الي اين تتجه موريتانيا؟ (رد محمد فال ولد عمير)
إلى أين تتجه موريتانيا؟ سؤال كنا في "وكالة نواكشوط للأنباء" قد وجهناه إلى مختلف الفاعلين الموريتانيين، اثناء بداية ازمة نظام سيدي ولد الشيخ عبد الله، لاستطلاع آرائهم بغرض خلق رأي وطني حول أنجع السبل لانتشال البلاد من وضعها المتأزم في تلك الظروف.
وقد واصلنا وبدون انقطاع طرح السؤال علي أصحاب الراي من مولاة ومعارضة ومراقبين ومستقلين ونشر ردودهم، بدون تصرف، في زاوية يومية طيلة الفترة ما بين فبراير 2008 الي الخامس اغسطس 2008، عشية الاطاحة بنظام سيدي ولد الشيخ عبد الله، مما جعلنا نتوقف عن طرح السؤال بشكل مستمر، واقتصرنا علي توجيهه بعد ذلك من حين لآخر بشكل غير دائم وبصيغ مختلفة، تارة الي اين يتجه الحوار؟ وتارة الي اين تتجه المعارضة؟.
واليوم ونظرا لما وصلت اليه الساحة السياسية من احتقان واتساع هوة الخلاف بين مختلف أقطابها فقد قررنا اعادة توجيه السؤال بصيغته الاصلية بشكل يومي علي مختلف السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين والباحثين في موريتانيا، للإجابة عليه، هدفنا من ذلك البحث عن حلول تجنب موريتانيا المشاكل.
وقد بدأنا هذه العودة بتوجيه سؤال، الي أين تتجه موريتانيا؟ الي الاستاذ الكاتب والصحفي محمد فال ولد عمير، مدير جريدة "لاتربين"، فكان جوابه:
"سؤال يصعب جوابه نظرا لتشعبه ولان اتجاه موريتانيا مشكلته دائما في عدم قابليته للقراءة، لانه غير منظور وما يبذل من أجل تحديده يتم التشويش عليه وبالتالي تصعب رؤيته وفي اعتقادي ان موريتانيا اليوم تعيش فترة انتقالية منذ مدة والفترات الانتقالية لها خصوصياتها والتي منها كونها عندما تبدأ لا يمكن تحديد نهاية لها وهذه الفترة الانتقالية، يجب ان ينتج عنها نظام جديد علي مستوي الحكم قبل كل شيء بحيث تكون الديمقراطية ممارسة وواقع معاش في الحياة وفي تسيير الشأن العام وهذا يستوجب أمرين اساسيين هما:
ـ وجود معارضة صالحة لديها برنامج واضح يؤهلها لتكون بديلا عن النظام القائم وهذا يتطلب ان يكون خطابها نقدي بناء يراعي مصالح الوطن ويرسخ الديمقراطية،
ـ وجود حكم منفتح يستمع للنقد سواء من المعارضة او من داخله وله القدرة والشجاعة علي تحسين أدائه علي ضوء ذلك النقد وما يقدم له من اقتراحات وملاحظات علي ممارساته للحكم.
هذا فيما يخص الممارسة ألديمقراطية، أما فيما يخص واقع موريتانيا الحالي، أري أن من اهم مشاكلها اليوم كون الازمات من حولها اصبحت كثيرة جدا وأصبح اثرها اكبر مما كان علي الحياة الداخلية والساسة لا يأخذون ذلك بعين الاعتبار، كما تعاني من ظاهرة خطيرة وهي ان نسبة 98% من الموريتانيين يمارسون السياسة كوسيلة للتكسب علي حساب العمل المنتج، وهذا سلوك خاطئ وهدام لان تنمية الدول وازدهارها تقوم علي اساس العمل والانتاج.
