متى تفرج القاعدة عن "ولد المختار"؟ (تحليل)
أمثير الصحراء الجديد.. متى يفرج عن ولد المختار
|
مضت حتى الآن عشرة أيام بلياليها على اختطاف مسلحين تابعين لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، للدركي الموريتاني اعل ولد المختار من مقر عمله في فرقة الدرك الوطني بمقاطعة عدل بكرو بولاية الحوض الشرقي.
ورغم مضي هذه الفترة لم تعلن القاعدة رسميا عن تبنيها لعملية الاختطاف ولا عن المطالب التي ترفعها للإفراج عنه، غير أن المعلومات المؤكدة تشير إلى أن ولد المختار خطف على يد مجموعة من سرية الفرقان التابعة لإمارة الصحراء التي تتخذ من شمال مالي مقرا لها، ويرجح على نطاق واسع أن يكون قد تم نقله إلى أقصى الشمال المالي بالقرب من الحدود مع النيجر لإبعاده أن أي محاولة لتحريره بالقوة من طرف القوات الموريتانية.
وأمام الصمت الرسمي للتنظيم حيال العملية حتى الآن، وعدم إقدام العناصر الخاطفة على تصفية الدركي مباشرة بعد اختطافه كما حدث مع أسرى سابقين وقعوا في يد مقاتلي التنيظم، يستبعد العارفون بالتنظيم فرضية أن يقدم التنظيم لاحقا على تصفيته، خصوصا بعد تأمينه في معسكرات تابعة للتنظيم تبعد مئات الكيلومترات عن الحدود مع موريتانيا، كما ترجح تلك المعطيات فرضية أن تكون عملية الاختطاف تمت أصلا بدون تخطيط أو أوامر من قيادة التنظيم، ولا حتى بعلم قيادة أمارة الصحراء الجديدة التي يتربع عليها منذ أزيد من شهر الأمير الجديد للصحراء "نبيل أبو علقمة"، بينما تعزز المعطيات يوما بعد يوم فرضية أن تكون عملية الاختطاف جاءت كمبادرة فردية من قائد المجموعة التي نفذت العملية ويعتقد انه الموريتاني "خالد الشنقيطي"، بعد أن تعذر عليه الوصول إلى هدف آخر ربما كان مخططا لاختطافه أو تصفيته، وهو هدف لم يتضح حتى لآن وإن كان تحرك المجموعة بالطريقة التي تمت في الحوض الشرقي وتنكرها في أزياء عسكرية موريتانية، تشي بأن الهدف كان هناك في الحوض الشرقي أو إحدى الولايات الحدودية، وهو ما يعني أن اختطاف اعل ولد المختار شكل إلى حد ما ورطة للتنظيم في حد ذاته، وأن المطالب مازال يجري التشاور بشأنها في أوساط التنظيم.
وأمام هذه المعطيات وعلى ضوء قراءة لواقع المنطقة لا يمكن لأي محلل إلا أن يستبعد فرضية أن يكون اختطاف ولد المختار عملية استهلالية لإستراتيجية جديدة للتنظيم تعتمد اختطاف العسكريين الموريتانيين كما ظهر ذلك في بعض الكاتبات التحليلية مؤخرا، لاعتبارات عديد منها: أن التنظيم يواجه الآن من التحديات الداخلية في شمال مالي ما يجعله في غنى عن توسيع دائرة الصراع والشروع في تنفيذ استراتجيات جديدة، حيث تمور المنطقة بالسلاح والرجال العائدين من ليبيا، وتستعد لجولات جديدة من القتال بين المتمردين الطوراق والحكومة المالية، يعتقد أنها باتت على وشك الاندلاع، وقد لا يكون القاعدة بمنأى عن تلك المواجهات باعتبار العامل الجغرافي والديمغرافي، هذا فضلا عن أن القاعدة تدرك جيدا أن منطقة شمال مالي تحولت إلى وكر تتنافس فيه المخابرات الغربية، الأمر الذي يفرض تحديا داخليا جديدا على التنظيم، قد يكون التركيز عليه أهم من اختطاف عسكريين أو مدنيين موريتانيين، ثم إن التنظيم درج على الاختطاف سعيا وراء الفدية أو وراء مطالب أخرى توجه عادة للأنظمة الغربية التي تتأثر بضغوط شعوبها وتحاسب على مصائر مواطنيها، بخلاف الأنظمة الحاكمة في المنطقة.
هذا بالإضافة إلى الدرك الموريتاني كفصيل من القوات المسلحة، لم يكن يوما من الأيام هدفا في حد ذاته لمقاتلي القاعدة، بل إن قادة التنظيم يصرون على أنهم لم يعلنوا الحرب بعد على موريتانيا، وان ما يقومون به مجرد "دفاع عن النفس"، وبالتأكيد لا يمكن أن نقرأ في اختطاف دركي برتبة عادية من مقر عمله بعيدا عن جبهات القتال أي بعد دفاعي عن النفس مهما كان، بل هي عملية عدائية حربية، لا تتمشى والتصريحات التي أدلى بها أمير كتيبة الملثمين "خالد ابو العباس" في مقابلته الأخيرة مع "أخبار نواكشوط" والتي أعلن فيها أن التنظيم لم يعلن الحرب رسميا على موريتانيا، بل ومضى إلى حد القول إن التنظيم مازال يرحب بمبادرة توصل بها سابقا من موريتانيا تقضي بالدخول في حوار معه بواسطة وفد من علماء البلد، كما أن حجم التعاطف الشعبي الذي لقيه ولد المختار بعد اختطافه داخل موريتانيا، يدفع تنظيما كقاعدة المغرب الإسلامي تسعى لخطب ود شعوب المنطقة إلى التفكير ألف مرة قبل أن تقدم على أي خطوة من شأنها إيذاء الدركي اعل ولد المختار أو النيل من حياته، هذا فضلا عن البعد القبلي له، حيث ينحدر ولد المختار من مجموعات قبلية لها مكانتها ووزنها في منطقة شرق موريتانيا وشمال مالي، الأمر الذي يرجح فرضية أن تسعى القاعدة، خاصة أمير الصحراء الجديد لاستغلال الإفراج عن ولد المختار، لمخاطبة مشاعر تلك العشائر ومن ورائها الموريتانيين الذين أبدوا قلقا شديدا على مصيره غداة اختطافه.
م.م.أبو المعالي
 |
تاريخ الإضافة: 01-01-2012 18:17:20 |
القراءة رقم : 1986 |