محمد غلام ولد الحاج الشيخ نائب رئيس "تواصل" في مقابلة مع أخبار نواكشوط يفتح النار على "التكتل" ويبين موقف حزبه من الأحداث الأمنية الأخيرة
محمد غلام ولد الحاج الشيخ
|
شهدت الساحة السياسية مؤخرا تطورات هامة، تمثلت في المواجهة المسلحة بين عناصر من "السلفية الجهادية"، وقوات الأمن والجيش، هذا فضلا عن حجب ثلثي أعضاء المجلس البلدي الثقة عن عمدة بلدية تفرغ زينة، ذات التوجهات الإسلامية، وحلول ذكرى سنة على تنصيب رئيس الجمهورية سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.
هذه مواضيع من بين أخرى كانت مجالا لحوار أجريناه مع النشاط الإسلامي المعروف محمد غلام ولد الحاج الشيخ، نائب رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، الذي تحدث عن رؤيته لمستقبل العلاقة بين "تواصل" وحليفه في المعارضة "تكتل القوى الديمقراطية"، وعن موقفهم من النظام الحالي وتقييمهم لتجربته، ومدى استعدادهم للمشاركة في الحكومة إذا ما طلب منهم ذلك.
وفي الجزء الثاني من الحوار الذي أجرته "أخبار نواكشوط" مع النشاط الإسلامي المعروف محمد غلام ولد الحاج الشيخ، نائب رئيس حزب التجمع الوطني من أجل الإصلاح والتنمية (تواصل)، تحدث عن أسباب تأخر صدور موقف عن الحزب بخصوص المواجهات المسلحة التي شهدتها العاصمة مؤخرا بين عناصر من "السلفية الجهادية" وقوات الأمن، وعلاقة ذلك بالتهديدات التي قيل أنها وجهت إليهم من طرف بعض "السلفيين"، وإمكانية فتح حوار بين تيارهم والتيار السلفيي الجهادي، وحقيقة ما إذا كانوا هم من يقف وراء الإضرابات التي نظمتها نقابتا التعليم العالي والثانوي، باعتبار أن التيار الإسلامي هو المسيطر على هاتين النقابتين.
حوار: أحمد ولد محمدو
[email protected]
أخبار نواكشوط: بعد اتهامكم لحزب تكتل القوى الديمقراطية بتدبير انقلاب ضد عمدة تفرغ زينة المنتمية إلى حزبكم ما هو مستقبل علاقتكم مع هذا الحزب؟
محمد غلام: إن علاقتنا بحزب التكتل علاقة تاريخية نتشرف بها، مع شخص السيد الرئيس أحمد ولد داداه الذي حمل الكثير من سمات الخير والاستقامة الفردية، وهذه العلاقات بدأت من سنة 1992 عندما التف التيار الإسلامي حول أحمد ولد داداه، مثل كل التيارات السياسية المعارضة والداعية للتغيير، لكن منذ ذلك الزمن ونحن نرصد أن القوى الفاعلة في "التكتل" والآلة الدعائية له لا ترضى أن نكون تيارا أو حزبا مستقلا، ولا جهة تتخذ قراراتها بشكل مستقل، وإنما ينبغي أن نظل تابعين للقوم، ووجودنا الطبيعي يبقى داخل "التكتل" والمشي عموما في محوره وخطه العام، وليس أن نفرد نحن بقرار، وأعتقد أننا أرسلنا مجموعة من الرسائل يبدوا أنها لم تقرأ جيدا داخل التكتل، ففي سنة 2003 انفردنا وأخذنا القرار ودعمنا المرشح محمد خونا ولد هيداله، ويومها واجهتنا حملة دعائية شرسة ورغم ذلك صبرنا عليها وتجاوزنا عنها، كذلك في 2007 أخذنا قرارنا في الشوط الأول بدعم المرشح صالح ولد حننا، فواجهتنا كذلك ذات الآلة الدعائية التي أتهمتنا بأوصاف منها الخيانة والارتشاء والارتزاق...