إلى أين تتجه موريتانيا؟ (رد مسؤولة الإعلام في حزب التكتل منى بنت الدي)
منى بنت الدي مسؤولة الإعلام في حزب تكتل القوى الديمقراطية
|
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة والسلام على أشر ف الأنبياء والمرسلين
تعيش موريتانيا أزمة خانقة على كل المستويات وفي كافة المجالات مما يجعل كيانها مهددا و استقرارها على المحك و يجعل سلمها الأهلي في خطر و ينذر بانفجار وشيك إن لم تتداركها عناية إلهية خاصة و يتأهب أبناؤها لإنقاذها من هاوية تنحدر إليها بسرعة كبيرة .
ففي المجال الاقتصادي تعيش موريتانيا أزمة غير مسبوقة تتميز بشلل في الحركة الاقتصادية من أهم مسبباته أن الدولة تعتبر الزبون الأول لأغلب الفاعلين الاقتصاديين و هي الآن وأكثر من أي وقت مضى تتعامل مع مجموعة قليلة من من مقربي رأس النظام في زبونية غير مسبوقة و بوقاحة لم يصل لها نظام من قبل حيث أن أسماءا قليلة ومعروفة لدى الجميع أصبحت تتحكم في سوق المواد الغذائية وسوق المحروقات وسوق الصيد و سوق الأشغال العامة و بدأت ترمي بثقلها في النظام المصرفي و في سوق رخص التنقيب و سوق شركات استخراج المناجم والثروات المعدنية و تستأثر بأراضي الدولة و تستحوذ على سوق التأمينات و تبرم والصفقات في غياب تام لمبدإ التنافس الاقتصادي لأن سلطة الدولة و هيبتها تستخدم في إقصاء كل الفاعلين الاقتصاديين الذين لا يدورون في فلك حلقة ضيقة و مغلقة تتعلق برأس السلطة و تعمل لحسابه و تستقوي على الآخرين به .هذا إضافة إلى الجفاف الذي اشتد على بلادنا هذه السنة و لم تتحمل الدولة مسؤوليتها تجاهه و اكتفت بمسرحيات إعلامية لا تنقذ الثروة الحيوانية ولا تساعد ملاكها في مواجهة كارثة حلت بقطعانهم كما أن سياسة النظام أهملت الزراعة و المزارعين الذين بدؤوا في الإنضمام إلى قوافل المحتجين طلبا للأسمدة الزراعية و المساعدات التي يحتاجها هذا القطاع الحيوي .وليس الصيد بمنآى عن الشلل حيث أن اتفاقية الصيد المشبوهة والمجحفة مع الشركة الصينية بولي هاندونك بيلاجيك تزيد واقع القطاع تعقيدا وتنذر بكارثة بيئية في شواطئ كانت تعد إلى وقت قريب من اغنى شواطئ العالم بالأسماك بسبب الإستنزاف الذي تتعرض له الثروة السمكية على يد هذه الشركة وغيرها مثل العملاق مارتج تيادورا السفينة الأوروبية التي تعتبر مصنعا عائما ناهبا مدمرا للبيئة كان محل استهجان واعتراض منظمة السلام الأخضر غرينبيس.وكان قطاع الصيد مصدرا أساسيا من مصادر العملة االصعبة و رافدا مهما من روافد التشغيل و تنشيط الدورة الاقتصادية وقد قضت الاتفاقية المذكورة والتخبط والنهب والاستنزاف على أي أمل في تنشيط الاقتصاد من خلاله .
وينعكس هذا المشهد الاقتصادي القاتم على الواقع الاجتماعي حيث إن ارتفاع الأسعار وجمود الرواتب و انتشار البطالة وغياب سياسة حقيقية للتشغيل و انسداد الآفاق أمام الشباب و غياب سياسة تعليمية مجدية و انهيار القطاع الصحي وارتفاع نسبة الوفيات بين الأطفال بشهادة منظمة الصحة العالمية وغياب التخطيط و التدبير الإجتماعي و انعدام المساواة بين مكونات المجتمع و تهميش طبقات بعينها وقبائل وأسر بذاتها و نكران وجود العبودية و ازدراء حلول اقتصادية واجتماعية لآثار الرق و الإكتفاء بالحلول الفلكلورية السمجة في قضية دمج المبعدين و التغاضي عن مظالم أهل المظالم وغياب العدالة وتدخل السلطة التنفيذية في أدق تفاصيلها واستخدامها سلاحا في وجه الخصوم،كل هذه الأمور تجعل المشهد الإجتماعي كبرميل بارود قابل للتفجر في أي وقت وليست الإحتجاجات و المظاهرات و رفع المظالم التي أصبحت يومية إلا نذير ذلك الخطر وذلك الإنفجار كما أن انتشار ظاهرة الإنتحار بين فئات الشباب وحرق النفس و التطرف تعد ناقوسا آخر من نواقيس الخطر .
يضاف إلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي الكارثي شلل تام للإدارة الموريتانية بسبب سحب صلاحياتها ومركزة كل أمورها بيد رأس النظام من جهة وبسبب الزبونية في التعيينات و إخلاء الإدارة من أكثرية كفاءاتها بسبب تصفية حسابات ضيقة سياسية أو اجتماعية من جهة أخرى.
