الحصباء يجتاح مدينة بوتلميت ويخلف ضحايا: تقرير ميداني عن وضعية الوباء في المدينة
تعيش مقاطعة "بوتلميت" منذ أسابيع وضعية صحية صعبة، حيث ينتشر مرض الحصباء المعرفو محليا باسم "بوحيمرون" بين سكانها من مختلف الأعمار، إلي درجة ضاقت معها المنشأتان الصحيتان الموجودتان بالمدينة (مستشفى حمد ،ومركز المقاطعة الصحي) عن استعاب الأعداد الكبير ممن المصابين التي تصل المدينة يوميا من مختلف القرى القريبة منها.
ظهور أول حالة
اشتبه بداية شهر يناير الماضي في حالتين مرضيتين ظهرت الأولى منهما في بلدة "النباغية" والثانية في قرية "عرفات "مما استدعى إرسال عينات من دم المصابين فورا لفحصها في المخابر بالعاصمة نواكشوط ، وقد أكدت الفحوصات التي أجريت إصابة المريضين بالحصباء ، غير أن السلطات الصحية لم تتخذ الإجراءات الضرورة في ذالك الوقت ـ حسب مطلعين ميدانيا على الوضع ـ ولم تنتبه لخطورة الموضوع لتظهر حالات أخرى هذه المرة في شمال المقاطعة في قريتي "أكان" و"انتوجي" قبل أن تصل العدوى لأغلب الأحياء والقرى الأخرى .
مما اضطر العديد من السكان إلى ترك قراهم والهجرة إلي مدينة "بوتلميت" بحثا عن علاج للمصابين، الأمر الذي زاد من حجم معاناة هذه الأسر، وضاعف من إمكانية انتشار العدوى بين أفرادها، وقد اتخذ الوافدون الجدد من الأعرشة البالية أمام المركز الصحي للمدينة منازلا يلجؤون إليها.
وتقدر المصادر الرسمية الحالات التي تم تسجيلها رسميا بأكثر من خمسين حالة مازالت في ازدياد، رغم تماثل بعضها للشفاء وذالك نتيجة انتشار العدوى بين السكان، فيما سجلت رسميا حالتا وفاة: الأولى لسيدة تدعى عيشة منت عبد اللطيف(31 عاما) والثانية لسيدة أخرى في بلدة "اكان" 200 كلم شمال بوتلميت بفعل المرض، فيما يتم الحديث عن وفيات أخرى لم يتسن لنا التأكد من صحتها.
إصابات جماعية
تتحدث المصادر الصحية في المقاطعة عن إصابة 5 أسر بكاملها بالمرض، ولعل أبرز مثال على ذالك أسرة "أهل الحمد" التي تتكون من 13 فردا والتي لم يسلم أي من أفرداها من المرض ليشرف على تمريض آخرين، حيث أصيبوا جميعا، لكن هذه الأسرة رغم المرض والمعاناة استبشرت مؤخرا بميلاد حفيدها الذي تم مساء الاثنين الماضي بعد أن تماثلت والدته "اخويديجة منت الحمد " للشفاء قبل أيام، يذكر أن فترة الحمل بالمولود الجديد لم تتجاوز 7 اشهر ونصف ،لكن الأطباء أكدوا أن وضعيته طبيعية ،ولا تستدعى القلق.
منازل خصوصية للحجز
تبرع فاعل خير يدعى "النه ولد احمد للني" من سكان المقاطعة بعدما لاحظ الوضعية الصعبة للمرضى وذويهم بمنزل لإيواء وحجز المصابين، نقلت إليه 3 أسر مصابة مع مرافقيها، وقام المتبرع بالتكفل بهذه المجوعة التي تقدر بأربعين شخصا، دون أي تدخل من الجهات الرسمية، باستثناء مبلغ 100 ألف أوقية قدمه حاكم المقاطعة "اسلمو ولد سيدي" للمعزولين في المنزل .
غير أن بعض الأطباء في مستشفى "حمد" حذروا من خطورة الوضعية الصحية لوجود عدد كبير من المرضى ومرافقيهم في منزل عادى، خصوصا بعد ظهور حالات إسهال وأمراض أخرى بين المحجوزين.
وفي الأخير تبرع مواطن آخر بمنزل مازال قيد البناء نقلت إليه مجموعة من المرضى. وقد عبرت المريضة "فاطمة منت شيبة" في تصريح "لوكالة نواكشوط للأنباء" اليوم الثلاثاء عن استيائها من رفض السلطات الصحية في "بوتلميت" استقبالها، وقالت منت شيبة انه حتى الأدوية والحقن التي تشتريها على حسابها الخاص، لم تجد طبيبا يقوم بحقنها لها مؤكدة أنها تكلفت 40 ألف أوقية على نفقات العلاج .
من جانبها المصابة "ميمونة منت عبد القادر" التي قدمت إلي بوتلميت رفقة أطفالها للاستشفاء أكدت لـ"ونا" أنها لم تجد أي عناية من طرف السلطات الصحية، مما دفع أحد أقاربها إلى نقلها إلى منزله الذي تحول فيما بعد إلي مكان للحجز.
ونفس حالة الامتعاض ابدتها المصابة سلم بوه منت بداه في تصريحها لونا.
اتصلت الناشطة في المجتمع المدني بحاكم المقاطعة، حيث شرحت له خطورة الوضعية وطلبت منه اتخاذ إجراءات استعجالية الإنقاذ المحجوزين.
السلطات الصحية الموريتانية تتكتم على الظاهرة الوبائية
وبعد انتقادات من السكان المحليين قام المدير الجهوي للصحة "عبد الله تراورى" بزيارة للمرضى المحجوزين في المنزل حيث سجل الحالات والعلاقات العائلية بين المرضى، و أمر الطبيب الرئيس بتخصيص ممرض لهم لمتباعة وضعيتهم، كما اجتمع بمدير مستشفى "حمد" في المدينة وطلب منه تخصيص جناح لمرضى الحصباء في المستشفى والتكفل بعلاجهم ابتداء من الأحد الماضي،الأمر الذي وافق عليه المدير وقام بتخصيص جناح الأمراض الباطنية للمصابين.
ويقول مصدر طبي فضل عدم ذكر اسمه إن تكتم السلطات الصحية الموريتانية على الانتشار الوبائي والخطير للحصباء نابع من خوفها من التشكيك الذي يمكن أن يتركه ذالك في البرنامج الوطني للتلقيح الذي يستفيد منه أغلب مسؤولي القطاع .
وشدد المصدر على خطورة الوضع مذكرا بأن المريض بالحصباء يكون معديا قبل أربعة أيام من ظهور الأعراض عليه، مما يستدعى من الدولة وقف التدريس على الأقل في المناطق التي يظهر فيها المرض.
وكانت وزارة الصحة أعلنت في أول حديث لها عن انتشار المرض تسجيل (215) حالة إصابة في عموم البلاد موزعة في تسع ولايات شرق وجنوب البلاد، وقالت في بيان أصدرته أمس إن الإصابات أسفرت فقط عن نسب وفاة لا تتجاوز (02،1 %) من المصابين ، وهي من البالغين اللذين لم يستفيدوا من التلقيح .
هذا ولا يخفي المراقبون مخاوفهم من أن تعمل سياسة التعتيم التي تتبعها السلطات الصحية بشأن المرض إلي خروجه عن السيطرة خصوصا بعد الحديث عن ظهور عشرات الحالات في نواكشوط خلال الأيام الأخيرة.
امربيه ولد الديد
Date publication : 2010-02-23 17:18:34 |
Lecture N°: 2141 |