غنت للوطن وللعشاق ورحلت في هدوء..
منينه بنت الميداح شمس فنية تعلن فعل المغيب..
مساء الثلاثاء الماضي أعلن عن رحيل الفنانة الموريتانية الكبيرة منينة بنت الميداح ، وقع الخبر زلزل الأرض تحت أقدام عشاق الفنانة التي أحبها الجميع، وهام عشقا بأغانيها الخالدة ، لتغادره دون سابق موعد أو إنذار..منينه بنت الميداح أسلمت الروح إلى بارئها إثر حادث سير مروع على طريق انواذيبو الأمر الذي أصاب الساكنة الموريتانية بصدمة كبيرة وتناد الناس من مختلف أصقاع موريتانيا لتعزية أسرة الفقيدة والبكاء على روح فن فقد ركيزة أساسية من ركائزه.
منينه بنت الميداح مثل رحيلها المفاجئ فاجعة للوسط الفني الذي هاله خبر الرحيل، فبقي مشدوها يقلب نظراتها ذات اليمين وذات الشمال عله يؤانس نارا يستقى منها تفاصيل الخبر، لكن زلزلة الوقع كانت أكبر من الجميع وألبست الوجوه لبوس حزن فيه من سواد السواد الكثير.
الفنانون، والشعراء ، والمسرحيون، والسينمائيون، تنادوا جميعا إلى منزل أسرة الفقيدة لتقديم العزاء نيابة عن أهل الفن الذين أحزنهم الخبر.
نواكشوط - بون ولد أميده
[email protected]
من تاريخ الراحلة..
منينة بنت المختار ولد الميداح شقيقة الفنانة المعلومة ورفيقتها في مسيرتها الفنية والسياسية وتعرف عليها الجمهور الموريتاني باكرا عبر أغانيها التي نالت شهرة واسعة ومن أشهرها " عندكم يحلوا السمر" من كلمات الشاعر الصحفي أحمدو ولد أبنو.
منينه بنت الميداح نشأت في أسرة فنية عريقة، وبدأت حياتها الغنائية منذ الصغر ، فكان والدها المختار ولد الميداح من أوائل المؤسسين لنظام التناسق اللحني بين الكلمات المنشدة باللغة العربية الفصحى والمقامات المحلية، أما الوالدة فقد كانت سليلة أسرة «أهل بوبان» المعروفة بتمرسها وتخصصها في العزف والغناء مما أكسب بنت الميداح ملكات الإنشاد وأداء أصعب الألحان، ويشير متابعون لمسيرتها الفنية إلى أنها تعلمت الفن بالفطرة وكان حلم عمرها أن تنجح يوما في تأسيس توجه جديد يخرج الأغنية الموريتانية من طابعها التقليدي لتأخذ شكلا ومضمونا مختلفين». غنّت في أغلب الدول العربية ودعيت إلى مهرجانات وحفلات دولية كمهرجان قرطاج و بغداد والإمارات ولبنان.
وتعتبر المطربة منينة بنت الميداح وشقيقتها المعلومة، أشهر ثنائي فني في موريتانيا، منذ ظهورهما نهاية ثمانينيات القرن الماضي كمجددتين في الفن الموريتاني.
وتنتمي المطربة الموريتانية إلى عائلة فنية وأدبية عريقة، وذات تاريخ كبير في نشر الفن والثقافة، فهي ابنة الفنان والشاعر والأديب المختار ولد الميداح، ورغم محاولات التجديد التي قامت بها بنت الميداح إلا أنها وكما يقول عنها نقاد الموسيقى في بلادها التزمت بالأصول الموسيقية العربية، وحاولت تقديم التراث الموريتاني بتحديثه وتنقيته ، ولكن القدر لم يمهلها حتى تكمل رسالتها الفنية.
التلفزيون والإذاعة "برور وعقوق"..
