اضغط هنا

عشرات النسوة يعتصمن أمام القصر الرئاسي ويطالبن بإنهاء معاناتهن بعد أن هجرن قسرا من مساكنهن   السلطات القضائية في نواذيبو تتلف 2 طن من المخدرات   انقطاع التيار الكهربائي في نواكشوط يخلف خسائر ما دية كبيرة "تقرير موسع"   الجالية الموريتانية في الغابون تستغيث بعد نهب ممتلكاتها وتعرض أفرادها للخطر   اعتقال إمام مسجد في أطار ونقله إلى نواكشوط   الإعلان في نواذيبو عن ميلاد منتدى الفكر والدعم للإتحاد من أجل الجمهورية   انقطاع التيار الكهربائي يسبب أزمة مياه في نواكشوط   الوزير الأول يتفقد محطات كهربائية في نواكشوط لمعرفة أسباب انقطاع الكهرباء   ولد داداه يعرب للمتضررين من الأمطار فى العاصمة عن مؤازرة "التكتل" لهم   في الغابون: نهب محلات تجارية مملوكة للموريتانيين  
البحث

الجريدة
الموقع القديم
مقابلات

ونا تنشر أول حوار صحفي موريتاني مع الأديب الراحل الطيب صالح

اضغط لصورة أكبر

قبل خمسة عشر عاما من الآن، التقى الزميل سيدي ولد الأمجاد بصاحب موسم الهجرة إلى الشمال الذي رحل عن دنيانا قبل أيام وأجري معه هذا الحوار الشيق الوحيد الذي نشر في نواكشوط وذلك في صيف عام 1993 بالعاصمة السعودية الرياض على هامش مهرجان الجنادرية الثقافي الثامن، وقد نشر هذا الحوار بالملحق الأدبي في يومية الشعب خميس أربع محرم 1414 الموافق 24يونيو 1993 وهذا نصه:


الأديب السوداني الطيب صالح:
لست من الذين يؤمنون بأن ثمة أزمة في الثقافة العربية
الطيب صالح أديب عربي كبير ذاع صيته في العالم وعرفه الكثيرون من خلال روايته المشهورة "موسم الهجرة إلى الشمال"، التي قرأها الكثيرون في موريتانيا وأحبوا من خلالها أديب العربية: الطيب صالح
والطيب صالح بثقافته العربية الواسعة وتواضعه الجم ونشاطه الدائب كثيرا ما يعتذر عن اللقاءات والمقابلات، لكنه وهو الذي أحب موريتانيا والموريتانيين وزارها بعد شوق دفين حتى وطأت قدماه أرض شنقيط، هذا الطيب الصالح كان حفيا كعادته بموريتانيا فجلس مع جريدة "الشعب" في مقر إقامته بالرياض وفي جو الألفة والمحبة دار هذا الحوار:
الشعب: إذا أردنا أن نبدأ الحوار مع الأديب الطيب صالح فإنه قد يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: إذا طلبنا منك أن تقول شيئا عن نفسك وعن انشغالاتك فبماذا ترد؟
الطيب صالح: أنا الآن مشغول بقضية الأمية في العالم العربي في نطاق منظمة اليونسكو وقبل ذلك كنت أعمل في المنظمة ممثلا لها في منطقة الخليج وكنت مستشارا إقليميا للإعلام والاتصال وعملت في دولة قطر ، وصدرت بعض أعمالي منها" عرس الزين" و"موسم الهجرة إلى الشمال"و"ضو البيت" و" مريود" و"دومة حامد".

