بدي ولد ابنو : إذا رفض الطرفان صوت الحكمة والعقل فمن سيكون المنتصر؟
قال الناشط السياسي بدي ولد ابنو في تصريح ل "وكالة نواكشوط للأنباء"اليوم انه لم يعد خافيا أن المفاوضات الجارية اليوم في دكار تمثل آخر فرصة لحل الأزمة محذرا الأطراف من أن تعميهم أوهام السلطة والسلطة البديلة عن المخاطر المحدقة بالبلاد مضيفا أن الموريتانيين لن يكونوا المنتصرين في ما اسماه معركة الغرائز العدوانية
وهذا نص التصريح:
"لم يعد خافيا أن المفاوضات الجارية حاليا في دكار بين طرفي الأزمة الموريتانية تمثل بحسب أبرز المعطيات آخر فرصة منظورة في التوصل إلى بداية حلحلة معقولة للأزمة. وإذا ما فشلت المفاوضات الحالية فإن مصير البلد مظلم إلى حد كبير. ومن ثم فإن مسؤولية الطرفين عن نجاحها أو فشلها تاريخية بالمعنى الحرفي لهذه العبارة. ومن ثم أيضا ضرورة أن يشعر الطرفان بالآمال الجسام المعلقة على هذه الفرصة الحاسمة. ومن ثم كذلك أهمية تجاوزهما للصراعات الصغيرة وللحسابات ذات الأمد القصير. ففيما يتجاوز كل الحزازات والحساسيات المشروعة وغير المشروعة يتعلق الأمر اليوم بما هو أهم، يتعلق بمستقبل شعب ودولة، يتعلق بستقبل الحرية والسلم والتنمية.
إن صراع المرحلة غالبا ما يعمي ويحجب الأهم، وأوهام السلطة والسلطة البديلة غالبا كذلك ما تعمي وتحجب الأهم. وشبكات التنفذ والتطبيل وجيوش المداحين والمهرولين والمؤججين تعمي ولا تتورع عن أن تضحي بدولة وشعب في سبيل طموحات عناصرها البهيمية وحساباتها الأنانية الصغيرة.
لقد أثبتت الأسابيع الأخيرة، إن كان مازال ثمة داع للإثبات، أن هنالك مخاطر كبيرة بعد أن تم تجاوز كل الخطوط الحمراء وتم الاعتداء على حريات التعبير والتظاهر والتجمع وتم قمع مظاهرات نسائية ومظاهرات نقابية وحزبية وتم اعتقال عدد من المناضلين من مثل المناضلين الكبيرين الأستاذ أحمدو ولد الوديعة والأستاذ محمد ولد محمد مبارك. هذه الاعتقالات وهذا المساس بالحريات العامة فضلا عن أنه مدان مبدئيا ومصلحيا وفضلا عن أنه ارتكاس وفقدان سياسي للبوصلة تلزم مواجهته بحزم من طرف كل الطبقة السياسية والمدنية أيا يكن تموقع مكوناتها فإنه يكشف إلى أي درجة ما تزال الشبكات الأمنية والمافيوية نافذة وتستغل أي فرصة في سبيل الانقضاض على كل أمل في حياة مدنية وديمقراطية طبيعية.
وإذا كان هنالك من الطرفين ـ لاسيما من بين قوى التغيير والمعارضة التاريخية الموجودة بشكل أو آخر في كلي الجهتين المتصارعتين ـ من يبذل جهدا معتبرا من أجل التوصل سريعا إلى حل إدراكا لمخاطر ولمسؤوليات المرحلة، أقول إذا كان ذلك كذلك فإن هؤلاء مطالبون بمضاعفة المجهود والتعبئة لأن هنالك كما هو معروف آخرين يتوزعون كذلك على الطرفين ويبذلون ما بوسعهم من أجل تعميق الخلاف وتأبيد الأزمة.
ففي سلم المخاطر الحالية يحتل بائعو الأوهام الذي يتوزعون على الطرفين مكانة مركزية. هؤلاء هم عناصر الشبكات المتنفذة الموروثة عن العقود الأخيرة والتي لم تقبل يوما بالخيار الديمقراطي والتي ترى في الأزمة الحالية منقذا مخلصا لها. هذه الشبكات التي تشد الوثاق على طرفي الأزمة تدفع خلف وأمام الكواليس من أجل استمرار الأزمة وتعميقها لأنها ترى أدوارها التقليدية تتجدد عبر انسداد الأفق وترتبط بهذا الانسداد وبانعكاساته وجوديا. هذه الشبكات تدفع أخطبوطيًا وماكيافيليًا على إبقاء الأجواء ملبدة ومناسبة لاستمرار الأزمة وتعميقها وتعمل ما بوسعها بل وما ليس بوسعها لطمر أو تفادي أي بارقة أمل تبشر بالحلحلة.
وعلينا جميعا أن نتذكر هنا أن الحروب التي عرفتها شعوب ودول شبيهة وغير شبيهة بدأت لأسباب مثيلة أو ليست أكثر تعقيدا وبدأت في سياقات مثيلة أو ليست أكثر حدة، وأحيانا عديدة بدأت بحدة أقل وفي ظل مؤسسات أقوى وبتجارب مؤسسية سلمية أكثر صلابة. ومن السذاجة الخطيرة أو من اللامسؤولية المطلقة توهم أن موريتانيا محصنة مما حصل في عدد من دول إفريقيا الوسطى وإفريقيا الشرقية، أو محصنة مما حصل في السودان أو الصومال أو لبنان أو دول البلقان أو غيرها من دول العالم.
ولنا أن نتساءل إذا فشلتْ المفاوضات الحالية وفشلت الفرص الأخيرة ورفض الطرفان صوت الحكمة والعقل من سيكون المنتصر؟ من سيكون المنتصر في معركة إطلاق العنان للغرائز العدوانية ؟ الشيء المؤكد أن العدل لن يكون المنتصر في معركة الغرائز العدوانية. والشيء المؤكد أن الحق لن يكون المنتصر في معركة الغرائز العدوانية. والشيء المؤكد أن الحرية والسلم والتنمية لن تكون المنتصرة في معركة الغرائز العدوانية. والشيء المؤكد أن الموريتانيين لن يكونوا المنتصرين في معركة الغرائز العدوانية.
تاريخ الإضافة: 28-05-2009 16:29:42 |
القراءة رقم : 1063 |