حوارات ونقاشات ساخنة عند بائعى الصحف: الموريتانيون..كل يغنى على ليلاه
إمام الدين ولدأحمدو
[email protected]
على طريقتهم الخاصة يتابع كثير من الموريتانيين هذه الأيام بكثير من الاهتمام تطورات المشهد السياسي الراهن،من خلال حوارات ونقاشات وتبادل الإتصالات للاستفسار عن مستجدات الساحة السياسية ومواقف مختلف ألوان الطيف السياسي الوطني.
وقد سيطرت تلك الحوارات والندوات غير المبرمجة أصلا على الأماكن العمومية، في سيارات الأجرة والحافلات والمكاتب العمومية وأمام واجهات باعة الصحف المستقلة التي تحولت إلى أماكن للمناورة والنقاش السياسي الذي يجمع مختلف الآراء والمواقف ويحلل تطورات المشهد السياسي محاولا قراءتها.
فى تلك الحوارات كل يغني على ليلاه ويدافع عن مواقفه مستخدما سيلا من عبارات التخوين والاتهام بالعمالة للطرف الآخر الذي يخالف رأيه.
آراء ومواقف متباينة..
وبين مؤيد لانقلاب السادس أغسطس يرى أنه حركة تصحيحية جاءت في الوقت المناسب، ومناهض للانقلابات،معتبرا إياها خطرا على مستقبل البلد وتهديدا للاستقرار والانسجام الوطني،تتوزع آراء المشاركين عادة في حوار الصحف الصباحي.
ورغم كل ذلك فإن الحوارات مهما اشتدت سخونتها في بعض الأحيان وتشنج أصحابها مدافعين عن مواقفهم،فإنها في كثير من الأحيان تحافظ على كثير من جو المودة والمحبة وكأنها أصبحت تقليدا وطنيا يأوي إليه كثيرون بحثا عن جو يضمن الراحة والترفيه قبل أو بعد جو العمل المشحون ومعافسة أوضاع اقتصادية تزداد حدتها يوما بعد يوم.
ويعيد كثير ممن التقيناهم تعاظم هذه الظاهرة إلى اهتمام الموريتانيين بالسياسة وممارستها كما يرجعه البعض إلى أسباب اقتصادية بحتة تعود في مجملها إلى تواضع دخل المواطن لدرجة أن كثيرون منهم عاجزون عن توفير مبلغ يومي لإقتناء الصحف.
ويؤكد المهندس "الديباج" على هذا الرأي،معتبرا أن المواطن البسيط فى مثل هذه الظروف الاقتصادية لا يمكنه أن يخصص مبلغ 500 أوقية لشراء خمس صحف يومية،وهو ما يجعله في كثير من الأحيان يلجأ إلى "باعة الصحف لتصفح العناوين الصباحية واختلاس قراءة بعض المواضيع الداخلية، ليكمل ذلك بنقاش وتحليل المواضيع رفقة أقرانه الحضور".
وقد قام بائعو الصحف بتأجير قراءة الصحيفة الواحدة بعشرين أوقية تفهما منهم للأوضاع الاقتصادية لبعض القراء، حيث يؤكد أحد باعة الصحف "أن هذه الطريقة هي الحل المناسب لجعل البعض يرجع تكاليف متابعة الصحف اليومية".
ويؤكد السيد"عبد الله" على "أن مشهد العشرات بل المئات من المواطنين أحيانا يتحاورون ويناقشون مواضيع الصحف السيارة هو مشهد صحي ومعبر إلى درجة كبيرة عن مستوى الوعي الذي يميز الشعب الموريتاني عن غيره من كثير من شعوب إفريقيا التي لا تهتم كثيرا بمتابعة الشأن العام"، وتعبر - حسب عبد الله دائما-طريقة الحوار والتعبير عن تجذر الديمقراطية لدى كثير من المواطنين،ورغم أن البعض يعبر عن رأيه بتطرف أحيانا فإن الكل يستمع دون أن يسجل أي احتكاك في تلك "المنتديات السياسية" المفتوحة، ويذهب أبعد من ذلك حين يرى في صنيعهم "تعبيرا عن رغبتهم في الحل، إنهم يوجهون رسالة واضحة إلى القوى السياسية في البلد مفادها أن لا مناص من الجلوس على طاولة المفاوضات والبحث عن حل توافقي للأزمة بين الموريتانيين".
ويقول ولد عبد الرحمن"إن المواطن البسيط تطارده الهواجس خوفا من فشل أطراف الأزمة الموريتانية في التوصل إلى حل ينهي حالة التشرذم السياسي،وهو ما قد يؤدي إلى استفحال الأزمة وجر البلاد إلى مستنقع لا تحمد عقباه"، ويضيف:"المواطن المنهك لا يمكنه تصور مستقبل للبلد يؤدي إلى الفتن والحروب الأهلية وغيرها من السيناريوهات الهدامة، ولذلك فهذه الأجواء الحوارية مهما كانت مواقف وآراء منعشيها فإنها جميعا تصب في الرغبة الجامحة إلى البحث عن حل توافقي ينهي الأزمة الموريتانية،ويعبرون عن ذلك بخاتمة الحوار "نحن نريد العافية فبلدنا لا يتحمل أي انفلات غير محسوب".
ويرى المختار أن حالة التشرذم السياسي قد أضرت كثيرا بالبلد ولا يمكن تحملها في ظل هذه الظروف الاقتصادية الراهنة التي تجعل كل دول العالم تهتم بمواجهة ومحاصرة الأزمة الاقتصادية البالغة التأثير على اقتصاديات الدول الكبيرة بينما تنهمك دولة فقيرة كموريتانيا في أتون مشاكل ومهاترات سياسية لا جدوى من ورائها.
ويرجع عبد الرحمن ولد سيدي محمد المحرر ب "وكالة نواكشوط للأنباء" هذه الظاهرة إلى اهتمام كل المجتمعات بقضايا معينة، حيث تفتح نقاشات في المقاهي في كثير من الدول المجاورة في حين تطفو ظاهرة النقاشات في الشوارع والساحات العمومية على المشهد الموريتاني، ويعيد ولد سيدي محمد هذه الظاهرة إلى غياب ثقافة اقتناء وشراء الصحف "وهو ما يجعل البعض يلجأ إلى الباعة لمتابعة العناوين وتكميل البقية بنقاشات هامشية، كما أنه عائد إلى تطورات المشهد السياسي وما يدور في أروقة الحكم لدرجة أن الكل يعبر عن رأيه على طريقته الخاصة".
ويرى عبد الرحمن في هذه الظاهرة جانبا إيجابيا وآخر سلبيا،"ففي نقاش وتحليل ومتابعة المواضيع السياسية المختلفة أمور إيجابية لا تخفى على أحد،وفي الفضول ومتابعة العناوين دون أي مقابل جوانب سلبية تكرس غياب ثقافة المطالعة واقتناء الصحف".
بلد المليون سياسى..
ومهما يكن من أمر فإن استفحال هذه الظاهرة خصوصا في المواسم الانتخابية يعبر عن مستوى من الاهتمام بتداعيات المشهد السياسي المحلي لدرجة أن البعض أصبح يعتقد أن موريتانيا هي بلد المليون سياسي بامتياز بعد أن تدثرت عقود عدة بعباءة المليون شاعر
تاريخ الإضافة: 2009-05-30 10:03:46 |
القراءة رقم : 964 |