يوميات مهرجان موريتانيا الشعري .. اليوم الثالث: أمسيتان وعشرة شعراء.. وروضة الحاج تخطف الأضواء
الشاعرتان: روضة الحاج من السودان وحنين عمر من الجزائر كانت من أبرز نجوم اليوم الثالث
|
نواكشوط - بون ولد اميده
لليوم الثالث على التوالي يتابع الجمهور الموريتاني فعاليات مهرجان موريتانيا الشعري في دورته الأولى ، وفي اليوم الثالث من أيام هذا المهرجان استمتعت الجماهير الحاضرة ببرنامج حافل بدأ صباحا من خلال ندوة تحت عنوان "الملامح المشتركة بين الشعر الفصيح والشعبي" ، قبل أن تبدأ ثالثة الأمسيات الشعرية التي قدمت عددا من الأوجه الشعرية الموريتانية والعربية المعروفة.
الندوة الثالثة
في ثالث أيام المهرجان نظمت بمدرج كلية الطب وكانت بعنوان : " الملامح المشتركة بين الشعر الحساني والشعر الفصيح"، بدأت بمحاضرة للأستاذ الصحفي الدده محمد الأمين السالك، تحدث فيها عن عدة نقاط من أهمها "مكانة الشعر الحساني في الثقافة الموريتانية"، وهي المكانة التي جاءت من كون هذا الشعر يعد "زجلا عاما، روى تاريخ البلاد الثقافي والسياسي، عن طريق أساليبه الإبداعية التي تعكس قدرة شعراء الحسانية على الإبداع"، حسب تعبير الدده.
كما تحدث كذلك، عن ما سماه "السمات المميزة للشعر الحساني"، معددا منها: "القدرة على الإيجاز، والمرونة الشديدة"، مشيرا إلى أن الشعر الحساني "استفاد في بنيته الفنية والموسيقية من الموشحات الأندلسية"، وذلك من خلال "اتفاق الروي بين الوحدة الأولى والثالثة من "الكاف" بغض النظر عن القافية"، خاتما عرضه بالقول إن "أغراض الشعر الحساني هي نفسها أغراض الشعر العربي الفصيح، وأن الاثنين يخرجان من مشكاة واحدة"، رافضا تسمية الشعر الحساني بـ"الشعبي".
المتدخلون خلال هذه الندوة الأدبية نوهوا بأهمية الشعر الحساني، مؤكدين عدم تعارضه مع الشعر الفصيح، بل إن "الشعر الحساني قد جارى الشعر الفصيح مجاراة رائعة"، كما قال الأستاذ التقي ولد الشيخ في مداخلته.
يذكر أن الندوة تأخرت أكثر من ساعة عن الوقت الذي كان محددا لها، وهو ما تكرر خلال اليومين الماضيين من عمر هذا المهرجان، مما يعني أن منظميه يعانون نقصا حادا في ضبط توقيت أنشطته، إلى جانب ضبط الحضور داخل القاعة التي تعقد فيها هذه الندوات، وهو النقص الذي عبر عنه عدد من الضيوف والمتعاقبين على منصة هذا المهرجان .
مساءات الشعر: روضة الحاج شتاء فيه من الدفء الكثير
الرابعة ظهرا كانت قوافل المتابعين تترى، استعدادا لثالثة الأمسيات الشعرية التي بدأت متأخرة بسبب انتظار حضور عد من الوزراء الموريتانيين والسفراء العرب ، وكان أول شاعر يقدم في هذه الأمسية هو الشاعر الموريتاني المعروف والإعلامي عبد الله ولد بون الذي رحب بالجمهور والحاضرين ، وقرأ ثلاث قصائد من أبرز القصائد التي كان كتبها في منصرمات الأيام ، عبد الله ولد بون تنقل بالحضور بين نهري دجلة والفرات في العراق، وأهدى لعاصمة الرشيد أجمل الشعر وأحسنه، ثاني المشاركين كان الشاعر التونسي خالد الو غلاني الذي فاجئ الجماهير بحضوره المسرحي اللافت وقدرته الفائقة على خلق خيط وهمي بينه وبين الجمهور ، خالد الوغلاني قدم قصائده بلغة شعرية راقية ، وبأداء مسرحي أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه متميز، وأفسح المجال بعدها للشاعر الموريتاني المعرف ، وأحد ابرز الشعراء الموريتانيين الشباب حاليا محمد ولد إدوم الذي تميز بإلقائه الجيد وحضوره القوي ولغته التي أبانت عن قوته الفائقة وتمكنه من اللغة ، وعاش الجمهور معه ربع ساعة فيها من التألق والتميز الكثير، بعدها تم استدعاء الشاعرة الجزائرية حنين عمر التي ألقت قصائدها وهي تلبس الزى الموريتاني التقليدي "الملحفة" في إشارة منها إلى الإعجاب الكبير بهذا الزي ، وسعيا منها إلى كسب ود الجمهور الذي عاش معها لحظات جميلة ، وإن لم تحقق للكثيرين رغبتهم في لغة شعرية رائعة.
