في مساع لرأب الصدع: ولد أحمد الواقف يلتقي قادة الأغلبية .. وولد بلخير يلتقي البرلمانيين المتذمرين   "التكتل" يؤكد استمرار نوابه في مسعى إسقاط الحكومة.. و"التشاور" يطالب الرئيس بالحياد   القوى الجديدة للتغيير تطالب الرئيس بالحياد وتجدد دعمها لإسقاط الحكومة   عشرات النواب يتجمهرون في الجمعية الوطنية .. ويصرون على إسقاط الحكومة   سيارات تجوب شوارع العاصمة مساندة لرئيس الجمهورية   النواب الساعون لحجب الثقة عن الحكومة يهاجمون خطاب الرئيس .. و"ونا" تنشر نص بيان النواب   بعد لقاء الرئيس بالسفراء: النواب يشكلون لجنة للاتصال بالبعثات الدبلوماسية المعتمدة لشرح مواقفهم   الصحف الصادر هذ اليوم: الأزمة.. وآفاق الحل   تعيين مديرة مساعدة لديوان رئيس الجمهورية   مصدر برلماني : النواب مستمرون في عملهم الدستوري لإسقاط الحكومة  
البحث

الجريدة
الموقع القديم
قضايا و آراء

نحو تجريم "استغلال" الأساتذة...

اضغط لصورة أكبر
جمال ولد أحمدو

ليس لنا ولا للوزارة أن نشكك في شرعية الإضراب ولا في مشروعية الإقدام عليه والاستمرار فيه فتلك حقوق محسومة بنص القانون لاجدال فيها تماما كما لاجدال
أيضا في أن أوضاع الأساتذة الموريتانيين قد تدفع منظمات حقوق الإنسان ومحبي السلم إلى الانتصار لهم ومحاكمة البلد على " الاستغلال السيئ للأساتذة" ألا يستحق الأمر بالفعل مبادرة دولية موازية لتلك المبادرات ورزنامات القوانين التي تحارب " استغلال الأطفال " وتسعى إلى القضاء على " عمالة الأطفال"، أم أن آباء الأطفال ومعلمي الأطفال لايستحقون إلا النكد الذي تجرعهم مرارته الوزارة صباح مساء.