الشعب: يا أستاذ الطيب صالح بالنسبة لواقع الثقافة العربية اليوم هل ترون أننا نشعر بأهمية مستوانا الثقافي عموما؟ أم أنكم ترون أن الثقافة العربية ما زالت متخلفة عن مواكبة حركة الفكر والأدب بصفة عامة؟
الطيب صالح: حركتنا الثقافية ليست متخلفة عن مواكبة ركب الفكر، بمعني أن ما ننتجه من ثقافة في مستويات عالية في أحيان لا تقل عن المستويات التي تنتج في بلاد أخرى، عندنا رواية ومسرح... وفكر ونقد، أنا حقيقة لست من الذين يؤمنون بان ثمة أزمة في الثقافة العربية، كثيرون يطرحون هذا السؤال يقولون: فيه أزمة أنا لا أرى أن هناك أزمة، هناك مشاكل هناك صعوبات، صعوبات في وصول الكتاب العربي، تنقله من بلد إلى آخر، الهامش المتاح للتعبير... لكن عندنا أزمة لا أعتقد ذلك.
أما إذا كان السؤال هو: هل أدبنا وفكرنا يصل إلى ناس آخرين، هذه قضية أخرى ولكنها ثانوية في واقع الأمر لأننا نحن نتج أدبا وفكرا لقومنا بالدرجة الأولى وفي المقام الأول، نحن لا ننتج لإرضاء خواطر الآخرين، الناس طبعا مشغولون بأوربا وأمريكا وهذه البلاد ويحسون أنه إذا لم يعترف الغرب بما نفعله في هذه الأماكن المتحضرة في نظرهم فإنما نفعله ليس مهما هذا ليس صحيحا بمعاييرنا نحن الذاتية، أظن أن ما ننتجه من أدب وفكر وفن لا بأس به ويبشر بمستويات أحسن.

الشعب: الأستاذ الطيب صالح انطلاقا من موقعكم كأديب سوداني كيف ترون خارطة الأدب السوداني اليوم ومنزلته في إطار الأدب في إفريقيا؟ وفي العالم العربي، وهل هناك أدب افريقي بمعنى الكلمة؟
الطيب صالح: هذه أسئلة كثيرة في سؤال واحد، نأخذ الأدب السوداني، الأدب السوداني قديم كما هو الشأن عندكم في موريتانيا. يمكن الشعر عندنا وعندكم أقدم من الرواية وعندنا شعراء كبار يضيق الوقت عن ذكرهم جميعا، لكن يمكن أن نذكر لك من المعاصرين محمد المهدي المجذوب، هذا من الشعراء الكبار حقيقة وهو ابن عم عبد الله الطيب المجذوب، عبد الله الطيب عالم في اللغة، لكنه يكتب الشعر، يكتب شعرا عموديا رصينا وعندنا صلاح أحمد ابراهيم، وعندنا الفيتوري، عندنا تاج السر الحسن، عندنا محي الدين فارس.

الشعب: والتيجاني يوسف بشير شاعر مبدع
الطيب صالح: التيجاني يوسف بشير هذا من شعراء الثلاثينات وهو شاعر متقدم جدا في زمانه، التيجاني يوسف بشير صدر له ديوانه الوحيد " إشراقة" منذ أكثر من ستين عاما وكان في ذلك الوقت من الشعراء المتقدمين على مستوى العالم العربي، يقاس النيجاني يوسف بشير بالشابي مثلا، القضية هي أن السودانيين مثل ما هو عندكم في موريتانيا يشكون من عدم اهتمام المشرق العربي بهم خصوصا في الحواضر الكبرى للمشرق ، المشرق لا يعرف أدبنا ولا يهتم به .
هذه أيضا قضية مرهونة بالزمن، مرهونة بجهد الناس الذين ينتجون الأدب فعليهم أن يدفعوه إلى الآخرين، ومرهونة بحدوث وعي أكثر في العالم العربي، فلازم أن يكون هناك إدراك لما يجري في الساحة العربية على وجه العموم.

الشعب:إذا تناولنا الآن أعمالكم الأدبية والنتاجات التي لازلتم تواصلون تقديمها إلى الساحة الثقافية كيف نستطيع طرق هذا الموضوع من باب الانشغالات الأساسية التي استحوذت على اهتمامكم وخصوصا في روايتكم المشهورة "موسم الهجرة إلى الشمال"
الطيب صالح: طبعا، المجال الآن لا يتسع لأخوض بعمق في هذا الموضوع، لكن أقول لك على وجه الاختصار أنا مشغول مثل غيري بقضايا تواجهنا جميعا كعرب وكمسلمين خرجنا من فترة ركود طويلة وتبعية والآن نواجه العالم ونحاول أن نجد مكاننا في هذا العالم، أن نحل مشاكلنا داخل بلداننا أن تستقر أوضاعنا السياسية، أن نصنع تنمية، أن تكون لنا هويات متكاملة وبعد ذلك ننخرط في سلك العالم نأخذ ونعطي.. فأنا مشغول بهذه القضايا، مثلا رواية "موسم الهجرة" كما يقال كثيرا فقد عالجت فيها قضية المواجهة وقد نقول الصراع بين الحضارة العربية الإسلامية والحضارة الغربية وأشياء أخرى.
في" مريود" و"بندر شاه"و"ضو البيت" التي هي بعنوان "بندر شاه" أعالج المخاضات العسيرة التي يمر بها المجتمع في سبيل تحقيق ذاته، في سبيل علاقة المجتمع بالحاكم، وعلاقة الماضي بالحاضر وهكذا

