أساتذة التعليم الثانوي بين مشروعية الإضراب وأخلاقيات المهنة
سيد الأمين ولد باب
|
رغم عدم وجود تعريف قانوني دقيق ومحدد للإضراب ,فإنه يمكننا أن نعرفه على أنه: توقف جماعي مدبر ومتفق عليه من طرف العمال عن العمل ...وهو وسيلة وتعبير أخير عن الاستياء وضرورة القيام بشيء معين : تغييرا كان أتحسينا لشروط العمل ,و انطلاقا من مقتضيات ذلك العمل .وهو ضغط يمارسه العمال على صاحب المؤسسة, أو الموظفين على السلطات العمومية من أجل تحقيق الهدف الباعث على الإضراب,والذي يتعلق غالبا بمصالح العمال المادية والمعنوية التي يدفع تحسينها غالبا إلى المزيد من الجدية والتفرغ للعمل.أما أخلاقيات المهنة فهي ما يكفينا لتعريفها أيضا أنها: مجموعة السلوكيات التي يعيشها الموظف خلف الشعور أوهى الضمير المهني إن شئت .
مشروعية الإضراب :
يكفى إن يكون التوقف الجماعي عن العمل خاضعا للقواعد الشكلية والإجرائية المفروضة بمقتضى القانون والاتفاقيات الجماعية ,حتى يكون مشروعا ,وإن تكون غايته مهنية صرفة , ولأساتذتنا الكرام كما يعلمون الحق في الإضراب لتحسين أوضاعهم بصفة عامة ,والتى توصف بالمزرية إلى حد ما مقارنة بحال أمثالهم في القطاعات الأخرى .والحقيقة فإن هذا الإضراب قد استوفى كل الإجراءات القانونية والتحذيرية حسب النقابةsipes: حيث بدأت باعتصام ساعتين المرة الأولى يوم 03/02/08.والمرة الثانية يوم 14/02/08ثم إضراب مدة ثلاثة أيام 15ـ 16ـ 17/04/08 ثم الإعلان عن إضراب مفتوح, وتم العدول عنه بعد ذلك للإعلان عن إضراب مدته خمسة وأربعين يوما بدآ من 25/05/08فى تدرج أشبه ما يكون بالتحضير الجيد الذي يخفى وراءه اختبار القدرة على الاستمرار في إضراب طويل المدة كهذا الإضراب الذي تعتبره sipes الوسيلة الأخيرة للتعامل مع تهاون الإدارة وتعنتها القديمين حسب النقابة. لكن هذه الأخيرة جانبت الصواب في اختيار وقت الإضراب, وفى تصور أن العملية ذات جانبين فقط هما (النقابة من جهة ,والوزارة من جهة أخرى) .... وهو الأمر الذي جعل الإضراب يخرج عن المستوى الطبيعي ـ في ظل القانون ـ لما رفضت الإدارة التحاور مع نقابة مضربة.
و الإدارة التي نعنى هي ما يمكن أن نسميه مجموعة العناصر المادية والقانونية والظرفية المتاحة والممكنة المسخرة لتحديد وضبط وتحسين ظروف العمل والعامل في قطاع معين , وبالتالي فقد يتوفر مثلا العنصر المادي لحل مسألة معينة طرحت بإلحاح في وقت معين,ولكن ذلك لا يكفى لحل تلك المسألة, إذا لم تكن العناصر الأخرى موجودة, وكذلك العناصر الأخرى. في تلك الحالة يكون المتاح غير كافي في ذات الوقت ,ولكن الممكن للممكن هو فعلا متاح في وقت لاحق ,إذا لم تتعنت الإدارة.
الإضراب وأخلاقيات المهنة:
إن الإضراب الذي يهدف إلى مصلحة, وهو مهني في بعده الظاهر والخفي. حده الأعلى من النجاح هو : تحقق الأهداف المنشودة من وراءه ,وحده الأدنى هو أنه يصبح إنذارا للإدارة لوقف التهاون والتعنت الذي يطال حقوقهم في المستقبل .وهذا الإنذار حقيقة ليس حدا أدنى بل نجاحا باهرا,وأخلاقا مهنية عالية من حيث هو إتاحة فرصة ثانية للشريك ,حيث سيقوم هذا الأخير بعد ذلك بمحاولة تسوية المسألة محل الإشكال, والتي لو أراد تسويتها في ذات الوقت لما أمكنه ذلك بسبب نقص كل أو بعض العناصر السابقة, فالإضراب بهذا المعنى هو أخلاق مهنية عالية .من حيث هو إشباع لرغبة العبير عن الاستياء,والإحساس بقوة المعنى قانونيا, وفرصة للإشادة بضميره المهني النقابي والجمعي.
