مهرجان وادان : الجهد الكبير الذي أفسدته العواصف و"البشمركه"
تقرير: سيدي محمد ولد بلعمش
وادان ـ سخرت الدولة و سكان وادان الكثير من الوسائل المادية و البشرية لإنجاح النسخة الثانية من مهرجان المدن القديمة وحتى مساء الرابع من فبراير بدت التحضيرات: المنصة، خشبة المسرح، توزيع المخيم و الشكل الخارجي له الذي أشرف عليه المخرج العالمي عبد الرحمن سيساغو المستشار في الرئاسة.
ثم نوعية الضيوف و أعدادهم الهائلة ... كل ذلك وغيره كان يوحي بنجاح غير مسبوق رغم إزعاجات منتحلي مهنة الصحافة (البشمركة) ومكبرات بعض المهرجين الذين يتخذون من الطمع أسلوب عيش لهم، لكن مع هبوب عواصف صباح الأحد جرت الأشياء بغير ما يشتهي الوادانيين. وسنحاول في هذه الورقة أن نسلط الضوء على أسباب النجاح التي أخفقتها إكراهات الواقع:
1 ـ التحضيرات
بدت التحضيرات منذ أشهر و كان من أبرزها هبة الأربعين مليون التي منحت لمائة منزل في المدينة التاريخية من أجل ترميمها أو المساعدة في تجهيزاتها، ثم المنصة الرحبة التي بنيت بالحجارة خصيصا لإحتضان الفعاليات ونصبت مقابلها خشبة مسرح أخرى متسعة هي فرجة لأربع أبوب من أربع قاعات سميت بشنقيط ووادان وتشيت وولاتة ليخرج المشاركون من كل مدينة من بابهم سواء كانوا مسرحيين أو موسيقيين أو شعراء أو حفاظ أو طلبة حديث و فقه.
هذا وساعد إتساع الساحة المحتضنة، إلي نصب العشرات من الخيام غير القرية الثقافية التي خصصت للمدن القديمة الأربع و هناك أماكن عرض للمكتب الوطني للسياحة و المتحف الوطني ومتحف إتويزكت الذي عرض العشرات من المقتنيات النادرة و نماذج من المخطوطات و كذا طب أهل آجة الذي مثل هو الآخر متحفا طبيا و مستوصفا استشاريا تحت الخيمة إلي جانب جمعية أكادير للثقافة التي عرضت نماذج من مخطوطات أهل باباه و شارك متحف أماطيل التابع لبلدية عين أهل الطايع كما تضمنت المشاركات العديد من مدن الوطن نذكر منها مدينة تجكجة التي شاركت بوفد علمي و معارض و فرق و مدينة أطار التي مثلت خيامها مزارا خصوصا الصناعة النسوية التي أثارت انتباه الوفود و مدن روصو وأوجفت ...
ومن المهم الإشارة إلي مئات الجمال التي وفدت من قرى وادان و من بلدية العين الصفرةالتابعة لشنقيط التي شاركت في الإستقبال كما ستشارك في سباق الجمال، و كذا مشاركة العديد من فرق الرماية التي ربما أفسد حادث سير مؤلم قضى فيه أحد المشاركين روح الحماس لدى زملاءه، و طبعا كان حضور رئيس الإتحادية الدولية للكرة الحديدية محفزا لمساهمة مميزة من قبل فرق هذا الرياضة الممتعة و كان الرئيس ولد عبد العزيز هو من أطلق إنطلاقتها.
أما في الداخل فقد إحتضنت إحدى القاعات نماذج من مكتبات المدن القديمة الأربع شنقيط ووادان وتيشيت وولاتة فيما لم يجد المعهد الموريتاني للبحث العلمي مكان للعرض فتقرر أن يزاحم هذه المكتبات رغم أن بعض القاعات عرضت فيها المفروشات اليدوية و هي أقرب للتجارة مع تماسها بالثقافة و تسير هذه الملاحظة على عروض أخرى طغى بيع المقتنيات و السلع فيها على الفرجة عليها وعرضها كموروث ثقافي بحت ،لكن ربما ذلك اقتناصا لفرصة مشاركة أكثر من 130 سائح وصلوا فقط هذا الصباح للمدينة .
2 ـالعواصف و"البشمركة" أفسدوا المهرجان
هذا وكان هبوب العواصف أمرا منغصا لفعاليات هذه التظاهرة وسبب اسقاط معظم الخيام و اضطر الباقي لإنزال خيامهم اتقاء لشر العواصف، كما أجبرت الأجواء المناخية الآلاف من الضيوف البقاء في إقامتهم، حيث كانت فرصة مواتية لمنتحلي مهنة الصحافة لابتزاز الناس و التسول بطريقة مذلة ومهينة.
نشير في الأخير إلي جو الزحمة الذي طبع المدينة بحيث فاق الضيوف عدد السكان، الذين تباهوا في إكرام ضيوفهم إكراما كبيرا تلحظه بجلاء في الشوارع من خلال النوق المربوطة أمام البيوت في تقليد معروف معبر عن الضيافة الموريتانية.
3 ـ أجواء علمية
وكان للمحاضرة التي ألقاها رئيس مؤسسة بلاد شنقيط الدكتور محمد المختار ولد إباه مساء الأحد صدا كبيرا في الأوساط المثقفة وكانت عن الدور العلمي الذي ساهمت به مدينة وادان وكانت من تقديم الصحفي سيدي ولد أمجاد كما القيت في المهرجان محاضر عن الطرق الصوفية قدمها الدكتور محمد يحي ولد باباه و علق عليها محمد الأمين ولد الكتاب.
نشير إلي مشاركة إتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين في هذا المهرجان، الذي يتمني الكثير من المشاركين فيه تحسن الظروف المناخية للإستفادة من أجوائه الثقافية والعلمية المتواصلة حسب البرمجة.
وسنعود في ورقات لاحقة إلي وادان التاريخية و التطوارات اللاحقة.