الخ وعندما عدنا في الشوط الثاني اخترنا أحمد ولد داداه بدون مساومات، كما فعلت جهات أخرى وأبلينا في دعمه وهم يعترفون بذلك، ورغم كل ذلك وجدنا نوعا من التعامل يوحى بالدونية وعدم الأخذ بالجدية أننا قوة ندية موجودة على الأرض، وأذكر هنا أن مستشاري "التكتل" طعنونا في الظهر في واد الناقة، ورفضوا التصويت على مرشحنا، وآذونا بالسباب والشتائم، وكانوا يرقصون ويطربون علنا في التكتل ونحن يومها قيادة الاصطلاحيون داخلون إلى التكتل لندعمهم، وكانوا يهزؤون منا ويسخرون، وكان ذلك بشكل علني، ومع ذلك لم نجد أي معاقبة شكلية لهم على ما فعلوه بنا من خيانة، وبالمقابل نحن رفضنا بشكل قاطع أن نعاملهم بالمثل، وعلى ما أذكر أننا خسرنا واحدا من أعز مستشارين البلديين وهو شخص مستقيم وورع هو ولد أمصبوع في مقاطعة تيارت نتيجة أنه كان يريد منا أنقوم بفعل أكبر مما فعلناه اتجاه عمدة مقاطعة تيارت، ولكن نحن كنا نرفض بشكل قاطع أي نوع من أنواع الانقلاب، لأن الأمر فيه عهودنا بيننا والآخرين، كما أننا غير مستعدين لمعاملتهم بالمثل، ليس ذلك في مقاطعة تيارت وحدها، بل هناك العديد من البلديات الأخرى تقدم إلينا مستشارون فيها بأنها بلديات فاسدة وبأن فيها عمدا مفسدون من "التكتل"، وأن بإمكانهم مع غيرهم أن يسقطوا ألائك العمد، ورغم ذلك رفضنا رفضا قاطعا، بل كنا في حالات كثيرة نلجأ إلى أحمد ولد داداه، ونوصل إليه الكثير مما توصلنا به، طالبين منه التدخل لحل هذه المشاكل قبل أن تصل إلى وسائل الإعلام، وخصوصا مسألة العمال التي فجرها أخونا في تيارت، حيث كان العمال يطالبون بعدة ملايين، بعد أن أمضوا أكثر من سنة دون أن يتقاضوا رواتبهم، وغيرها من المناطق التي رفضنا لمندوبينا فيها أن يحدثوا أمرا، ورغم ذلك وجدنا اليوم مثل هذا التصرف من مستشاري تكتل القوى الديمقراطية.
أخبار نواكشوط: هل أنتم مستعدون لمواصلة التحالف مع "التكتل" رغم كل ما ذكرت؟
محمد غلام: العلاقة الآن تمر بفترة عصيبة، نتعقد أننا لسنا الطرف البادئ في توتيرها، اللهم إلا إذا كان الإخوة في "التكتل" يحسبون - كما تسرب إلينا - أن من المآخذ الأساسية التي أخذت علينا، هو أننا سمحنا للنظام الحالي بأن يتقاطع مع المعارضة في المسائل الحساسة، والتي تقترب من نبض الجماهير، وأن هذا يعتبر تجميلا لوجه النظام الجديد، وهو تقارب غير مقبول لديهم، وكان علينا أن نستأذن في مجمل علاقاتنا، سواء كان الحقيقي والمعلن منها كما هو عندنا، أو كان المتوهم الذي يحسبه القوم، ويظنون أننا قطعنا أمرنا وأننا دخلنا الحكومة بالماضي، وأصبحنا جزء من أجندة النظام، كل هذه الأمور المزعومة والفارغة، والتي لا تستند إلى أي منطق صحيح، بقدرما أن الإخوة في التكتل أعطوا كما أعطينا نحن فرصة للعقيد أعل ولد محمد فال بعد انقلاب 3 أغشت 2005، وتغاضوا عن تصرفات المجلس العسكري كما فعلنا نحن أيضا شيئا من ذلك، وعندما واصلنا نحن في ذات التهدئة مع النظام الجديد، رفضوا لنا ذلك، ونحن كنا نحسب أن النظام الجديد أكثر شرعية من نظام المجلس العسكري، إذا كانت هذه الأسباب التي يبنى عليها الإخوة في التكتل تغاضيهم على الأقل عن الانقلاب الفاضح الذي قام به مستشاروهم، والهجمة الشرسة التي نتعرض نحن لها، والتي للأسف نتعرض لها من طرف الكثير من أعضاء "التكتل"، والتي لم يعد مقبولا السكوت عليها، خصوصا ما يتعلق بعرض الأستاذ محمد جميل ولد منصور رئيس الحزب الذي نفخر ونتشرف برئاسته، والذي أصبح يتطاول عليه الكثير من أطر وأفراد "التكتل"، أعتقد أنها حملة شعواء عليهم أن يوقفوها، وليعلموا أننا نحن قد ننتصر لأنفسنا بعد ظلم، ولكن حين ننتصر لأنفسنا أو للحق الذي ندعو إليه ولأعراضنا، يكون ذلك إنشاء الله تعالي بكل انضباط وبكل جدية وبكل إخلاص، وتفان في الخطط والتوجهات التي نسلكها وبكل تأكيد لن يصرفنا عنها الاستفزاز الذي نتعرض إليه من هذا الطرف أو ذاك.