وهذا الانشغال بالسياسة، غيب اي عمل له فائدة علي البلد، لأن كل ما يمارس من سياسة لا فائدة فيه لكونه لا يتعدى شجار دائم بين فريقين احدهما يروج لوجود ازمات في البلد ينكرها الفريق الآخر وهكذا دواليك، حتى نخلق ازمة ونعالجها بتنظيم انتخابات جديدة يرفض البعض نتائجها ونعود الي الازمة وننظم انتخابات أخرى يرفضها البعض ونبقي في نفس الدائرة، مما يجعلنا ـ مع الاسف ـ نعيش علاقاتنا مع الزمن دون ان نعي انه يسير ونتعامل معه كقضية تدور من حولنا نعيش دورانها دون ان نراوح مكاننا.
وهذه قضية يجب ان تعالجها الفترة الانتقالية الحالية، اضافة الي معالجة قضايا أخري كثيرة وأساسية، بما في ذلك تجديد الطبقة السياسية الذي يجرى الحديث عنه، كأمر لا مناص منه لان الصراع اليوم ليس بين المعارضة التقليدية والحكم، كما يبدوا لنا بل هو قائم بين من يريدون ان يسحبوا موريتانيا الي الوراء من خلال الابقاء علي القوانين والأساليب الماضية ـ وهؤلاء يتخندقون في الاغلبية والمعارضة ـ وبين آلية جديدة استحدثها العالم الجديد تحتم تحرير الانسان واسترجاعه لكرامته وان يكون له صوت وبإمكانه ان يؤثر به وشتان ما بين الفسطاطين.
ان ما نشاهده اليوم من حراك للموريتانيين الذين يتظاهرون في مكطع لحجار وفي كل مكان ويسيرون علي الاقدام في المذرذرة، يؤكد حتمية التحديث وهذه علامات صحية للديمقراطية خاصة انه لايوجد اي سجين سياسي في موريتانيا والحمد لله ولكل يتمتع بحقه في حرية التعبير ومع ذلك نري من يعارض ذلك لانه يخالف مصالحه، وظاهرة الكتابة علي الجدران والتوقيعات بالاسماء المستعارة هي من فعل الرافضين للحداثة وللحرية مع ان هذه اساليب قديمة كانت تمارس في عهد قمع الحريات واليوم لم يعد لها مكان في عهد الحرية وعدم الخوف، كما انها لم تعد مؤثرة وهي من ظواهر مقاومة ترسيخ الديمقراطية ودفع المجتمع الي الامام وتحرير المواطن مهما كان من قيود الضغط التي تفرض عليه اختيارا لا يقتنع به.
وهناك ظاهرة لاحظتها من خلال مواكبتي لزيارة رئيس الجمهورية الاخيرة للجنوب الموريتاني، هي أنه حظي باستقبالات شعبية كبيرة وعادة الانسان اذا تأكد من التفاف الناس حوله، يطمئن والاطمئنان يدفع الانسان الي الطموح من اجل التغيير وهذه هي المرحلة التي وصلناها اليوم ولذا يجب علي رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز ان يغير لمسايرة الطموح اكثر للحرية والطموح للإنتاج بأكثر انتاجية والطموح لطرح مشاكل موريتانيا الحقيقية والتي تعتبر السياسة فيها ثانوية، فموريتانيا لديها كثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والجوـ استراتيجية والتي ليست بالضرورة سياسية ولا ان تكون طريقة تناول السياسيين لها صائبة، لان السياسيين في بلادنا يتناولون القضايا من زاويتين، التملق من اجل اظهار الولاء واكتساب منافع بالنسبة للموالين منهم والتشكيك والتهويل والبحث عن خلق ازمات بالنسبة للمعارضين.
وخالصة جوابي، لا أدري، الي اين تتجه موريتانيا؟، مع انني مطمئن عليها لأنها خرجت سالمة من مشاكل اخطر مما هي فيه اليوم كأزمة 1989، مما يعني ان هناك بركة يمكن وأرجو ذلك ان تجري عليها.
استعراض: ماموني ولد مختار
 |
تاريخ الإضافة: 24-04-2012 22:13:04 |
القراءة رقم : 1960 |