أحداث كيدال تؤجج المشاحنات السياسية في باماكو، فهل تقنع الأطراف بحل تفاوضي؟
سيدي ولد جدو، صحفي في إذاعة نواكشوط
اندحرت القوات المالية التي شنت، الأربعاء الماضي، هجوما بهدف استعادة السيطرة على مقر ولاية كيدال الذي سقط قبل ذلك بيومين في يد الحركات الانفصالية (الحركة الوطنية لتحرير أزواد، والمجلس الأعلى لوحدة أزواد والحركة العربية الأزوادية). وقُتل في المواجهات ثلاثون جنديا ماليا على الأقل إلى جانب العشرات من الجرحى والأسرى.
هذا الوضع الميداني، بدأ يذكي الجدل ويثير التساؤل عن الجهة المسؤولة عن إطلاق العملية العسكرية التي باءت بفشل ذريع حيث تنفي الحكومة المالية إصدار أي أمر للجيش بشن هجوم وتعلن في نفس الوقت تشكيل لجنة تحقيق لتحديد المسؤولين عن هزيمة الجيش في كيدال، الأربعاء الماضي.
الفاعلون السياسيون في مالي يجمعون على خطورة الموقف في كيدال لكن أصابعهم تختلف اتجاهاتها عندما تشير إلى المسؤولين عن جر البلاد إلى معركة لم تحسن لها العدة في ظرف حرج ومعقد من تاريخها.
المرشح الخاسر في الشوط الثاني من انتخابات الرئاسة المالية التي جرت العام الماضي، ورئيس حزب المعارضة الرئيسي، الاتحاد من أجل الجمهورية والديمقراطية، سومايلا سيسي، يرى أن إصدار السلطات المدنية للأوامر من عدمه لا يهم بقدر ما يتعين على المسؤولين المباشرين تقديم استقالتهم وفي مقدمتهم الوزير الأول، موسى مارا، الذي أثارت زيارته لكيدال في 16 مايو الجاري.
ويضيف وزير المالية السابق، "إن استقالة الوزير الأول تمليها الأعراف الجمهورية" بعد العملية التي "لم يتم الإعداد لها ولا إحسان تدبيرها" لا سيما "أنها أفضت إلى سقوط عشرات القتلى".
من جانبها، تتبنى الأغلبية الرئاسية، بطبيعة الحال، تفسيرات الحكومة التي تلقي باللائمة على اختلالات في أداء قيادة الجيش، حيث صرح شوغيل كوكالا مايغا رئيس الحركة القومية للتجديد (أحد أحزاب الأغلبية) بأن المسؤولية فيما حدث تعود للقيادات العسكرية داعيا إلى وحدة الصف والوقوف خلف قوات الدفاع الوطنية.
ووسط هذه التجاذبات السياسية، يقف المواطن المالي العادي حائرا إزاء التطورات العسكرية الأخيرة متسائلا عن الانكسار السريع لقوات الجيش النظامي رغم التكوين والعتاد والمساعدات التي تلقتها في الفترة الأخيرة من دول الاتحاد الأوروبي. كما أن الماليين ينتقدون موقف القوات الأممية والفرنسية التي لم تمد يد العون لجيشهم في حربه على الانفصاليين الذين لا تتردد باماكو في اتهامهم بالتحالف مع الجماعات المتشددة المرتبطة بتنظيم القاعدة.
هذه الحيرة ردت عليها الجهات المعنية، فمن نيويورك أوضح مسؤول العمليات في الأمم المتحدة، هرفي لادسوس أن قوات "مينوسما" ليست مهمتها المشاركة في القتال بل حفظ السلام وتأمين المدنيين. ومن فرنسا أوضح نواب في الجمعية الوطنية بجلاء أن قواتهم ليست في مالي للمشاركة في حرب أهلية.
ردود الأطراف السياسية الدولية المعنية بالشأن المالي على الأحداث الأخيرة لا تدع مجالا للشك في أنها ترفض العمل العسكري لحل قضية أزواد وتحث الجانبين على انتهاج طريقى الحوار فهل تساعد المعطيات الجديدة في الميدان والحياد الذي أظهرته قوات سيرفال ومينوسما إزاء الاشتباكات الأخيرة، في بلورة رؤية جديدة لدى حكومة باماكو وقيادات الحركات الأزوادية تعين على تسوية سلمية من خلال المفاوضات والعودة إلى اتفاق وغادوغو المرحلي؟.
تاريخ الإضافة: 2014-05-24 19:11:02 |
القراءة رقم : 5927 |