أخبار نواكشوط: هل صحيح أنكم قد ستردون على ما حدث في تفرغ زينة بانقلابات مضادة على عمد التكتل في مقاطعات أخرى؟
محمد غلام: نحن أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا، وهذا الإيذاء يتطلب أن ندرسه وأن ندرس سبل الرد المناسب عليه، لن نتصرف بحماقة ولن نتصرف تصرفا عاطفيا، لكن كل الخيارات مفتوحة أمامنا، بحسب حجمنا وبحسب ما نملك، فنحن لسنا كل شيء، ولا نملك جيشا ولا قوات مسلحة، ولا نملك أن نقوم بانقلابات، فليست من فلسفتنا الانقلابات، لكن في الساحة السياسية لدينا منتخبون، ولدينا جزء من الجماهير الشعبية، التي لدى التكتل ولدى كل الأحزاب السياسية بعضها، فنحن موجودون في الساحة السياسية، وأي تعاط سياسي منحرف وجائر سندرسه بعناية وسنتخذ منه الموقف المناسب.
أخبار نواكشوط: ما هو ردكم في الاتهامات التي وجهها المستشارون البلديون، للسيدة ياي أنضو كولبالي عمدة بلدية تفرغ زينة المعزولة؟
محمد غلام: بالنسبة لياي أنضو كوليبالي، فأود أن أقول أولا إن هذه أخت حاصلة على الدكتورة في الصيدلة، وهي معروفة بالاستقامة والنزاهة، وأخت فاضلة، وتعتبر من أورع الناس الذين نعرفهم، وهي لم تأت إلى وظيفة عمدة من فراغ، فكانت مديرة لإدارة مركزية في وزارة الصحة (مديرة الصيدلة والمختبرات)، وهي بحمد الله تعالى مستورة الحال من الناحية المادية، وحقيقة ما أخذ عليها أنها رفضت أن تعطى البلدية للراشين والمرتشين، ورفضت أن تعطي البلدية لكل من أدعى حقا، ولو لم يكن حقيقية مثل بعض التجار الذين عرضوا الرشوة عليها وعلي شخصيا- أنا من أتحدث معك- ولكننا رفضنا، وعندما واصلت الأخت قضية الاتفاق الخاصة بسوق العاصمة دون أن تلتفت إلى الرشاوى الكبيرة التي كان بعض التجار مستعدا لتقديمها، وأجرت تحسينات معتبرة على العقد بشأن تأجير سوق العاصمة، فبدل خمسة ملايين أوقية، أصبح 50 مليون يتم دفعها للبلدية، كما ألزمت الجهة المتعاقد معها أن تقوم بصيانة السوق وبجملة من المحسنات الأخرى، لم يرضها ألائك فشنوا عليها حملة، وفي هذا الاتجاه أيضا يوجد المستشارون البلديون الذين كان بودهم أن تظل البلدية كعكة توزع عليهم فضلاتها، بعد أن تأخذ العمدة أغلب ما تريد منها، لكن الأخت العمدة كانت جادة في إدارتها وصارمة، حيث أنها لم تعبأ حتى بلغة الانقلابات التي صاحبت تنصيبها في ذلك المكان، ونحن نقول إن الإخوة المستشارين مع شكري لكل من أعطى صوتا للأخت ياي أنضو، لم يتفضلوا علينا بذلك، فنحن تفضلنا أيضا علي "التكتل" في مواقع ومناطق كثيرة، فتعيين ياي أنضو هنالك كان حسب صفقة سياسية كان من نتائجها أن الحزب الثاني من المعارضة في المنطقة، هو من يحتل هذا المنصب بعد أن يصعد صاحبها إلى المجموعة الحضرية، أقول عرضها نظيف وهي يد أمينة بيضاء ناصعة، ولكن يؤسفنا هذه المرة أن تكون قوى الفساد في المجتمع المدني بدرجة تستطيع بها أن تحصل على ثلثي أصوات المستشارين لتسقط بذلك أخت نظيفة وسليمة التدبير في بلديتها.