الشعب: العلاقة بين الأدب والإعلام، هل الأدب والإعلام صنوان أم غير صنوان مثلا، نلاحظ أن الكثير من الأدباء في العالم العربي اليوم مروا بمحطات انشغلوا فيها بالمجال الإعلامي، وأنتم عملتم لفترة بهيئة الإذاعة البريطانية وكنتم تشتغلون خبيرا في مجال الإعلام، وزرتم موريتانيا في هذا الإطار كيف تحددون العلاقة بين الأدب والإعلام؟
الطيب صالح:من ناحية الشخص المعني سواء كان رجل إعلام أو رجل أدب، مقتضيات كل من هذين مختلفة، الإنسان إذا كان يعمل في الإذاعة، فإن منطق وأسلوب العمل والعلاقة بالمؤسسة الإعلامية هذا يختلف عن أسلوب وطريقة الأديب، لأن الأديب في الغالب يعمل بمعزل وليس في مؤسسة بشكل دائم، من ناحية المحتوى هناك علاقة واضحة طبعا، لأن الإعلام ليس مجرد دعاية ولسوء الحظ نحن فهمنا الإعلام لفترة طويلة بأنه دعاية تدعو إلى سلعة، تدعو إلى مؤسسة وهذا أسلوب فاشل وأكيد أنه فاشل ولا قيمة له، الإعلام المفيد هو الذي يقدم محتوى عميقا يتصاعد معه الناس من يوم إلى يوم وعلى المدى الطويل ، الآن القضية أصبحت قضية الثقافة.
الناس الآن يتحدثون عن الثقافة وليس عن الإعلام ، الإعلام يعتبر الآن رافدا من روافد الثقافة وبطبيعة الحال الأدب يعتبر جزء من المجهود الثقافي .

الشعب: هناك علاقات تاريخية بين بلاد شنقيط قديما "موريتانيا" حاليا وبين السودان، فقد كانت القوافل قوافل العلماء وقوافل الأدباء تنتقل ما بين منطقة شنقيط والسودان، وكانوا يرددون أهازيجهم في الطريق وأشعارهم تعبيرا عن هذا التلاقي الحضاري والحوار الثقافي العميق بين السودان وبلاد شنقيط، هل لكم إشارات يا أستاذ الطيب صالح في هذا السياق؟
الطيب صالح: أكيد أنا حين زرت مدينة "شنقيط" وموريتانيا بالمعنى الواسع وأنا دائما أقول يا ليت أهل موريتانيا عادوا إلى هذا الاسم القديم وسموها "شنقيط" لأن بلادنا نحن أيضا كان لها اسم قديم.

