رئيس السلطة العليا للصحافة: قطاع الاتصال يعاني من عسر الصحافة ووضاعة وسائل الإعلام الرسمية (نص الخطاب)
شن رئيس السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية محمد هيبتنا ولد سيدي هيبا هجموا لاذعا على وسائل الإعلام الرسمية وعلى النظام التربوي الموريتاني.
وقال ولد سيدي هيبا في كلمة افتتاح ورشة نظمتها السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية حول دفاتر الشروط والالتزامات المتعلقة بقانون تحرير الفضاء السمعي البصري، إن "المجتمع الموريتاني مأزوم منذ فترة يتقاذفه عدم الاستقرار السياسي وسوء التسيير والتفكك الاجتماعي وضياع القيم والمعالم".
واضاف أن "البعد الأشد مأساوية وهدما، لهذه الأزمة الساحقة يتجسد في إفلاس النظام التربوي الوطني، في انهيار المدرسة الموريتانية، ولا شيء أدل على هذا المشهد الذي يرثى له من الصورة التي تعكسها حاليا جامعة نواكشوط المنحرفة".
وبخصوص قطاع الاتصال قال هيبتنا ولد سيدي هيبا "إن قطاع الاتصال ليس بمعزل عن هذا الوضع العام الصعب، وذلك على الرغم من الجهود المحمودة التي يبذلها بعض الفاعلين، ويتجلى الوهن الذي يعتريه في هشاشة وعسر الصحافة، ووضاعة وسائل الإعلام الرسمية.، واستدرك ولد سيدي هيبة قائلا "لا ينبع هذا الحكم القاسي من جلد للذات أو من تشاؤم سمج، وإنما من ملاحظة مرة عامة
:وهذا نص الخطاب
"أود في البداية أن أشكركم على قبول المشاركة في هذا اليوم التشاوري حول عرض نماذج من دفاتر الشروط والخدمات السمعية البصرية تطبيقا للقانون رقم 045/2010، الخاص بتحرير الفضاء السمعي البصري.
قبل أن أقدم بعض الأفكار حول الموضوع يطيب لي أن أشكر أيضا المنظمة الدولية للفرانكفونية على الدعم المالي الذي مكن السلطة العليا لصحافة وللسمعيات البصرية من إعداد هذه الدراسة الهامة والشكر موصول إلى الهيئة العليا للإتصال السمعي البصري في المملكة المغربية الشقيقية التي وضعت تحت تصرفنا أحد أبرز خبرائها وهو السيد ياسين الشريف، القانوني والاخصائي في مجالي السمعي البصري والتنظيم (أو الضبط حسب المغاربة).
يندرج هذا التعاون الثلاثي في إطار عمل شبكة سلط التنظيم الفرانكفونية التي تنتمي إليها السلطة العليا الموريتانية، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري المغربي التي تحظى بدعم المنظمة لفرانكفونية الدولية.
إن إعداد دفاتر الالتزامات أو "الشروط " ووضعها في متناول السلطات والجمهور في الآجال المحددة يشكلان بالتأكيد حدثا طال انتظاره، وإذانا بالبدء الفعلي لتطبيق القانون 045/2010 الذي فتح إصداره آفاقا جديدة للقطاع السمعي البصري مثل مكسبا كبيرا بالنسبة لتعزيز حرية التعبير والتعددية والتنوع.
ينضاف هذا القانون إلى الترسانة الموجودة فيكملها ويثريها، وستكون من بين انعكاساتها نهاية احتكار الدولة للفضاء السمعي البصري، وإدخال المنافسة من أجل ولوج أوسع إلى وسائل الإعلام وتقديم منتج وخدمات أفضل للجمهور، وجود وسائل إعلام عمومية وخصوصية وجمعوية ولا مركزية لهذه الوسائل لصالح المناطق الداخلية، لكن تطبيق هذا القانون سيواجه العديد من الإكراهات والتحديات .
إن توفير مناخ إعلامي تطبعه حرية التعبير والتعددية والتنوع يستدعي جملة من الشروط تفتقر إليها موريتانيا اليوم بشكل متفاوت ومن بين هذه المعايير المصنفة من طرف اليونسكو كمؤشرات لنمو وسائل الإعلام ووجود الإطار التشريعي والسياسي، الموارد البشرية، قدرة البني التحتية، المساواة الاقتصادية والشفافية، تنظيم مشجع لحرية التعبير والتعددية والتنوع.
