إقليم أزواد بعد التحرير.. لمن السيطرة اليوم (تحليل)
انتهى يوم أمس الأحد الوجود الرسمي للجيش المالي في إقليم أزواد، وهو حلم راود الكثير من سكان الإقليم لفترات طولية وحملوا من أجله السلاح.
غير أن أزواد اليوم وإن كان خرج من يد الاحتلال المالي كما يقول أبناؤه، إلا انه أصبح بين أيادي متعددة، وباتت هناك فصائل وطوائف متعدد تتقاسم السيطرة على الإقليم، الأمر الذي يستدعي طرح سؤال كبير هو، ماذا بعد التحرير؟.
قد يكون الجواب الوردي لدى عشرات المناضلين هناك، هو إقامة دولة أزواد الحرة، لكنه حلم يصطدم بالواقع على الأرض، فالسيطرة على أزواد حاليا تتقاسمها مجموعات مسلحة بعضها وطني وبعضها جهادي، فضلا عن رجال العصابات والمليشيات والقبائل وغيرها.
وتوجد في الإقليم عشرات العصبات المسلحة، فضلا عن عدة حركات قوية، أبرزها:
الحركة الوطنية لتحرير أزواد التي تسيطر على أجزاء من الإقليم بينها مدن: منيكا وليرة وأسنغو، وأجزاء من مدينة غاواه، وهي الحركة التحررية الوحيدة بين تلك الحركات، وتسعى لإقامة دولة مدنية في إقليم أزواد، وتتبع لها قوات خاصة تعرف بجيش التحرير الأزوادي، يقودها الضابط السابق في الجيش الليبي محمد أغ ناجم.
التنظيم الثاني هو "جماعة أنصار الدين"، التي يقودها إياد غالي، وهي حركة أزوادية سلفية جهادية تنادي بتطبيق الشريعة الإسلامية، وتحكم سيطرها على عدد من مدن الإقليم بينها كيدال العصامة الشمالية للإقليم، وقد أسست فيها الحركة مجلسا انتقاليا لتسيير شؤونها بقيادة نائب رئيس الحركة "الشيخ أوسا"، وكذلك مدينة تساليت التي أسندت الحركة مهمة قيادة مجلسها المحلي إلى ابراهيم بنه، وهو أحد القادة الميدانيين في الحركة، وإليها تتبع قاعدة "آمشش" العسكرية الإستراتيجية، وكذلك مدينة أغلهوك التي دشنت بها الحركة عملياتها العسكرية في الشمال، وتطالب حركة انصار الدين باتطبيق الشريعة الإسلامية، ويشتبه في أن لها علاقات قوية مع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، حيث قتل اثنان على الأقل من عناصر القاعدة أثناء مشاركتهما إلى جانب قوات أنصار الدين في الهجوم على مدينة أغلهوك.
ثالثة الحركات المسلحة هناك هي: حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، وتسيطر حاليا على أجزاء كبيرة من مدينة غاوه وذلك بمعية عناصر من تنظيم القاعدة، مستغلة انتماء معظم عناصرها إلى المدينة، وقالت مصادر من داخل غاوه إن مقاتلي حركة التوحيد والجهاد يتحركون في المدينة بحرية، ويتقاسمون السيطرة عليها مع قوات الحركة الوطنية لتحرير أزواد، كما يبسطون سيطرتهم مع بعض رجال القبائل ومليشيات عصابات التهريب، وبعض العسكريين العرب المنشقين عن الجيش المالي النظامي على مقر القاعدة العسكرية التي تضم مقر قيادة المنطقة الشمالية في الجيش المالي.
أما مدينة تمبكتو فتوجد في قبضة مليشيات من أبناء المدينة، بعضهم عسكريون وآخرون من التجار والمهربين ورجال العصابات، فضلا عن أبناء قبائل البرابيش هناك، وتوجد قوات تابعة للحركة الوطنية لتحرير أزواد على بعد حوالي 10كلم من المدينة، لكنها لم تدخلها بسبب تحذير المليشيات العربية لها من محاولة دخولها عنوة، واستعدادهم لمواجهة قوات الحركة.
وتبقى مرحلة ما بعد تحرير أزواد تطرح أسئلة كبيرة، تختلف الأجوبة عليها باختلاف القوى المسيطرة على الأرض هناك، ففي القوت الذي تقول الحركة الوطنية لتحرير أزواد إنها بصدد إقامة دولة مدنية هناك، وأن عمليات الإعداد لذلك الكيان بدأت بالفعل، تقول حركة أنصار الدين مدعومة ببعض المجموعات الجهادية هناك إنها لن تقبل بحكم علماني في المنطقة، وأنعها ستعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، بينما بدأت بعض المجموعات العربية التي كانت ترفض مشاركة الطوارق تمردهم الأخيرة في لملمة شتهاتها بعد انهيرا الجيش المالي وهروبه من الإقليم، وتسعى تلك المجموعات لتوحيد صفوفها في كيان موحد، يضم تحت لوائه مختلف المليشيات العربية التي تسيطر حاليا على تمبكتو وأجزاء من مدينة غاوه، ويتوقع أن يكون الضباط والجنودج العرب في الجيش النظامي العمود الفقري لتلك القوى، هذا فضلا عن أبناء القبائل ورجال المهربين، وتتحدث المؤشرات الأولية عن اتصالات مكثفة بين بعض أعيان القبائل العربية وكبار ضباطها في الجيش المالي، لتشكيل هذا الكيان الذي يتوقع أن يكون حركة مسلحة جديدة تنضاف إلى الحركات المسلحة في المنطقة مهمتها حماية مصالح المجموعات العربية في الإقليم، وهو ما يعني مزيدا من الاستقطاب هناك على أسس عرقية وقبلية وإيديولوجية وبراغماتية، وتبقى في النهاية حلم الاستقرار في المنطقة بعيد المنال، والتوتر سيد الموقف في مرحلة ما بعد "تحرير أزواد".
م.م.أبو المعالي
 |
تاريخ الإضافة: 02-04-2012 10:29:21 |
القراءة رقم : 1915 |