ويعتبر الوضع الأمني هو الآخر مقلقا حيث سجل في الآونة الأخيرة ارتفاع للجريمة و السطو و انتشار شبكات ترويج وبيع المخدرات إضافة إلى خطر الإرهاب الذي لم تزده الحرب التي نفذت بالوكالة إلا خطورة و إحداقا وتهديدا لبلادنا و تطورت هذه المنظمات الإرهابية من مجموعات تعيش في الجبال و الكهوف و الفيافي و أعماق الصحارى إلى قوة مسيطرة على مناطق حدودية واسعة وحساسة و يمكن أن نقول وبكل أسف أن القاعدة أصبحت على الأبواب، كما نستطيع أن نسجل أن سياسة الجنرال محمد ولد عبد العزيز الخارجية الخرقاء و تآمره على دول الجوار و لعبه بمصالحها و وحدة أراضيها هي من أوجدت هذا الوضع المعقد الذي لا يحسدنا عليه عدو ولا يتمناه لنا صديق .
وفي المجال السياسي يعتبر الإنسداد وحدة الإستقطاب سيدا الموقف حيث أن غياب جو الحوار الذي يجب أن يكون سائدا بين الفرقاء السياسيين منعه انعدام الثقة والتنكر لإتفاق داكار والأحادية في الرأي و التسيير والتدبير وأوصد أمامه كل الأبواب و ظل الجنرال يتعنت أمام مطالب المعارضة المشروعة من أجل بعث جو من الثقة يفتح المجال أمام حوار حقيقي و جدي الى أن و صلت الأمور الى ما وصلت إليه من مطالبة هذه المعارضة برحيل الجنرال وإصرارها على تلك المطالب بسبب تسييره الكارثي للبلد و نهبه لثرواته وتجويعه لشعبه وأحاديته و فرديته وتخبطه و سوء تسييره بشهادة منظمة الشفافية الولية . في مقابل ذلك هناك أحزاب أو مجموعات تعودت الموالاة وشكلت موالاة كل الرؤساء السابقين وستلتحق باللاحقين مصفقة مهللة و مطبلة كعادتها إلا أن نشاطها خافت في هذه الآونة باستثناء بيانات السب والشتم والقذع و التطاول على قامات النضال والشرف والكرامة السامقة في فضائنا السياسي وليس مهرجان التحدي الذي أعلنوا عنه الإثنين 7 مايو والذي لم يحضره مائتا شخص إلا وجها من أوجه فشل النظام في تعبئة من يفترض أنهم موالاته وكذلك الإعراض الجماهيري عن بعثات حزب الحاكم إلى الداخل والتي ترأسها وزراء ومسؤولون نافذون في الدولة و جمعت لها الأتاوات من رجال الأعمال الذين أنهكهم النظام بزبونيته وظلمه و حيفه كل هذا الفشل جاء في جو يبعث على الحاجة إلى رفع التحدي حيث تحشد المعارضة كل أسبوع عشرات الآلاف رغم آلة القمع الوحشية ورغم الظلم و التهميش و الحرمان من أبسط الحقوق لمن يظهر نفسه معارضا للجنرال و نظامه .
من كل ما سبق أخلص إلى أن معارضي النظام الظاهرين لا يمثلون إلا رأس جبل الجليد الذي يخفي ما هو أعظم مما يتراءى لنا وأن من يتظاهرون بالموالاة يمتعضون من النظام و تصرفاته أكثر من غيرهم لأنهم بسبب قربهم منه يكتوون بناره و يطلعون على عوراته ويحسون الغبن والتهميش و الإقصاء أكثر من غيرهم لذلك لا أظن أن النظام يعول عليهم في معركته مع المعارضة التي تصر على ترحيله .
ويزيد هذه اللوحة مشهد دولي و إقليمي لم تعد ممارسات النظام الحالي وطبيعته العسكرية مقبولة فيه حيث أن نسائم الربيع العربي تلتقي على أرضنا مع تيارات هواء الربيع الإفريقي الذي جاء بحكومات منتخبة في بعض الدول بطرق مختلفة و بانقلابات في بعضها الآخر. كما أن هزيمة حليف النظام نيكولا ساركوزي ستجعل من الصعب دوليا تقبل قمع النظام لمعارضيه بتلك الطريقة الوحشية التي ما فتئ يمارسها .
و واهم من يظن أن بلادنا معزولة عن العالم وأن أهلها لا يتأثرون بما يحدث فيه .
و يبقى اللغز الذي لا يعرف له أحد جوابا و هو لغز قوات الأمن و المؤسسة العسكرية هل ستبقى آلة قمع في يد الجنرال وهل ستقبل أن تظل مهمتها في حماية نظام مهترئ صدئ وهل ستوافق على انهيار الدولة و المجتمع بسبب الأوضاع الكارثية التي أسلفت أم أنها ستنحاز إلى آمال شعبها و طموحاته في الحرية و الكرامة و العيش الكريم و تتدخل من أجل حماية المتظاهرين السلميين كما فعلت جيوش تونس ومصر . أظن أن الأيام القادمة وحدها هي الكفيلة بالرد على هذا السؤال .
 |
تاريخ الإضافة: 09-05-2012 08:51:24 |
القراءة رقم : 1368 |