الشعب:نقول الجمهورية الشنقيطية مثلا؟
الطيب صالح: جدا، لأن شنقيط معروفة أكثر من غيرها في العالم العربي والإسلامي، وموريتانيا اسم عام أطلقه المستعمرون، كما أطلقوا علينا اسم السودان، نحن لنا دولة قديمة اسمها "سنار" فإذا قيل السودان، الناس يخلطون ما يسمى بين سودان وادى النيل أي دولة سنار عندنا وبين السودان على إطلاقه أي بلاد السود من مالي إلى السينغال وهكذا علاقات الشناقطة أو الموريتانيين بافريقيا معروفة، إنهم هم الذين بذلوا أكبر الجهد في نشر العروبة والإسلام في غرب أفريقيا.
العرب دخلوا السودان كما دخلوا موريتانيا وفي نفس الوقت الذي جاء فيه العرب إلى موريتانيا جاءوا أيضا إلى السودان وجاءوا ليرسخوا الثقافة العربية بطبيعة الحال، نحن أقرب إلى الجزيرة العربية، جاءتنا هجرات من بلاد شنقيط وجاء علماء، العلماء جاءوا إلى بلاد سنار ، وفي زمن دولة سنار ، لأنه في زمن دولة سنار كان الحكام يشجعون العلماء، فكان العلماء يجيئونهم من شنقيط، ومن فاس، ومن بلاد الشام، ومن مصر، ومن العراق، فجاء علماء شناقطة كثيرون وعندنا في السودان أسر كثيرة شنقيطية عاشت بين ظهرانينا كريمة عزيزة، إنما كما بدأت حين زرت موريتانيا لأول مرة أحسست أن هذه البلاد هي في واقع الأمر توأمة حقيقية للسودان كما يعرف الآن.
بالضبط موريتانيا والسودان حذوك النعل بالنعل كل شيء متشابه تماما.

الشعب: مظاهر التشابه موجودة أساسا في العادات والتقاليد وفي الأزياء "العمامة" مثلا.
الطيب صالح: تماثل تام بيننا وبينكم فالعلاقات قديمة.

الشعب: التقيتم بالعلامة الموريتاني محمد سالم ولد عدود وسألتموني عنه، كيف كان هذا اللقاء وأين تم؟
الطيب صالح: (يضحك كثيرا) كان هذا اللقاء في الخرطوم في أول مرة، وكان حينها وزيرا للثقافة والتوجيه الإسلامي، نحن عقدنا مؤتمرا عام 1986 ، كان مؤتمرا كبيرا لليونسكو حول سياسات الاتصال.. التقينا بهذه المناسبة، وبطبيعة الحال الإنسان العربي عندما يلتقي عالما ومن موريتانيا بالخصوص بلد الشعر وبلد العلم لا بد أن يكون ذلك من أسعد اللحظات، أذكر أنه شرح لي بيتا لامرئ القيس، إن ولد عدود شاعر وعالم جليل حقيقة، وبيت امرئ القيس الذي شرحه لي هو:
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه
وأيقن أنا لاحقان بقيصرا
فكثير من الناس يعتقد أن الدرب هو الطريق، أي بكى صاحبي لما سرنا على الطريق، فمحمد سالم قال لي:"الدرب هو الحدود الفاصلة بين بلاد العرب وبلاد الروم"، وطبعا هناك تفسيرات أخرى أن الدرب مكان بعينه لأن المتنبي يقول:
لقيت بدرب القلة الفجر لقية
شفت كمدي والليل فيه قتيل
فهنا درب القلة مكان بعينه، إنني أكن احتراما كبيرا للعلامة محمد سالم ولد عدود، فقد جالسته كثيرا ورأيته بحرا يتلاطم من اللغة العربية، وما دمنا قد ذكرنا ولد عدود، أنا لي صداقات عميقة مع عدد من الإخوة الموريتانيين ... زاملت في الدوحة ـ وأنا كما قلت لك ممثل منظمة اليونسكو في الخليج ـ زاملت الأستاذ المرحوم عبد الله ولد أربيه، تصادقنا أحسن صداقة وشهدت وفاته المحزنة.
عبد الله ولد أربيه أفادني كثيرا كان من الحفاظ للأدب واللغة، وأنا أقدره تقديرا لأنه نبهني إلى الشاعر ذي الرمة لكنني شخصيا لم أكن أعتني بشعره كثيرا، عبد الله ولد أربيه كان يحب شعر ذي الرمة وكان يحدثنا عنه دائما، ومن أصدقائي السفير محمد محمود ولد ودادي، وحين زرت موريتانيا كان وكيل وزارة الإعلام آنذاك الأستاذ أبن ولد ابن عبدم، الذي هو الآن مدير الوكالة الموريتانية للأنباء، هذا الرجل رجل فاضل ومحترم أكن له شخصيا احتراما شديدا وأرجو بمناسبة هذه المقابلة الشيقة أن تبلغوه تحياتي وسلامي.


الشعب: الطيب صالح هل هو شاعر يكتم شعره؟
الطيب صالح: لا. لا أنا عمري ما كتبت الشعر إطلاقا وبالتالي لست شاعرا.