التلفزة الموريتانية كانت القناة التي من خلالها عرفت الفنانة منينه بنت الميداح ولم تبخل بخبر مطول تتبعت فيه المسيرة الفنية الحافلة لفنانة الإحساس والروعة والتميز منينه بنت الميداح، ومثل تصرف التلفزيون الموريتاني هذا عودة بهذا الجهاز الإعلامي إلى جادة الصواب ، واستمتع الكثيرون بهذا التصرف الذي كان حمالا لعديد الدلالات ، ومثل استثناء في قاعدة التجاهل والعقوق التي كان التلفزيون يقابل بها أهل الفن، إذا ما انتهت مسيرة أي منهم بوفاة أو بمرض يقعده عن ممارسة فعل الإبداع، التلفزيون الموريتاني قدم تقريرا مفصلا عن حياة الراحلة الأمر الذي استحسنه أهل الساحة الفنية معتبرينه أقل جميل يمكن أن تقابل به هذه الرائعة وأسرتها التي أتحفت الموريتانيين بجميل الفن ورائعة.
الإذاعة الوطنية التي كانت هي الأخرى قناة قدمت من خلالها الفنانة عديد أغنياتها وروائعها أعطت صورة فيها الكثير من العقوق حين تجاهلت المسيرة الفنية للراحلة ولم تقدم عنها غير خبر يتيم كان وقت إذن قد تناهي إلى سمع الجميع، الإذاعة الوطنية بهذا العقوق تسير على ذات الطرق المطروقة وتضيف سوءة جديدة إلى ماضيها الحافل بالتجاهل والعقوق والنسيان لأجيال من المبدعين الموريتانيين.
وزارة الثقافة.. صم بكم..
وزارة الثقافة الموريتانية الوصية على الفن والفنانين لم يكلف القائمون عليها أنفسهم إصدار بيان بالمناسبة واكتفي القائمون عليها بالتفرج على مأساة الفنانين الذين فقد قطاعهم الفني أحد أعمدته التي قدمت الكثير للساحة الفنية، المتابعون حيرهم الموقف المشين الذي اختارته وزارة الثقافة حين انشغل أصحابها بالمهاترات السياسية عن إصدار بيان ولو يتيم يؤبنون فيه هذه الفنانة الرائعة التي قدمت الكثير للثقافة الموريتانية، ورفعت العلم الموريتاني خفاقا في عديد المحافل الدولية، المتابعون اعتبروا أيضا أن هذا التصامم الذي قابلت به وزارة الثقافة رحيل الفنانة الكبيرة منينه بنت الميداح هو أمر غير جديد على وزارة تكتفي من الفن والثقافة بإقامة مناشط ثقافية لا تخدم غير لوبيات الفساد التي تتحكم في القطاع وتشبع رغباتها من فتات الموائد الذي تحصل عليها من جراء إقامتها لأنشطة مبتورة واعتبر هؤلاء أن إصدار بيان بخصوص رحيل الفنانة الكبيرة منينه بنت الميداح لن يمكن هؤلاء من تبرير الاستيلاء على مبالغ مالية كبيرة لذلك من الأفضل تجاهل رحيلها والاكتفاء بالتطبيل لسياسات النظام وتوزيع قرابين الولاء والنعمات على من يسبحون بحمد السلطان أيا كان.
الشارع يبكي منينه ..
حين أعلن عن خبر رحيل الفنانة الكبيرة منينه بنت الميداح كان المتجول في الشارع الموريتانية يقرأ في تفاصيل أوجه الساكنة الصدمة والحيرة والبكاء الصامت، أوجه شاحبة عابسة تحكي قصة المأساة وتجهش بالبكاء أسفا على رحيل فنانة رسمت بتاريخها الوضاء قصة شعب أبي ورحلة أمة من بدأها إلى منتهاها، الشارع المكلوم يتذكر أغنيات الراحلة ويأسف للطريقة التي تعاملت بها الدولة الموريتانية معها حين لم تعلن الحداد ولو ليوم واحد، وحدها بعض خيام الحملة أعلنت الحداد وأتبعته بالبكاء والرحمة وقالت أن هذا قليل في حق فنانة الإحساس والروعة منينه بنت الميداح.
تاريخ الإضافة: 2009-07-12 14:07:05 |
القراءة رقم : 4322 |