أخبار نواكشوط: بعد مرور سنة على تنصيبب رئيس الجمهورية، ماهو تقييمكم لأدائه حتى الآن؟
محمد غلام: الحقيقة كان بودي أن يكون الحديث عن تقويم سنة كاملة من حكم الرئيس سيد محمد ولد الشيخ عبد الله، في جو لم أكن فيه خارجا للتو من اجتماع للمكتب السياسي للحزب، في ظل هذا الجو المشحون بتداعيات قضية عمدة بلدية تفرغ زينة، حتى يكون هناك قدر من الصفاء الذهني يستحقه الموضوع، وجدية هو أهل لها، لكن مع ذلك أرى أن هنالك ملفات أساسية حسمها الرئيس الجديد لم تجد الحظ ولا القدر الكافي من الإشادة بها وتقديرها، وأقول هذا بكل أمانة، ألا وهي ملف حقوق الإنسان وملف الحريات العامة، فنحن في بلد كان على شفى حرب أهلية نتيجة لأن كل القوى السياسية الجادة مابين مطارد ومسجون ومحروم، وقد تمت تصفية هذا الملف بشكل عام، وأصبحت هنالك حريات وعاد كل المهجرين والمطاردين إلي بيوتهم بأمان، وأصبح أناس من أمثالنا يعيشون حياة طبيعية نوصل أبناءنا فيها صباحا إلى المدارس ونذهب إلى مكاتبنا ثم نعود مساء إلى بيوتنا إذا سمح الوقت، وأعتقد أن الحرية العميقة التي وجدنا في وسائل الإعلام وإلغاء المصادرة والمراقبة القبلية أمر يستحق الإشادة، كما أعتقد أن شيئا من التحسن طرأ على الإعلام الرسمية وإن كانت هناك في هذا الإعلام مخالب وأظافر ما تزال موجودة، وما تزال لديها قدرة كبيرة على قضم قدر من العافية التي أراد لها النظام الجديد أن تكون في وسائل إعلامنا العمومية، ورغم كل ذلك هنالك قدر من التحسن في الإعلام العمومي، وهنالك حرية عامة مطلقة في الاعلام العام، واعتقد أن حل ملفات شائكة وخطيرة كانت يمكن أن تنفجر في أي وقت، بالمجتمع الموريتاني وبمستقبل الدولة الموريتانية، وأن تكون بؤرة للتوتير الخارجي، مثل قضية المبعدين وقضية الرق، أعتقد أنها أيضا قضايا جوهرية وأساسية كانت من هذه المنجزات وينبغي أن تجد حظها، كما أعتقد كذلك أن الإرادة السياسية لدى رئيس الجمهورية للتغير والتي لمسناها كمعارضة في مقابلاتنا المتعددة مع الرئيس، ولمسناها في عزل بعض المسئولين الفاسدين سواء كان عزل رموز الفساد، ابتداء من عزلهم عن دخول الحكومة، أو كان بعد ذلك عزل مجموعة من الموظفين الفاسدين، وهنا أشيد بالقرار الذي اتخذه وزير النقل كنموذج للجدية المطلوبة فيما يخص إدارة رخص السياقة، فهذه حالات بكل تأكيد مقدرة أيضا، وكأن المجتمع كما يقول الأستاذ جميل منصور يحس بأن هماك إرادة حقيقة لدى القمة في التغيير، أما بخصوص الشق الآخر الخاص بالسلبيات فأقول هنا إن المجتمع الموريتاني كان يحتاج إلى حكومة وإلي رئيس يحدث ثورة حقيقية، بمعنى أن حجم الفساد الإداري والمالي والتخلف الموجود في المجتمع كان يحتاج إلى ثائرين، وليس إلى منتخبين، كان يحتاج إلى قوم لا تعنيهم في شيء أهواء القبائل ولا المسؤولين ولا الناخبين، وإنما تكون لديهم القدرة على أن يذهبكم ويأتى بخلق جديد، حتى نطهر الإدارة الدنسة الصدئة، ويؤسفنا أن تكون في هذا الوقت الذي أتحدث معك فيه ما تزال أنابيب الفساد تهدر طاقات وأموال هائلة لا حصر لها، وأعتقد أنه في مجال التطوير الإداري والمالي لم نجز ما كان ينبغي أن نجزه، ولم نجز ما يناسب حجم سنة كاملة من حكم جديد، يأتي على خلفية حكم بائد أهلك الحرث والنسل، وادخل إلى أي مكاتب تتعلق بوزارات أو بإدارة حيوية لدى المواطنين، ستجد أن لغة الوساطة والرشوة ما تزال سيدة، فأنا لا أنكر في ذلك الإطار أن هنالك إرادة لدى الحكومة ولدى الرئيس في إحداث تغيير، لكن أجزم بأن الصرامة المناسبة مع الفساد والمفسدين لم تكن على القدر الذي يمكن أن يغير من حالنا، وأن تفعيل آليات الرقابة سواء كان المفتش العام للدولة أو محكمة الحسابات والتي لم نجد منها لحد الساعة تحويل شخص واحد إلي القضاء طيلة كل هذه الفترة، أعتقد أيضا أنه من الأمور الملاحظة على الحكم الجديد وهذا بالنسبة لي من القضايا الجوهرية أن مطالعة بنود الميزانية الموريتانية تجعل القارئ لها يحس أن هنالك نوعا من عدم التقشف في بنودها، وأنه هنالك بنود هلامية ما تزال تؤسس لفساد مالي كبير ما يزال مستشريا، وقد استطاعت الحكومة من خلال الأزمة الأخيرة أو برنامجها للتدخل، أن تغرف من خلال بنود هذه الميزانية 28 مليار أوقية وبمقدورها أن تغرف أكثر من ذلك.
