مشهد رائث
لقد جاء الرئيس المنتخب ديمقراطيا إلى الساحة السياسية وحده على حد تعبيره في المناظرة الشهيرة مع منافسه زعيم المعارضة إبان الانتخابات الرئاسية وبعد أن أدى اليمين الدستورية بدأ في محاولة تطبيق برنامجه الانتخابي حيث أناخ على قضايا مثل المبعدين والرق والبرنامج الاستعجالي الذي تعثر بخروج الماء من يد الرئيس وآل إلى ما يتحدث الناس والإعلام عنه ...وظهرت ملامح التفرد بالحكم الرشيد تنطق بعد مرور سنة على الديمقراطية :
ويوم كأخلاق الملوك تلونا فصحو وتغييم وطل ووابل
(وليس شيء ألذ ولا أسر من عز الأمر و النهي ومن الظفر بالأعداء ومن إعتاق الرجال .. لأن هذه الأمور حظ الذهن وقسمة النفس ) حسب رؤية الجاحظ للسلطة. وبعد ذالك توزعت البطانة المعهودة في هياكل الدولة وتسللت :
عدوى البليد إلى الجليد سريعة والجمر يوضع في الرماد فيخمد
لكن يبدو أن الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في خريفه الثاني من الرئاسة لم يعد في منعة من قومه الذين أوصلوه السلطة وتشظت عليه الصورة وأصبح غير قادر على جمع فسيفسائها بعد أن أطاح بحكومة التكنو أقراط بقيادة الزين ولد زيدان وأتى بحكومة سياسية بزعامة ولد أحمد الواقف !كما حملت إلينا الأنباء ما تردد من صراع الجنرالات مع الرئيس وما تلي ذالك من قلب ظهر المجن تمثل في دعوة بعض البرلمانيين الذين كانوا يحسبون على الرئيس وحزب "عادل " لحجب الثقة عن رئيس الحزب ووزرائه وحجتهم في ذالك أن موقع الوزارة من الدولة كموقع المرآة من البصر وتسيير الأمور عائد إلى الوزراء الذين يفترض فيهم العقل والحكمة لتطبيق المساواة والعدل بين الناس .
فما هي السيناريوهات المحتملة لهذه التجاذبات السياسية ؟
وما هو موقف المعارضة ؟ وماهي حدود التعامل مع المؤسسة العسكرية ؟ وماهوشعور الشركاء الإقليميين والدوليين إزاء ذالك ؟ وكيف ينظر الشارع الموريتاني لهذا المشهد السياسي ؟
في حالة ما إذا تقدم النواب الرافضون ملتمسا لحجب الثقة عن الحكومة على أن لا تكون مثل صحيفة المتلمس .
فإن الرئيس يمكن أن يلجأ لجوءا قانونيا إلى صلاحياته الدستورية فيحل البرلمان ويدعو إلى انتخابات جديدة لكن هل من مصلحته ذلك ؟ والأمور آيلة إلى التغيير لا محالة ... أم أنه سيكتفي بتعديل وزاري يضمد كالبلسم جراح ما فات ؟ أم أن المتضررين سيطالبون أكثر من رئيس حكومة ووزراء جدد حسب الإفرازات الانتخابية والمصالح الذاتية ؟ أم أن الرئيس سيلجأ إلى المعارضة الديمقراطية لإشراك رئيسها في الحكم منعا لما هو أسوأ كما حدث في كينيا وينظر إليه كحل للأ زمة في زمبابوي وهو نوع من التعايش بين الموالاة والمعارضة؟ وهل سيقبل زعيم المعارضة أحمد ولد داداه هذا الاقتراح ؟
كما أنه يمكن للرئيس أن يدعو إلى حوار وطني جاد بعيد ا عن الإقصائية يشمل جميع الفاعلين في المشهد السياسي الوطني لإيجاد مخرج من هذا النفق المعتم ؟
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن أخلاق الرجال تضيق
وحين تقف محاولات الشيخ الرئيس أمام سد منيع فإنه يمكن أن يكون للجيش دور لإنقاذ البلاد من هذه الأزمة المتفاقمة كما كان الحال بعد تغيير الثالث من أغسطس 2005 على أن يصون الدستور ويحافظ على المؤسسات الديمقراطية كما يحافظ على الحوزة الترابية وذالك جزء من عقيدته العسكرية . أم أن الجنرالات سيحتفظون بنواياهم ويتلمسون دأبهم نحو الخطوة المناسبة التي تجعل مصالحهم فوق كل اعتبار؟
ويبقى الشركاء الإقليميون والدوليون في حيرة من أمرهم |إثر هذا المصاب الديمقراطي الجلل والأول من نوعه في هذا البلد الحلقة بين المغرب العربي والغرب الأفريقي .
فزيارة ملك المغرب تأجلت لعدة مرات بسبب الأوضاع الداخلية . ولاشك أن فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية تحسبان بدقة ما ينبغي أن يكون عليه الوضع في موريتانيا . أما الممولون فيقدمون خطوة ويؤخرون خطوات أخر تحسبا لما لا يعلمون مداه .
وفي كنف الديمقراطية يظل الشارع الموريتاني مرتبكا وحيرانا إزاء هذا الاختلال في المشهد السياسي ويبقى اهتمامه منحصرا في الانشغالات المعيشية اليومية والتعليم والصحة ... وأنشودة حاله تقول :
لم يبقى إلا الصبر والتوكل والله يقضي ما يشاء ويفعل
تاريخ الإضافة: 01-07-2008 10:03:38 |
القراءة رقم : 492 |