في هذا المجال يلاحظ عجز كبير، إلا فيما يخص الجانب التشريعي والسياسي حيث سجل تحسن طفيف. من المؤسف أن موريتانيا لا تزال تنتمي إلى النادي غير المرغوب فيه البلدان الفقيرة والمتخلفة. كما أن مجتمعنا مأزوم منذ فترة طويلة يتقاذفه عدم الاستقرار السياسي وسوء التسيير والتفكك الاجتماعي وضياع القيم والمعالم،..الخ.
إن البعد الأشد مأساوية ـ وهدما ـ لهذه الأزمة الساحقة يتجسد في إفلاس النظام التربوي الوطني، في انهيار المدرسة الموريتانية ولا شيء أدل على هذا المشهد الذي يرثى له من الصورة التي تعكسها حاليا جامعة انواكشوط المنحرفة.
إن قطاع الاتصال ليس بمعزل عن هذا الوضع العام الصعب وذلك على الرغم من الجهود المحمودة التي يبذلها بعض الفاعلين، ويتجلي الوهن الذي يعتريه في هشاشة وعسر الصحافة ووضاعة وسائل الإعلام الرسمية.
لاينبع هذا الحكم القاسي من جلد للذات أو من تشاؤم سمج وإنما من ملاحظة مرة عامة.
إن تطبيق القانون المتعلق بالقطاع السمعي البصري سيفرض على وسئل الإعلام الرسمية كثيرا من التحديات ، فتغيير وضعها القانوني وطبيعة مهامها سيحولها إلى وسائل إعلام للخدمة العمومية حقيقة، وسيطال كل جوانب تسييرها من تعيين واكتتاب وتكوين وبرامج وعلاقات مع الحكومة والفاعلين الوطنيين والجمهور ومن تجهيز ،...الخ .
سيتطلب هذا الوضع الجديد قطعية نهائية مع العقليات والممارسات البالية والتي تتجلي في الفكر الأحادي واللغة الخشبية وعبادة الفرد والدعاية المغرضة. لا ينبغي لها من أجل مواجهة المنافسة التعويل إلا على النوعية والتمييز والقدرة على الابتكار وتقديم أفضل الخدمات لأوسع جمهور ممكن، إن هذه التغيرات تستوقف أيضا وسائل الإعلام الخصوصية والجمعوية التي سترى النور والتي يجب عليها احترام إلتزاماتها وخدمة المصلحة العامة. ينبغي خلق تكمل بناء بين هذين القطبين الإعلاميين . وجود نظاتم ضبط يضمن حرية التعبير والتعددية والتنوع من شأنه هو الآخر أن يساهم في خلق وسائل إعلام ذات مصداقية ، عصرية ومتطورة.
يمنح القانون 045/2010 ، السلطة العليا صلاحيات كثيرة من ضمنها إعداد دفاتر الالتزامات وتطبيقها ولقد أصبحت بوجودها جزء من المشهد السياسي والإعلامي الوطني وتشكل على الرغم من نواقصها مكسبا ديمقراطيا ثمينا. تم إنشاء السلطة العليا في وضع متأزم وفي محيط فني ومهني صعب ، مما جعلها تواجه كثيرا من العقبات المتمثلة في ضعف الوسائل البشرية والمادية، في عدم التجربة، في انعدام مقر مناسب لها، في عدم إدراك بعض الأوساط لدورها،..الخ. يشكل تحرير المجال السمعي البصري تحديا جديدا بالنسبة لها وليس إعداد دفاتر الالتزامات إلا بداية لهذا التحدي. من أجل القيام بمهمتها المعقدة والصعبة ينبغي توفير الوسائل الضرورية ولأن التنظيم يقع في صميم الديمقراطية والمواكنة والتنمية. إن تنمية قطاع الإتصال مرتبطة بالتنمية الشاملة للبلد وتمر حتما هذه الأخيرة ولا سيما في الظروف الراهنة بالقيام بإصلاحات جذرية وخصوصا على المستوى المؤسسي والسياسي. لا تنبع هذه الصورة الملحة من الإرادة السياسية فحسب إنما أيضا وخاصة من مطلب ديمقراطي وحق الشعوب في الحرية والكرامة والسعادة".
 |
تاريخ الإضافة: 11-05-2011 11:03:15 |
القراءة رقم : 761 |