أخبار نواكشوط: على ضوء تفهمكم لأداء الرئيس، هنالك من يتحدث عن قرب تعديل حكومي، هل لنا أن نترقب تمثل "تواصل" في الحكومة القادمة؟
محمد غلام: أرجوا أن نفرق بين أمرين، ففي فلسفتنا في حزب "تواصل" للتعاطي مع مثل هذه الأمور قواعد مبدئية، فنحن نرى أن قواعد الجدية الديمقراطية تقتضى بأن كل من انتخب لمدة معينة ينبغي أن يجد فرصة من الهدوء ليتمكن من تنفيذ البرنامج الذي أنتخبه الشعب من أجله، خصوصا إذا كان هذا المنتخب لا نراه أسوء مما كان موجودا، بل هو أفضل، نحن انتهينا من انتخابات ومن حملات، وانتخب رئيس جديد، هذا الرئيس بكل تأكيد لحد الساعة فاجأ الجميع، خصوصا نحن في المعارضة بأنه كان أفضل مما كان مشاعا، وما كان يتوقعه الناس، لذلك فنحن من هذا الباب نعطيه فرصة لكي يطبق برنامجه، بل نتمنى له النجاح وكذلك لموريتانيا، حتى ولو لم نكن نديرها، وهذا هو الفرق بيننا وبين بعض القوى السياسية التي تتمنى أن لا يصلح شيء بدون قيادتها، فنحن نريد لهذا البرنامج ولهؤلاء الناس الذين وكلهم الله بأمر موريتانيا اليوم أن ينجحوا، لذلك فان كل خطة تعظم من شأن الشفافية وتهتم بحقوق المواطنين، وتقدم خيرا لهم، فنحن مستعدون لتشجيعها والاعتراف بها، سواء كنا في المعارضة أو الموافقة، وهذا هو منطلقنا، وما يفهم من خطابنا اليوم من تهدئة وما يفهم من تصرفاتنا من مساعدة للنظام الحالي، واعتقد أنه قرار ينبع من وجهة نظر حقيقية ومستقبلية، في التعاطي مع فلسفة المعارضة التي سميناها بالمعارضة الناصحة ولست الناقدة في كل اللحظات، إذا تطور النظام وأصبح يريد حكومة وحدة وطنية وقد كنا نريدها جميعا نحن المعارضون أيام انتهاء الانتخابات، وطالبنا بها وكانت مطالبتنا بها تنطلق من أن موريتانيا تعاني من انفصام، وأنه الآن لم يعد بإمكان أحد أن يستأثر بها، وأن كل أبناء موريتانيا من حقهم أن يستفيدوا من بلدهم، وكانت التعيينات في المرحلة الماضية لا تأتي إلا لأناس معينين وكذلك الصفقات، إذا ما تم طرح المسألة علينا من جديد، وهو طلب دخولنا في أي حكومة، فسنخضع ذلك لدراسة جديدة بالنسبة للحزب، وسنطرح الشروط ووجهات النظر التي نراها، حينها قد نرى أن ندخل الحكومة فنطرح شروطا، وقد نرى أن لا ندخلها فنرفض، ولكن سنظل على أتم الاستعداد لأن نقدم الأجواء الايجابية تجاه كل تصرفات خيرة لصالح هذا البلد، وأعتقد عموما أننا لن نكون أسرع الملبين لدخول أي حكومة قادمة.
