برلمانيات/ مشادات بين الوزير الأول والنائب النانة بنت شيخنا
شهدت جلسة الجمعية الوطنية العلنية يوم امس الجمعة المخصصة لمناقشة اعلان السياسة العامة للحكومة، الذي قدمه الوزير الاول امام النواب، مشادات بين النائب عن تكتل القوي الديمقراطية، النانه بنت شيخنا (التي القت كلمة فريق حزبها اثناء الجلسة) والوزير الاول مولاي ولد محمد لغظف، انسحبت على إثرها بنت شيخنا من القاعة.
وكالة نواكشوط للانباء، تخصص هذه الحلقة من برلمانيات، التي ستنشر فيها لاحقا كافة مداخلات نواب الموالاة والمعارضة خلال هذه الجلسة، لمداخلة النائب النانة بنت شيخنا وردود الوزير الول عليها وأسباب المشادات التي ادت لانسحاب النائب.
اولا/ مداخلة النائب النانه بمن شيخنا:
"بعد الترحيب بكم السيد رئيس الوزراء وبالوفد المرافق، أذكركم بأنني دأبت في السنوات الماضية علي طلبكم المتكرر بضرورة تقديم حصيلة لنا مرقمة ومفصلة، واليوم تأكدت من استحالة ذلك، وعليه كان من الأجدر بكم أن تأتوا لتقدموا اعتذارا للشعب الموريتاني بأسره، لانكم حملتم شعار محاربة الفقر ورئيس وحكومة الفقراء والمستضعفين، وأغرب ما كان منكم اليوم، عدم ورد كلمة الأسعار مرة واحدة في برنامجكم، الذي تقدمتم به.
ان الفقير كل ما يطمح اليه هو ان يكون له مصدر يكفل له العيش الكريم، وهذا اليوم مستحيل لأن سعر كيلو اغرام الأرز وصل 200 أوقية والسكرـ الذي زاد سعره اليوم لعلمكم ـ سعر كيلو اغرامه 260 اوقية والزيت 450 للتر وهذا تضخم خطير، والأخطر أنه يأتي في ظرف يشهد فيه الاقتصاد الوطني توقفا نهائيا عن الانتعاش، والأسعار وصلت ارتفاعا مذهلا، وهذا وضع يحتاج نظرة لمعالجته، حسب الاقتصاديين.
فمن حق الفقراء عليكم، طلب المعذرة منهم، لأنكم عندما أردتم زيادة الضرائب، رفعتموها على البنزين، الذي كما تعلمون زياداته تنعكس على جميع المسائل الغذائية ورفعتموها هذه السنة 13 مرة، منها أربع زيادات في الشهر المنصرم، في حين امتنعتم من رفع زيادة الضرائب على السجائر، كما طالبناكم بذلك، فهذه ليست سياسة من يريد مساعدة الفقراء بشيء.
وتحدثتم في بيان سياسة حكومتكم، عن قضية رمضان،وهنا يجب ان تعلموا أن السنة كلها رمضان بالنسبة للفقراء لانعدام إمكانيات للعيش لديهم، ومن الغريب أيضا خلو برنامج حكومة كهذه من كلمة واحدة عن حقوق الانسان والمستضعفين والفقراء والاسترقاق، ومن الغريب كذلك تقليص مبلغ مليار اوقية، الذي رصدناه سابقا لمحاربة اثار الرق إلى 900 مليون أوقيه هذا العام على شكل وصول عينية (بنايات الخ..)وهذا مدعاة للتعجب، ومدعاة للتعجب أيضا نقل هذا المبلغ من مفوضية حقوق الانسان إلى جهات اخري.
ان مشكلة العبودية والحالات التي توجد منها، يجب إدراك أنها مشكلة لا يمكن التغاضي عنها وينبغي ان لا تترك لأشخاص ستؤدي إلى تطرفهم، ولا لأي جهة مهما كانت، هذه قضية موريتانية، عار في جبين كل منا، يجب ان تعالج بصورة حقيقية وليس عن طريق سجن من يحاربها، بل تعالج من النواحي الاقتصادية والاجتماعية، ويعبأ لها الرأي العام وفي مقدمته العلماء والفقهاء وجميع وسائل الاتصال والثقافة والفن وكافة فئات المجتمع يجب عليها أن تشارك فيها.