مبدأ الإضراب كما أسلفت إذاحق مشروع يكفله القانون وتقره النظم ويقبله العرف، سيما إذا كان لانتزاع حقوق سلبت أو كرامة ديست أو هما معا، ولا شك أن حقوق المدرسين عندنا مسلوبة وكرامتهم منتهكة وأعراضهم مستباحة فلقد ظلت رتبة المدرس طوال الفترات الماضية هي الرتبة الدنيا في السلم الوظيفي ولا يزال ذلك ساريا إلى اليوم، فإذا كان كبار المسؤولين في الدولة يحظون بأهمية كبيرة ويتقاضون رواتب معتبرة ويوضعون في ظروف خاصة فإن حظ المدرسين من كل ذلك هو الشقاء والحرمان والكد والتعب لإيصال المعارف لأجيال سمتها البارزة ضعف المستويات والقابليات، جيل يذكر بالتلميذ القديم الذي يعبر عنه معلمه قائلا:
أقول له عمرو فيسمع خالدا
ويكتبها زيدا وينطقها بكرا
أما إذا طالب المدرسون بأبسط حقوقهم تسد أمامهم الأبواب وينعتون بأشد النعوت ويوصمون بأبشع الألقاب فتارة خونة عديمو المسؤولية أنانيون غير واقعيين يسيسون العملية التعليمية ،ولسان حال الوزارة الوصية "إنما أنتم قطعان من السوام تساقون غصبا عنكم بعصا غليظة إلى مكان لا ماء فيه ولا كلأ.
إن صمت الحكومة المطبق تجاه الأزمة الحالية بين النقابات التعليمية والوزارة أمر مخجل وينم عن عجز تام وعدم مسؤولية فكيف يترك مستقبل جيل كامل تعقد عليه الآمال العراض في دفع عجلة التنمية في البلاد والرفع من مستوى خدمات البلد ، في يد وزيرة متهورة ومتعنتة ،أمر لا نفهمه ولا نراه إلا سياسة النعامة المشهورة.
يجب أن تأخذ الدولة ممثلة في رئيسها زمام المبادرة والمسؤولية وتتلافى الوضع حتى لا يصل إلى المستوى الكارثي الذي هو قاب قوسين أو أدنى منه،ويكون ذلك بـسحب الملف نهائيا من يد الوزيرة المتعنتة وفتح باب الحوارعلى جناح السرعة مع الأسرة التعليمية على طاولة نقاش عملي يستجيب للمطالب الملحة ويرتب ما تبقى منها في جولات لاحقة،هذا ما تفرضه اللحظة وتحتمه المسؤولية ويمليه الواقع ،وما أرى النقابات التعليمية إلا ستستجيب للحوار وتقبل بالمتاح من المطالب، حتى لانصل إلى السيناريو الأسوء ويتبخر أمل السنة الدراسية وتسود الدنيا في وجوه الطلاب وأهاليهم وتضيع أموال طائلة صرفت على قطاع التعليم وطاقات عظيمة استنفدت خلال السنة، ليس من المسؤولية أن نواصل السير إلى هاوية سحيقة الغور، ونحن نملك الحل ونستطيع تجاوز المشكل، خصوصا أن مطالب الأساتذة لاتنقص من ميزانية الدولة إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل في الماء، خصوصا إذا قارنا ذلك بالأسفار والإكراميات والملتقيات والورشات التفكيرية التي لاتسمن ولاتغني من جوع.
وإما أن تقدم الوزارة على المهزلة التي لوحت بها من قبل وهذه كارثة لا تطاق وليس من المعقول أن يتم امتحان بحجم الباكلوريا في ظل إضراب بلغت نسبته 88%، فإذا أقدمت الوزارة على ذلك وما إخالها تفعل لما يترتب عليه من أخطار فإن البقية الباقية من مصداقية التعليم عندنا ستذهب هباء، فبعد ضعف المناهج وقصورها وتدني مستويات التلاميذ وتحول أبناء المؤسسات التعليمية إلى رواد "فيديو اكليب" و"مقاهي الانترنت" لمتابعة الصور الإباحية، وبعد شيوع القيم الوافدة عبر الفضائيات الغربية والشرقية التي تبث سمومها ليل نهار في ظل ضعف الرقابة من الدولة والأسرة والمجتمع.
بعد كل هذه الأمواج المتلاطمة من الفساد والتحلل تقدم الوزارة على تمييع المنظومة التعليمية بهذا التلاعب الذي ينم عن استخفاف لا حدود له بالمجتمع ثقافة ومستقبلا وأجيالا ومصالح ،فكيف يتم إعداد الامتحان والإشراف عليه ممن لا علاقة لهم بالتعليم أصلا وإنما استجلبوا في ظروف طبعتها المحسوبية والزبونية وأسلوب الترغيب والترهيب،إن الأمر هنا يبدو شبيها بتعيين ملازم من حرس الغابات قائدا لقيادة جيش ما يستعد لدخول معركة فاصلة،ترى هل ستكون حراسة الأشجار وتشذيب الأغصان مثل الاستعداد للنزال وملاقاة الأبطال.
هل يعقل في ظل دولة ذات سيادة ولها رئيس منتخب وهيئات تشريعية وحكومة "سياسية" إذا جاز أن نسميها بذلك أن يتم هذا التلاعب بمسألة التربية والتعليم التي هي دعامة كل نهضة وعنوان كل حضارة وتقدم، كما هي سر نجاح الأمم وهي ضامن استقرارها وثباتها. ؟

تاريخ الإضافة: 17-06-2008 19:45:59 القراءة رقم : 283
 الصفحة الرئيسية
 الأخبار
 قضايا و آراء
 تقارير
 مقابلات
 من نحن؟
 مابسي
 روابط
 اتصل بنا
 خارطة الموقع
 البريد الألكتروني
 الموقع القديم
عدد الزوار:297207 جميع الحقوق محفوظة مابسي © 2008