وإن الإضراب المشرع قانونيا إذا تجاوز حد التحذير, فإنه يصبح مواجهة, ويخرج بذلك عن دائرة أخلاقيات المهنة ويصبح صلفا في مواجهة صلف, وتعنتا في موجهة تعنت, وتصبح المواجهة لدى الرأي العام هي الهدف الأصلي للإضراب. الأمر الذي استوجب طرح السؤال: لمن هذه المواجهة ولماذا؟؟.
وهو ما يعطى للإضراب تفسيرات أخري ,قد لا تكون حقيقية, ولكن قولها تحقق. أساتذتي الكرام إن التلاميذ وآباء التلاميذ يكونون أطرافا في عملية الإضراب تلقائيا إذا تجاوز الإضراب مستوى التعبير التحذير,إلى مستوى التهديد والمواجهة كما حصل ,فهم وإن كانوا يحملون الإدارة مسؤولية سنة بيضاء كما أردتم بسبب عدم تلبيتها لرغبات الأساتذة المشروعة الذي دفعهم إلى الإضراب , فإن نهم يحملون الأساتذة أكثر من ذالك ;لأنهم وإن كانوا متساوون مع الإدارة في معرفة الأضرار الجسيمة التي ستنجم عن سنة بيضاء, إلا أنهم منفردون بشكل مطلق دون الإدارة بالقدرة التامة على تجنيب التلاميذ وآباء التلاميذ ذلك الضرر ; لو أنهم اختاروا وقتا لا يشمل فترة الامتحانات النهائية, وإن طال ,فمن أخلاقيات المهنة جبر الخاطر ودفع الضرر عن كل ذي صلة بالمهنة,وإن كان مصدر الأذى والضرر هو أحد الشركاء ,وذلك بشتى الوسائل, وإن بارتكاب أخف الضررين, والمتمثل حاليا حسب الآباء في صبر الأساتذة على ما يرونه استهزاءا وتجاهلا لهم من طرف الإدارة ,في الوقت الذي يخول لهم القانون الإضراب في أي وقت كما حصل. تلك القانونية أنست أساتذتنا الكرام ضرورة الالتزام بأخلاقيات مهنة التدريس معولين أولا على استجابة الإدارة لمطالبهم إذا قرأت في إضرابهم القدرة على الاستمرارية ,وذالك بعد إن تستنفد الوزارة كل الجهود لإنهائه , ولما لم يحصل ذلك واقترب وقت الامتحان أصبح خيار الاستمرارية المر مغرضا لحفظ ماء الوجه حسب sipes والأجدر حينها تعليق الإضراب وإجراء الامتحانات لكسب الرأي العام و تحميل الوزارة مسؤولية إضراب لاحق عن التدريس وإن طال إن هي لم تستجب للعارضة المطلبية للأساتذة التي ترى الوزارة أن أهم ما فيها وهو تنظيم الأسلاك ,والتحفيز المادية قد التزمت بهام وأن مسألتهما فعلا هي مسألة وقت حيث دخلت أولاهما فعلا حيز التنفيذ منذ تاريخ الالتزام بها وذلك بتشكيل لجنة لدراستها,قالت الوزيرة في الأيام الأولى من الإضراب بأن دراستها التي قامت بها ستقدم قريبا للوظيفة العمومية وهى خطوة متقدمة في سبيل تحقيق ذلك المطلب . لكنsipes لم تثق بذلك وظنتها مماطلة فصممت العزم وكانت النتيجة هي:
إما ضياع جهد متميز مشترك بين ثلاثة أطراف طيلة سنة كاملة , والنيل من الجهاز المشرف على العملية التربوية , وزعزعة الثقة به داخليا بتعقيم الأزمة الامتحانات النهائية من خلال التشكيك في نجا عتها,وخارجيا من خلال حجب الاعتراف عن شهادة الباكلوريا هذه السنة . والحقيقة أن كل ذلك لا حاجة لنا به أم أن هناك حاجة أخرى في نفس اليعاقيب ؟! و تعاطفا مع الأساتذة المتذمرين وقف السياسيون ومن الجميع توجس الآباء والتلاميذ و بان أن الاتفاقيات الجماعية والقانون المنظم للإضراب لا يحمى ولافترض أخلاقيات المهنة كما هو الأمر في القوانين الأخرى ,وتلك ثغرة تجب الإشارة إليها الآن
.Sidel 99@ Maktoob•com
تاريخ الإضافة: 14-06-2008 19:52:05 |
القراءة رقم : 204 |