وهناك مسالة عبودية أخرى تتمثل في جماعات كبيرة من العمال غير الدائمين في "صوملك" وفي "ساميا" وغيرهما بدون أبسط حقوق رغم أنهم أرباب أسر يعملون منذ سنوات عديدة، انضافت لهم معانات حملة الشهادات المدمجين سابقا في مرنامج الحنفيات، الذين أصبحوا عاطبين عن العمل كذلك بعد اكتمال مشروع افطوط الساحلي ليلتحقوا بالعاطلين من حملة الشهادات الذين يصرخون حاليا امام ابواب الجمعية الوطنية، دون مجيب.
والشعار الثاني الذي يجب عليكم الاعتذار عنه للشعب الموريتاني هو شعار محاربة الفساد الذي رفعتموه وفشلتم في تحقيقه، بل تضاعف في ظل رفعكم لهذا الشعار بشهادة، منظمة الشفافية العالمية، التي لا أحد يشكك في مصداقيتها، حيث صنفت موريتانيا 2006 على أنها في رتبة 84 ضمن قائمة دول العالم في مجال الشفافية وفي 2010 صنفتها في رتبة 143.
ومن مظاهر هذا الفساد سياسة الحكومة في مجال المعادن غير المتجددة التي تترتب عليها اليوم حياة المواطنين وأجيال المستقبل، هذه المعادن التي تسير بطرق فاسدة والدليل على ذلك حصول موريتانيا علي 3% من قيمة مبيعات شركة تازيازت من الذهب بموجب الاتفاق الذي وقعتم معها و25% علي أساس الضريبة الصناعية والتجارية، إن نسبة 3% تعتبر صدقة علينا من ذهبنا، وقد ارتفعت هذه النسبة ب1% بموجب مراجعة الاتفاق 2009 الذي حصلتم بموجبه على 12 مليون دولار مع التنازل عن حقنا في مراجعة هذه الاتفاقية مرة أخرى وهذا ما أسميه جريمة اقتصادية يجب عليكم الاعتذار عنها للشعب الموريتاني ولأجياله القادمة.
وفيما يخص الصفقات مع الصين وشرائكها والتي يبدوا أن وراءها رجل أعمال يعمل في الظلام هو المكلف بها هذه الصفقات، فهي قاتلة لرجال أعمال موريتانيا وحرمتهم من الصفقات الوطنية، فما سر هذه القضية؟ ولماذا الصفقات مع الصين لا تمر بالبرلمان الموريتاني؟ بجب أن نطلع على المخفي من هذا الموضوع، الذي هو الآخر مظهر من مظاهر الفساد المستشري اليوم في الإدارة أكثر من أي وقت مضي، حيث يتداول في حلقة ضيقة مغلقة هي وحدها المستفيدة منه ولا مجال لمعاقبة اصحابها بعد تعطيلكم لمحكمة العدل السامية التي سن قانونها، مما جعل محاكمة أي مسؤول سامي سرق غير ممكنة اليوم، اللهم إلا إذا كنتم ستقيدونه وتضربونه.
إن الإدارة التي وجدتموها فاسدة وتعاني من مشاكل بنيوية، جمدتموها نهائيا بدل حل مشاكلها، اذ لا يوجد اليوم أي مسؤول مهما كانت رتبته يتمتع بصلاحيات، حيث هناك شخص واحد هو الكل في الكل وهذا عين الفساد، وكان لدينا أمل في ان تحدث مشاورات شفافة وجادة بين الموريتانيين لايجاد حلول مناسبة لهذه القضايا كلها وهذا ما سعت إليه المعارضة على أساس اتفاق دكار، وهنا اود التاكيد على ان سعي المعارضة للحوار ليس بدافع السعي للمشاركة في السلطة، فهذه ليست غاية لدينا، فقد سبق لنا في "التكتل" ان رفضنا عرض قدمه لنا ولد عبد العزيز بالمشاركة في حكومته بـ10 حقائب وزارية، وإنما نسعي للمشاركة في الرأي حول جميع قضايا البلد التي نطالب ببحثها من طرف كل الموريتانيين، واليوم تأكدنا من استحالة ذلك بعد أن تنكر رئيس الدولة لاتفاق دكار، الذي حضره شهود من الامم المتحدة ووقع عليه ممثله الشخصي وهنا اقول له ان الوفاء بالعهد ميزة يحتاجها كل من يريد القيادة.
ونطالب الموريتانيين اليوم بالنضال الديمقراطي السلمي والجاد لتغيير هذا الوضع، الذي لم يعد قابلا للبقاء قبل ان تضيع موريتانيا امام أعينهم ولن يغيره غيرهم، ان الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بانفسهم، كما استشهدتم في برنامجكم".