أخبار نواكشوط: هل لديكم الاستعداد لدخول الحكومة بشكل منفرد، بمعنى خارج إطار المعارضة، إذا تلقيتم عرضا بهذا الخصوص؟
محمد غلام: نحن لم نتلق عرضا لحدة الساعة، وعندما نتلقاه ستتم دراسته بعمق إنشاء الله.
أخبار نواكشوط: يعتبر البعض، أن البيان الذي أصدرتم بخصوص الأحداث الدامية التي شهدتها نواكشوط قبل أسبوعين، جاء متأخرا، بما تفسرون ذلك؟
محمد غلام: نحن جربنا التعجل والاستعجال في التعاطي مع أي أزمة ظاهرية، وأخبار هذا لنوع من المآسي الطارئ علينا، هي أخبار متسارعة ومتغيرة حسب الوقت، كما أننا في الحزب نحتاج إلى وقت للنظر في بعض القضايا الأساسية والجوهرية مثل هذه القضية، وطبعا نحتاج إلى وقت آخر كي نصل إلى بعض الهيئات الحزبية مثل المكتب السياسي للحزب الذي يحتاج إلى وقت ليجتمع أعضاءه، وحتى تنجلي الصورة بشكل واضح، إلا أنني أعتقد أن موقفنا المبدئي من أعمال العنف والقتل المجاني الذي حصل في شوارع نواكشوط أصبح معروفا بالضرورة بالنسبة إلينا وللمراقبين، لذا فهم ليسوا بحاجة لطرحنا ولا مبرر لكي ينتظروا موقفا منا في هذا المجال، فنحن أدنا وندين كل أعمال القتل المجاني واستهداف قوات أمننا وقوات الشرطة والجيش، وفي نفس الوقت طالبنا الشرطة أن تحافظ على أرواح المواطنين، وأن تضبط أعصابها، وأن تحترم الآليات الطبيعية، وأن تصبح على قدر من الكفاءة، وأن تفرق بين المصلح والمفسد، وبين المجرم وغيره، وفي النهاية أصدرنا ذلك الموقف.
أخبار نواكشوط:يختلف موقفكم بعد الأحداث الأخيرة عن موقفكم بعد عملية آلاك الذي تميز بالتنديد الشديد والتظاهر، ما سبب هذا البرود المفاجئ في موقفكم؟
محمد غلام: أعتقد أن عملية آلاك كانت أول عملية إجرامية من نوعها على التراب الموريتاني، وكانت للأسف تؤسس لوجود هذه اللغة داخل موريتانيا، ولذلك كانت المواقف منها مواقف مبدئية ومنتظرة، ولذلك نحن شاركنا من ضمن القوى السياسية التي شاركت في التظاهر في الشارع وفي إصدار مواقف مؤسسة ومبدئية، سواء منها ما كان على مستوى الحزب أو كان على مستوى الرأي الفقهي الشرعي الذي أصدره فضيلة العلامة الشيخ محمد الحسن ولد ددو في ذلك التاريخ.
أخبار نواكشوط: البعض يؤول طريقة ردكم بتهديدات تلقيتموها من بعض المجموعات "السلفية الجهادية" ما مدى صحة ذلك؟
محمد غلام: نحن يصدق فينا قول الشاعر:
إنا بنو الحرب لا نخشى غوائلها
لو جرحتنا بأنياب وأظفار
لسنا من نهاب الموت ولا من يخشى لقاء ربه سبحانه وتعالى، ونؤمن بأن الأعمار مكتوبة وبأنها موقوتة وقتا لا يمكن أن تتأخر عنه، ولكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب، ومن يوقن يقينا كهذا لا يعنيه شيئا في تهديد الناس، فعلا نحن نسمع ما يقال لكننا مستعدون لأن ندفع ضريبة موقفنا، فنحن نؤمن بكل وضوح أنه لا يجوز شرعا ولا واقعا ولا سياسيا ولا مصلحة، بأن تقطر قطرة دم لأي موريتاني ولا لأي معاهد على ثرى موريتانيا، ونعتقد أن أي إطلاق للنار داخل هذه الأرض هو تهديد للأمن الوطني، ليست رصاصة تطلق على هذا المهاجر أو هذا الداخل أو هذا الأجنبي، ولكنها رصاصة تطلق على الأمن العمومي وتؤسس للفوضى، ويعنى ذلك أن من جملة الأفراد كل واحد منهم بمقدوره أن يأخذ سيفه وأن يدخل المعركة، وهذا ما يجعل الدولة لم تعد مصدر القوة المجتمعية التي ينبغي أن تضبط بها تصرفات الجميع ليؤسس ذلك لفوضى لا نراها شرعية، وقد قلنا ذلك بكل صراحة وعلنا، ونقوله في المجالس والمحاورات الجانبية وبفضل الله تعالى هذا الخطاب يجد له صدى حتى من لدن بعض تلك الفئات من الشباب، التي خيل إليها في لحظة من اللحظات أن الرغبة في الشهادة أو الجهاد في سبيل الله عز وجل، قد تكون مسوغا لدخول بعض المعارك التي لا نراها شرعية، ونعتقد أن فتوى الشيخ محمد الحسن ولد الددو أفادت كثيرا في هذا المجال، وهناك الكثير من الشباب المخلصين ممن كان يرون هذا الرأي فعادوا عنه بعد ما تأكد لديهم عدم جوازه شرعا وواقعا.