الشعب: من خلال اطلاعكم على الشعر العربي هل تعتقدون أن واقع الشعر العربي اليوم في مستواه المأمول والمطلوب هو بخير .. أم أن البعض الذي يقول إن هناك أزمة ليس في الثقافة العربية وإنما في الشعر خاصة من خلال إشكالية الحداثة ورهبانية الأصالة، هل هذا البعض من الناس على صواب؟
الطيب صالح: يا أخي العرب في هذه الأيام مغرمون بخلق أزمات مفتعلة نحن عندنا أزمة واحدة وكبيرة وكل واحد يدركها شاء ذلك أو أبى، المهم بعض الناس ينتج شعرا حسنا وبعضهم الآخر ينتج دون ذلك المستوى.
ونحن نستطيع أن نميز بين الشعر الممتاز والشعر العادي، لكن أنا لا أحب أن أخوض في قضايا الحداثة وهل الشعر الحديث أحسن أم الشعر القديم.
هناك شعراء أنا أحبهم وأقرأ لهم دائما وأحفظ شعرهم، بالصدفة أغلب هؤلاء الشعراء من الجيل القديم، مثل المتنبي وأبو العلاء المعري وأبو نواس والشعر الجاهلي، لكن أحب أيضا بعض الشعر الحديث وفيه الحسن الجيد، ونحن في مهرجان الجنادرية الأخير استمعنا إلى شعر رائع مثل شعر فاروق شوشه ويمكن أن أذكر من الشعراء المحدثين المعجب شخصيا بهم الشاعر محمود درويش والشاعر نزار قباني.


الشعب: وإذا سألناكم عن الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهرى؟
الطيب صالح: الجواهرى شاعر عظيم قرأت شعره وحضرت له يلقي من شعره في مدينة الدوحة، شعره رصين وقوي جدا ويمثل تيارا في الشعر العربي اليوم.
وأذكر لك مثلا أن الشاعر بدوي الجبل شاعر فحل بالنسبة لي وكذلك الشاعر السوري عمر ابو ريشه رحمه الله.


الشعب:عندنا في موريتانيا تلعب المرأة الموريتانية دورا كبيرا في مجال نهضتنا الثقافية بل إن لدينا أديبات وشاعرات أصبح لهن وزن كبير في الساحة مثل الشاعرة الكبيرة باته بنت البراء التي صدر لها مؤخرا ديوان شعري مطبوع في انواكشوط بعنوان: "ترانيم لوطن واحد" والشاعرة خديجة بنت عبد الحي التي تعمل في وزارة الثقافة، كيف تنظرون إلى مسألة دور المرأة في حركة الشعر العربي ؟
الطيب صالح: أبعدني يا أخي من هذه القضايا ـ و يستغرق في الضحك ـ
الشعر النسائي والأدب النسائي منذ الخنساء وليلى الأخيلية
أنت تعرف أن الخنساء هي التي قال لها النابغة في سوق عكاظ: لولا أن هذا الشاعر أنشدني قبلك لقلت إنك أشعر من في هذا الموسم، من الناحية النظرية لا يوجد أي سبب يمنع "سيدة أو امرأة بالتعبير العربي الفصيح.. لأن كلمة سيدة استعمال طارئ وجديد ليس هناك سبب يحول دون إبداع المرأة لشعر أو أدب رائع أو ‘نتاج رواية عظيمة مثلا، يقولون عن النساء لا يستطعن إنتاج فلسفة معينة ولذلك أنا كما قلت لك إذا رأيت الشيء الجيد اعتنيت به ولا يهمني المصدر أرجلا كان أم امرأة.
يعني أنني لا أتعمد أن اقرأ للرجال فقط ـ ويضحك في الأخيرـ

الشعب:مشكلة الأمية التي تشغل بالكم والتي تتابعونها منذ زمن بعيد، ما النتائج التي توصلت إليها في هذا المجال، كيف تدركون خطورة هذه الأمية في العالم العربي؟
الطيب صالح:في العالم العربي بالذات الأمية هي أخطر قضية يمكن أن نواجهها ومنظمة اليونسكو والمنظمات الدولية اهتمت بهذا الموضوع واضح جدا كما يكتب في الدراسات ويقول الخبراء إن العالم العربي لن يستطيع أن يحدث تنمية حقيقية، أو أن يحقق نهضة أو أن يتواصل مع العالم إلا إذا حل مشكلة الأمية وأنا معني بهذا ومعني على وجه التحديد بالدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في قضية محو الأمية، ويؤسفني أن أقول إن هذه الوسائل في العالم العربي لا تولى هذه القضية الاهتمام الكافي.

