إسبانيا تنتقد اتفاقية الصيد الجديدة وسط تراجع العلاقة بين مدريد ونواكشوط
وزير الصيد الإسباني ميغيل آرياس كانييتي
|
(مدريد، ونا /خاص )ـ سيدي محمد طلبه
حملت الحكومة الإسبانية بشدة على مسودة اتفاقية الصيد الجديدة بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي والتي تم التصول إليها الأسبوع الماضي في جولة سادسة من المفاوضات بين الجانبين في نواكشوط.
واعتبرت الحكومة الاسبانية أن الدوافع من ورائها "لا صلة لها على الإطلاق بالصيد"، وأنها لا تخدم مصالح قطاع الصيد في الاتحاد الأوروبي.
وورد في بيان شديد اللهجة صادر عن وزارة الصيد الأسبانية التي يتولى قيادتها الوزير المخضرم ميغيل آرياس كانييتي أن الوزارة تشاطر قطاع الصيد الأسباني مشاعر "الاستياء العميق" إزاء نتائج العملية التفاوضية وكذلك "حيال طريقة أداء مفاوضي المفوضية الأوروبية الذين تجاهلوا تحذيرات الدول الأعضاء، ولم يحرصوا على الدفاع عن مصلحة قطاع الصيد الأوروبي".
وتقرر أن تعقد وزارة الصيد الإسبانية اجتماعا مشتركا خلال الأسبوع المقبل مع جمعيات الصيد البحري الإسبانية لللإتفاق على "الخطوات القادمة" التي ينبغي اتخاذها من أجل الدفاع عن مصالح الأسطول الإسباني عشية طرح مشروع الاتفاق مع موريتانيا على كل من مجلس وزراء الصيد في الاتحاد الأوربي والبرلمان الأوروبي بهدف إقراره.
ومن أبرز مآخذ إسبانيا على الاتفاقية الجديدة منعها لصيد سمك الأخطبوط بشكل تام، والحد كذلك من صيد المحار وسمك مرلان وعينات أخرى من الأسماك، هذا فضلا عن رفع التعويضات المالية التي تحصل عليها موريتانيا من الاتحاد الأوروبي، وإلزام سفن الصيد الأوروبية باكتتاب نسبة 60 بالمائة من عمالها من الموريتانين مع واجب تفريغ حمولتها في ميناء موريتاني والتزود بالوقود من موريتانيا وليس من الخارج.
ويقول البيان الإسباني أن وزارة الصيد الإسبانية "تبذل جهودا مضنية منذ شهر يناير الماضي (تاريخ وصول الحكومة الجديدة للسلطة) من أجل تحويل مجرى مفاوضات اقتصر فيها موفف المفوضية الأوروبية على الإذعان لكافة المقترحات الموريتانية ضد المصالح الأوروبية". يذكر بهذا الخصوص ان أكثر من نصف بواخر الصيد الأوروبية التي تمارس نشاطها في المياه الموريتانية في إطار اتفاقية الصيد الثنائية هي سفن إسبانية أكثريتها من إقليم الأندلس الجنوبي.
تراجع العلاقة بين نواكشوط ومدريد
وتأتي هذه الانتقادات الإسبانية الشديدة غير المسبوقة لمسودة اتفاقية الصيد الثنائية بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي وسط تراجع واضح للأهمية التي توليها إسبانيا لموريتانيا على صعيد السياسة الخارجية منذ وصول الحزب الشعبي المحافظ إلى السلطة في نهاية العام الماضي، وهو التراجع الذي انعكس بجلاء في سحب موريتانيا من منطقة المغرب العربي ذات الأولية القصوى على صعيد السياسة الخارجية الأسبانية ووضعها ضمن منطقة دول إفريقيا الغربية الواقعة جنوب الصحراء التي تحظى بأهمية أقل بكثير.
كما انعكس هذا التراجع في أن جميع بلدان المغرب العربي مثلت محطة في الزيارات الأولى للخارج، إمّا لرئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي أو لوزير خارجيته خوسي لويس غارثيا-مارغايو، فيما تم استثناء نواكشوط من هذه الزيارات على المستوى العالي .
وزير الخارجية الأسباني كان قد أكد في أول مثول له أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الإسباني لتوضيح الخطوط العريضة للسياسة الخارجية الأسبانية في ظل حكومة الحزب الشعبي أن المغرب العربي يمثل المحور الثالث الرئيسي في هذه السياسة بعد كل من الاتحاد الأوروبي والقارة الأمريكية بشطريها الجنوبي والشمالي، وذكر بالاسم المغرب والجزائر وتوس دون أي إشارة إلى موريتانيا. ولم ينج السفير الموريتاني لدى أسبانيا من هذا "التهميش"، إذ اعتمدت الخارجية الأسبانية في بعض اللقاءات الدورية التي يعقدها الوزير والمسؤولون الآخرون الكبار مع مجلس السفراء العرب في إسبانيا اللغتين الإسبانية والانجليزية لغتين حصريتين للتخاطب في هذه الاجتماعات رغم علمها المسبق ان السفير الموريتانيي هو الوحيد ضمن زملائه العرب الذي لا يتحدث لا الانجليزية ولا الإسبانية، فيما يتقن سفيرا المغرب والجزائر اللغة الأسبانية ويتحدث بقية السفراء العرب الآخرين بطلاقة اللغة الانجليزية.
ويعزو مراقبون للسياسة الخارجية الإسبانية هذا التراجع في أهمية موريتانيا إلى إنكفاء إسبانيا على ذاتها بسسب الأزمة الاقتصادية الحادة وتغليبها في الظروف الحالية لما يعرف ـ"دبلوماسية الاقتصاد" على أي اعتبار آخر في رسم سياستها الخارجية، كما يدرجون ضمن الأسباب الرئيسية الأخرى خمول وعدم كفاءة الطاقم الحالي للسفارة الموريتانية لدى مدريد وعجز السفارة عن ربط تواصل موثوق مع الجهات الفاعلة في صنع السياسة الخارجية الاسبانية بسبب جهل الواقع السياسي الإسباني وعدم الاكتراث بفهمه أصلا.
 |
تاريخ الإضافة: 29-07-2012 17:28:42 |
القراءة رقم : 2124 |