أخبار نواكشوط: دأبت السلطات الرسمية على تسمية الأحداث الأخيرة بالإرهاب هل توافقونها على هذه التسمية؟
محمد غلام: أنا كمراقب ومشارك في الأيام الأخيرة لسقوط النظام الأسبق، لا يسعني إلا أن أشيد بما يشاهد من تؤدة في تصرفات إدارة أمن الدولة في عدم أخذها للناس بالجملة، وفي عدم اعتقال كثير من الأشخاص الذين لو لم يكن هنالك قدر من المهنية والاستعداد لتم إلقاء القبض عليهم والزج بمجموعات أكبر منهم في السجون، أشيد بمثل ذلك التروي، ومن جملة ما أشيد به في هذا المجال هو عدم دخول الإعلام في مواجهة شاملة مع الدين ومع المتدينين، وتصوير ما يحصل بصورة حقيقية، ألا وهي فعلا أعمال إجرامية قد تدخل بشكل أولي في أعمال الإرهاب وهذا موقعه، ولكن حرص الجهات المعنية أن لا تجعل موريتانيا أرضا وموطنا للإرهاب، وأن لا نعلن أن هذا البيان رقم واحد وبأن موريتانيا أصبحت قاعدة للإرهاب وهي ليست كذلك، أعتقد أن هذا التحفظ تحفظ في موطنه ومكانه.
أخبار نواكشوط: يضم التيار الذي تمثلونه العديد من العلماء وأصحاب الفكر والرأي، لماذا لا تفتحون حوارا مع المجموعات السلفية التي تقوم بمثل هذه الأعمال؟
محمد غلام: أنا أتحفظ على إعطاء هذه الأعمال الإجرامية الخارجة عن الشريعة والقانون، صبغة سلفية، فكلمة السلفية هي كلمة تاريخية وتعنى السلف الصالح، أي العصور المزكاة، وحتى إذا ذهبنا بها إلى المصطلحات المعاصرة فإنها تعنى جماعات من أمثال الشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيره، ممن كانوا يبحثون عن العصر الذهبي للسنة، بمعنى فقه الحديث والاتجاه إلى الأصول، وليس فقط الفروع والتبصر إلى آخره، ولذلك قد يكون هنالك سلفيون لا يرون التقليد جائزا مثلا، أو تكون لديهم الكثير من التحفظات يخالفوننا فيها، مثلا في مهادنة التصوف، أو في التعاطي مع أي لون من ألوان التصوف، فمثلا نحن نستفيد من السلفية ومن التصوف، وقد يكون هنالك من لا يرى أن هذه القواسم المشتركة التي نراها نحن موجودة بين السلفية والتصوف، ومن حقهم أن يرو ذلك، وهذا الخطاب له شخصيات تاريخية كانت موجودة في موريتانيا من أمثال محمد الأمين الشنقيطي، المعروف باسم آب ولد اخطور، ولمجيدري ولد حبله وغيرهم، وهم أعلام هذا البلد وأعلام العالم الإسلامي، ولا أعتقد أبدا أن السلفية وصف صادق على الأعمال التخريبية والإجرامية التي تستحل النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولذلك أتحفظ على وصف هؤلاء بالسلفية، وأرى أن السلفية ينبغي أن تبقى بعيدا عن هذا، أما بالنسبة لسؤالك فهنالك حوارات كثيرة نجريها أحيانا خدمة للدين وللوطن وتؤتي بحمد الله أكلها، وهي بعيدة عن وسائل الإعلام في حالات كثيرة، الناس يأتون مستفتين لؤلئك العلماء سواء كان للشيخ محمد الحسن ولد الددو الذي يتعلق بعضهم برقبته، ويقول يا أيها الشيخ أجعل روحي في رقبتك إذا لم تدلني على مكان لأموت فيه، ورغم ذلك ما يزال به الشيخ حتى يصبح عضوا فاعلا في المجتمع، وقد