خاتمة الأمسية الأولى كانت مع الشاعر الموريتاني محمد الحافظ ولد احمد الذي قرأ من ديوانه الأخير مجموعة من القصائد ، وقوبل من الجمهور بالفتور فرد "بأن الجمهور لا يصفق إلا للمشعوذين من الشعراء و الراقصين" مؤكدا أنه ليس من هؤلاء.
الأمسية الثانية ..
في حدود الساعة السابعة والنصف انطلقت الأمسية الثانية بتقديم الشكر لوزارة الثقافة الوصية على المهرجان، قبل أن يتم استدعاء الشاعرة الموريتانية الصغيرة منى بنت بمبه التي شكرت الشعراء العرب المشاركين قبل أن تقرأ مقطوعة شعرية باللغة الفرنسية رحبت فيها بالحضور.
وبدأت أولى المداخلات الشعرية بدعوة الشاعر السعودي الكبير محمد إبراهيم يعقوب الذي حصل على المرتبة الثانية في برنامج أمير الشعراء في دورته الأخيرة ، وقد أبدع في تقديم قصائد شعرية كانت تليق بقامته الشعرية التي عرفت بالإبداع والتميز، محمد إبراهيم يعقوب كان عنوانا كبيرا للتميز ، وأعطى انطباعا حقيقيا بأنه قامة شعرية لها ما لها في سماوات الشعر العربي ، وقد تفاعل الجمهور بشكل لافت مع عطاء الرجل حتى أن الجمهور في كثير المرات طالبه بإعادة بعض الأبيات الشعرية التي رأى فيها الجمهور الكثير من التميز.
ثاني المشاركين في هذه الليلة كان الشاعر الموريتاني الشاب ، والفائز بمسابقة شاعر الرسول ، احمد مولود ولد أكاه الذي استقبل بحفاوة قابلها هو نفسه بقصائد شعرية متميزة عبرت عن حجم المستقبل الوضاء الذي ينتظر هذا الشاعر الشاب.
من اليمن السعيد كان الشاعر الرابع في هذه الأمسية ، أمين على أحمد الذي قرأ قصيدة كتبها على شاطئ المحيط الأطلسي عن موريتانيا ودورها التاريخي قبل أن يعرج على الجرح العربي النازف في فلسطين، وقد قوبل الرجل باهتمام كبير من الجمهور الذي وجد فيه شاعرا موريتانيا بملامحه، قياسا إلى تقارب الملامح بين الشعبين اليمني والموريتاني.
الوهج الشعري في هذا المساء تواصل من خلال مداخلة الشاعر الموريتاني الشاب أبوبكر ولد المامي أحد الشعراء الموريتانيين الذين وصلوا في السنة الماضية إلى المراحل النهائية من تصفيات برنامج أمير الشعراء ، وقد ألقى مجموعة من القصائد الشعرية التي حببت الرجل إلى قلوب الحاضرين وزاد في الأمر جيد الإلقاء الذي قدم به قصائده.
ختام هذه الليلة كان مسكا لأن الجمهور الحاضر تابع بكل الروعة خنساء هذا العصر الشاعرة السودانية المعروفة روضة الحاج والتي تعبدت في محراب هذه الليلة شعرا وتألقا ، روضة الحاج بأخلاقها الرفيعة وحضورها المسرحي المتميز ، وحنجرتها الذهبية سافرت بالحضور إلى عوالم الإبداع ، وكانت في هذه الليلة نجمة مضيئة غنت لموريتانيا فأجادت، ولغزة فأبدعت، ولمحمود درويش فأبكت الحاضرين .. روضة الحاج كانت صوتا شعريا فواحا بالألق وعبيرا تناثر في القاعة محيلا جوها إلى شتاء فيه من الدفء الكثير..
تاريخ الإضافة: 04-02-2009 10:50:33 |
القراءة رقم : 1295 |