الشعب:في هذا المجال نحن لدينا في موريتانيا مؤسسة بل وزارة هي كتابة الدولة المكلفة بمحاربة الأمية وبالتعليم الأصلى، هل ترون أنه من الضروري أن تكون أجهزة رسمية بهذا المستوى في العالم العربي لتقويض ثقل الأمية وتنوير الشعوب بخطورتها؟
الطيب صالح: إن المستوى الإداري الذي تخلقه الدولة لمحاربة الأمية هو مؤشر حقيقي على مدى اهتمامها بهذه الظاهرة،، هناك بلاد عربية أنشأت مجالس عامة وهذا الأسلوب بدأ يتبعه البعض الآن ، مجالس قومية متخصصة، إلى آخره . لكن على أية دولة عربية أن تقوم بما يلي:
1ـ أن تعترف بوجود الأمية فيها، هناك دول كثيرة عربية لا تريد أن تعترف بمدى تغلغل الأمية داخل مجتمعاتها، وهذه هي الإشكالية، مثلا تكون فيها نسبة 60في المائة من الأميين يقولون لك 20 في المائة فقط .
2ـ أن تخصص الإمكانات المادية والبشرية والمالية لمحاربة الأمية
3ـ أن تجند الشعب نفسيا أو فكريا حتى يكون مؤهلا لنجاح هذه العملية الهامة والتي لا غنى عنها بالنسبة للتقدم في جميع المجالات.
وهناك تجارب موفقة في العالم العربي بالنسبة لمحو الأمية مثل تجربة العراق وتجربة تونس...االخ
وإذا كنتم في موريتانيا مدركين لخطورة الأمية ومعتنين بحلها فهذا يا أخي يسعدني تماما كعربي أولا وكخبير في منظمة دولية ثانيا.
وأرجو أن أزور موريتانيا للمرة الثانية حتى أقف على هذا النجاح وهذا التقدم الذي أعتز به كثيرا

الشعب: نعود إليكم ولا نمل من الحديث رغم ارتباطاتكم الكثيرة هذه الأيام في مدينة الرياض، ونود أن نتكلم عن دوركم حاليا في الأدب العربي وكيف شكلت الغربة محطة معينة في حياتكم فقد عشتم لفترة خارج السودان وخارج العالم العربي، حتى أصبحت ظاهرة الغربة تميز فئة واسعة في الشارع العربي المثقف، بماذا تحيلكم هذه المحطات والمطارات: لندن ـ باريس، وهذه العواصم والمدن المختلفة الباردة إلى درجة الصقيع والساخنة إلى درجة الغليان ليس في المناخ الطبيعي وإنما في المناخ الثقافي والعلمي والحضاري؟.
الطيب صالح: يا أخي أنت تسألني أسئلة معقدة وتريد وقتا وأنا ليس عندي وقت.
معايشة البيئات المختلفة مفيد جدا للكاتب وللمثقف اليوم، أنا شخصيا استفدت كثيرا من حياتي في انكلترا ولعلي اطلعت بتعمق على الأدب الإنكليزي وعلى أساليب العيش، كذلك في باريس عشت فترة من الزمن حتى في العالم العربي أنا دائما أقول يا ليت الإنسان استطاع أن يقضي عاما على الأقل في كل بلد عربي ليتعرف على البيئة.
أجري المقابلة سيدي ولد الأمجاد

 

تاريخ الإضافة: 22-02-2009 19:02:55 القراءة رقم : 2942
 الصفحة الرئيسية
 الأخبار
 قضايا و آراء
 تقارير
 مقابلات
 من نحن؟
 مابسي
 روابط
 اتصل بنا
 خارطة الموقع
 البريد الألكتروني
 الموقع القديم

عدد الزوار:18381897 جميع الحقوق محفوظة مابسي © 2009