعية بسبب نقص فعالية الحكم المدني على السيطرة على المؤسسات العسكرية، فضعف أو انهيار السلطة المدنية يؤدي إلى ظهور النمط البريتوري ، وهو خضوع السلطة المدنية للسلطة العسكرية بشكل غير مباشر باعتبارها سبب وجودها أو الحامي لها، فالنمط البريتوري يتسم بوجود فراغ سياسي في المجتمع وضعف بالسلطة المدنية نتيجة الوصاية من قبل العسكر على الحكم المدني ، وهذا يؤدي إلى عدم استقرار سياسي واجتماعي ، والهيمنة السياسية للعسكر في الدول التي كانت تخضع للاستعمار ، لا تقود إلى بناء دول قوية لأن الجيش هو مؤسسة ضعيفة قادرة على القمع فقط ولا شيء غير ذلك ,على اعتبار أنه جيش موروث عن الاستعمار،فهو يتأثر بالاستعمار من حيث مفهوم القمع والإرهاب والديكتاتورية العسكرية ، إضافة إلى اتسامه بالتناقضات الداخلية ، ومفهوم "نفذ ثم اعترض" ، وما يترتب عليه وجودهم - العسكر - من إحداث ردة نحو القبلية والتقليدية ، بعكس الجيش في الدول المتقدمة الذي يتسم بـ:
1. مركزية القيادة والروح الجماعية .
2. الترتيب الهرمي للسلطة .
3. سيادة قاعدة الطاعة والانتظام .

لذلك يكون نظام الحكم العسكري عبارة عن نخبة عسكرية حاكمة وصلت إلى الحكم عن طريق الانقلاب العسكري ، ثم تبدأ هيمنة العسكر على الهيئات والمؤسسات الحيوية في الدولة بدرجة تمكنهم من عملية صنع القرار السياسي في المجتمع ، لكن النظام يبقي رغم ذلك أقل استقراراً من ذي قبل ، فالعسكر كنخب حاكمة يعتبرون فاشلين في تحديث مجتمعاتهم ، باعتبارهم غير قادرين على عمليتي التحديث والتنمية السياسية ، في مجتمعاتهم لأنهم يعملون على إحداث ردة فعل نحو المجتمع التقليدي نتيجة تعويلهم على الجيش في المحافظة على حكمهم وبقائهم في السلطة ، فهدفهم الأول والأخير هو البقاء في السلطة من خلال زيادتهم لفعالية الأجهزة القمعية المملوكة لهم باعتبارهم مسيطرين عليها وأكثرهم لا يملكون استراتيجية مكتملة بشأن إدارة شؤون البلاد بعد وصولهم للسلطة ، لذلك يعتمدون على البيروقراطية التكنوقراط الذين كانوا قد تولوا قبل ذلك مسؤولية كثير من الأمور الإدارية والتخطيط الحكومي ، لذلك فالنظام العسكري يؤدي عادة إلى أزمات اقتصادية بسبب تبديدهم الجزء الأكبر من الدخل القومي على مصالحهم ومصالح حلفائهم
. الارتباط بقوى خارجية تقدم لها المساعدات والإمكانيات الكفيلة بالمحافظة على بقائها واستمرارها .

ولفهم دور العسكر في النظام السياسي يجب فهم :
1. طبيعة السلطة السياسية نفسها، ( ماهيتها ، أعمدتها ، أدواتها ) .
2. دورها في الصراع الطبقي ومراحل الصراع الأخرى .
وبذلك يمكن تفسير قبول الانقلابات العسكرية بالارتياح الشعبي لعدة أسباب أهمها:
1. الآمال التي تكسر دائرة الاستقطاب والجمود .
2. توقف مسلسل العنف الفردي والجماعي لتحقيق الأمن .
3. انتهاء دوامة تغيير الحكومات ( الوزارات ) السريع والمتحمل على أساس أملهم في تحقيق الاستقرار الوزاري .
4. أملها بعودة الجيش إلى ثكناته ، بعد أن يعود كل شيء إلى نصابه .
وقد استخدم العسكر هذه الشعارات لتبرير استيلائهم على السلطة وتصفية المؤسسات الدستورية والديمقراطية ، رغم أنهم لم يستطيعوا أن يحققوا الأمن والاستقرار حيث تصاعد معدل العنف الفردي والجماعي والإرهاب المنظم للدولة ، ولم يحدث استقرار حكومي ( وزراي ) في كثير من الحالات وتكوين
نخبة سياسية طبقية جديدة في أيديهم ، وتضخم الجهاز الإداري الذي يؤدي إلى انقسام داخلي بين المدنيين والعسكريين ، لذلك فإن حل مشكلة تدخل الجيش في السياسة هو الخطوة الأولى في حدوث تقدم اقتصادي وسياسي وحدوث التنمية السياسية والاقتصادية وإقصاء الجيش عن السياسية مسألة يجب أن يهتم بها سياسيو الدولة غير المرتبطين بالنظام العسكري ، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني ، وجمهور المثقفين في

تاريخ الإضافة: 05-07-2008 18:56:03 القراءة رقم : 483
 الصفحة الرئيسية
 الأخبار
 قضايا و آراء
 تقارير
 مقابلات
 من نحن؟
 مابسي
 روابط
 اتصل بنا
 خارطة الموقع
 البريد الألكتروني
 الموقع القديم
عدد الزوار:2229340 جميع الحقوق محفوظة مابسي © 2008