تجد له بعد ذلك بنين وبنات، وقد تجد له محلا وقد أصبح يعمل به، كما تجده عضوا نشطا وفاعلا في المجتمع، وأيضا مصلى ومزكي ومستقيم، وقد كان بالإمكان أن يصبح شظايا انفجار يتطاير هنا وهناك، لولا تلك اليد الحانية التي تلمسه وتحاوره، إن مشكلة هذا النزق الفكري الطارئ أن أهله أصلا ليسوا أصحاب ترو ولا تقدير، حتى للعلماء وذلك أن شيخهم هو شيخ جديد على ساحة العلم والعلماء، شيخ اسمه الانترنت، فلأسف هنالك مواقع تدرب كثير من شباب المسلمين على "السادية" وعلى فقد الإحساس وعلى استحلال ذبح الناس والاستمتاع برؤوسهم وهي تقطر دما، وكأن هنالك عمليات تدريب على الإجرام تتم من خلال الانترنت، ومن خلال الكثير من الدوائر، حتى يصبح ضحية، وليس مستعدا أصلا لفتوى ولا للتعاطي مع العلماء.
أخبار نواكشوط:يعتبر التيار الإسلامي هو المسيطر على النقابات التعليمية هل يمثل توقيت الإضراب الذي شنته هذه النقابات، فتحا لجبهة جديدة ضد النظام الداخل لتوه في معركة مفتوحة مع السلفية القتالية؟
محمد غلام: نحن ندفع فاتورة الوسطية بين أطراف مقربة من السلطة التي تحملنا مسؤولية الإضرابات، وهنا نجد الاستمرار في اعتقال ثلاثة من أساتذة التعليم العالي رغم مرض أحدهم والذي نسأل الله تعالي له الشفاء، استمرار اعتقالهم لحد الساعة، كما قيل من أجل إيذائنا نحن لإيجاد رابط بيننا وبين ذلك الحادث الطبيعي العادي الذي وقع لسيارتهم عند بوابة السفارة الفرنسية، وهؤلاء الإخوة لحد حديثي معك مازالوا في المعتقل، ويقال أن المطلوب من ذلك هو ترويضنا نحن وإشعارنا أن بالإمكان أيضا أن نؤذى من جديد، ويقال كذلك إن التعاطي الايجابي لجهة الوصاية مع الانقلاب الذي حصل على الأخت ياي أنضو في تفرغ زينة، يأتي أيضا في هذا السياق من أجل قضية النقابات، ونحن قلنا بشكل صريح إن هذه النقابات وإن كان يوجد فيها مقربون لهذا الحزب أو ذاك، إلا أنها نقابات لها هيئاتها ومجالسها لوحدها، قد لا تنسجم مع الحزب في خطوطه العامة وفي سياساته المفترضة، هي ليست جهات سياسية في أدائها السياسي، وإما هي جهات نقابية تبحث عن حظوظ ومطالب مادية ومهنية في الغالب لأفرادها، ولذلك لم تستشرنا أصلا عندما اتخذت قراراتها، وبالتالي لا نتحمل أية مسؤولية في ذلك، وما نستطيع أن نؤكده هو أن أيا من هذه النقابات لنا عليها بعض التأثير عندما تحل مشاكلها النقابية، لن يوجد فيها استعصاء، لأنها ليست لديها مطالب سياسية، وإنما هي مطالب نقابية فقط، وكذلك هنا أشيد بما قامت به وزيرة التعليم من تعاط مسئول يشرف البلد، وذلك حين أعلنت أن هذه إضرابات مشروعة، وأن تكون الإدارة بمسافة عن تدخلاتها السافر المعتادة تاريخيا، وهذا أرجوا أن يوفر جوا للتعاطي الايجابي بين الشغيلة الموريتانية والإدارة، ولا تنسى أن من يضربون، إنما يضربون في أجواء ديمقراطية ينعم بها البلد، وفي ظل دستور يضمن ويقبل ويحصن حقوق الإضراب والمضربين.
تاريخ الإضافة: 14-06-2008 23:13:17 |
القراءة رقم : 1050 |