ثانيا/ رد الوزير الاول مولاي ولد محمد لغظف:
"لا داعي للمزايدة في مسالة الفساد، فموريتانيا عاشت هذه الظاهرة منذ 30 سنة والكل شارك فيها بشكل او باخر ، وكما تعلمون جميعا فإن الرئيس محمد ولد عبد العزيز هو اول من جعل من مكافحة الفساد قضية محورية في التصور وفي واقع الممارسة، وحث في اكثر من مناسبة على ان محاربته شرط اساسي لبناء الوطن وازدهاره.
ان تراكمات الفساد في بلادنا كبيرة جدا ولايمكن القضاء عليها بين عشية وضحاها، ومع ذلك فإن الحكومة استطاعت في حربها على الفساد ان تمول برامجا طموحا لصالح المواطن ولخدمة الطبقات الأقل حظا بمبلغ 50 مليارا حصل عليها من نتائج محاربة الفساد وترشيد المال العام والتسيير المعقلن للموارد.
وبخصوص تقريرالمنظمة الدولية للشفافية الذى صنف موريتانيا في مرحلة متأخرة، فهذا التقرير يعود إعداده الى العام 2009 ويتعلق بالسنوات الثلاثة قبل ذلك، لان المنظمة تعد تقاريرها كل ثلاث سنوات وبالتالى تكون الحكومة الحالية غير مسؤولة عن الفترة التى يشملها التقرير لكننا على استعداد لنتائج تقرير جديد يتناول فترة مأموريتانيا، وآخر مرة زار فيها وفد من المنظمة موريتانيا كان سنة 2009، والتقى ثلاث منظمات غير حكومية معروفة بالاسم.
ان الحكم علي هذا النظام من خلال تقرير اعد على أساس معلومات عن سنوات ما بين 2007 ـ 2008، حكم غير منصف وعلي من سيتقدم بمعلومات من هذا النوع ان يتأكد من صحتها.
هنا وقفت النائب النانه بنت شيخنا ولوحت بتقرير قائلة إنه تقرير عن مرحلة الحكامة في موريتانيا 2010 وهو مار رفضه الوزير الأول بشدة، مصرا علي ان هذه المعلومات غير صحيحة، مؤكدا ثقة العالم خاصة مؤسسات التمويل بموريتانيا ومستشهدا بنتائج طاولة ابركسل واصفا كل من لا يعترف بذلك بان طرحه غير جدي.
وبعد مشادات مع الوزير الاول، انسحبت النائب النانه بنت شيخنا قائلة "لااستطيع مواصلة الاستماع إلى المغالطات"، بينما واصل ولد محمد لغظف ردوده على مداخلات النواب، مؤكدا اهتمام الحكومة بموضوع الأسعارالذى قال انه يشكل محورا هاما في برنامج رئيس الجمهورية الرامي الى الاهتمام بالمواطنين الأقل حظا، مبرزا ان الحكومة تقوم باجراءات مصاحبة عند كل ارتفاع للأسعار سواء عبر التوزيعات المجانية أو من خلال عملية رمضان أو غيرها من الاجراءات الرامية الى مساعدة المواطن في الحصول على المواد الأساسية بأسعار تتناسب وقوته الشرائية.
وحول موضوع الرق أبرز الوزير الأول ان العبودية ظاهرة سيئة وعيب كبير وانه من المؤسف الحديث عنها في عام 2011 في مجتمع كالمجتمع الموريتاني، مشيرا إلى أن كافة البرامج التى نفذتها الحكومة تصب كلها في محو هذه الظاهرة وآثارها عبر الاهتمام بالشرائح الأقل حظا وتوفير الوسائل الضرورية للتحسين من ظروفها.
وفي هذا الصدد ـ يضيف الوزير الأول ـ فإن الابلاغ عن وجود حالة من هذا القبيل أمر واجب وهام، وينبغى ان يكون مسؤولية الجميع، غير أن اللجوء الى الوسائل غيرالمشروعة في ذلك أمرغير مقبول ولا يمكن السكوت عليه لكونه يشكل استهتارا ابالسلطة.
واختتم الوزير الأول ردوده بالتأكيد على أن الحكومة مستعدة للحوار ويدها ممدودة له لنقاش القضايا هامة كالتعليم والانتخابات وغيرها من القضاياالوطنية.
 |
تاريخ الإضافة: 09-01-2011 02:40:40 |
القراءة رقم : 3813 |