وانتقد ولد مولود سياسات النظام القائم ووصفها بأنها استمرار لسياسات الأنظمة العسكرية التي سبقته، وقال في كلمة افتتح بها ندوة نظمها شباب حزبه مساء اليوم في مقره المركزي في العاصمة، إن فرنسا تعمل اليوم علي استعادة سيطرتها على منطقة الساحل الإفريقي عن طريق جر موريتانيا الي حرب على القاعدة في المنطقة، كما جرتها منتصف السبعينات إلى حرب الصحراء الغربية لاستعادة سيطرتها على موريتانيا بعد أن فقدتها جراء نضالات القوي التقدمية، التي أرغمت نظام "حزب الشعب" على مراجعة الاتفاقيات مع فرنسا وتأميم "ميفرما" وإيجاد العملة الوطنية وإصلاح تعليم يرسم العربية ويشجع اللغات الوطنية الأخرى.
وتحدث عن اسباب معارضة احزاب منسقية المعارضة، باستثناء واحد منها، للحرب على الارهاب، مبرزا ان الامر لا يعود للتقليل من خطر الارهاب ولا معارضة لمحاربته لحماية موريتانيا من مخاطره، وقال إن هذه المعارضة مؤسسة على جملة من المعطيات التي "يجب توضيحها لأن النظام يغالط الراي العام بشانها".
ومن هذه المعطيات، بقول ولد مولود، "كون موريتانيا تدخل هذه الحرب باستراتيجية لم تخطط لها، بل دخلتها على أساس أجندة وضعها الرئيس الفرنسي ساركوزي في افريقيا مبنية على ضرورة تعزيز مكانة فرنسا في المنطقة التي بدأت تتراجع منذ فترة وذلك في إطار تقسيم الأدوار بين الدول الغربية، حيث تركت أمريكا لساركوزي الفرصة لان يلعب دور الرائد في المنطقة ولتبوء هذه المكانة خطط لأن يكون "بوش الصغير" في الساحل الافريقي باعلانه الحرب على القاعدة في خطاب علني قال فيه انه لن يقبل بتمركز القاعدة في الساحل".
وقال ولد مولود ان اعلان ساركوزي الحرب على الارهاب في الساحل، وليس على القاعدة في فرنسا وأوربا يبرز سعيه لتنصيب نفسه حاكما للمنطقة بدل مساعدة دولها على محاربة الجماعات المسلحة، وذكر في هذا المجال بسعي فرنسا منذ فترة إلى وجود قواعد لها في المنطقة وهو المسعى الذي ظلت دولها ترفضه وفرنسا تدفع موريتانيا اليوم إلى قبول ذلك تحت يافطة محاربة الارهاب، انطلاقا من أن فرنسا، لن تخسر شيئا اذا دفعت بموريتانيا الي جحيم الحرب، التي ستقتطف ثمار نتائجها ان وجددت، وخسائرها المادية والبشرية والسياسية علي من في ميدن المعركة وهي موريتانيا.
وشدد رئيس اتحاد قوي التقدم علي ان جيوش دول الساحل لديها من القوة ما يكفي لمحاربة الجماعات السلفية التي هي عبارة عن مجموعات تتنقل في سيارات عابرة للصحراء ولديها أسلحة لدي هذه الدول ما يتفوق عليها ولذا لاحاجة لوجود أجنبي في الساحل، بل سيعطي هذا الوجود في حال تحقق صدقية لحج الإرهابيين بأنهم يحاربون وجود الكفار في المنطقة، مما سيقنع المزيد من الشباب بالانضمام إلى صفوفهم من أجل الجهاد.
ومن اسباب رفض هذه "الحرب بالوكالة" يقول محمد ولد مولود، أن موريتانيا غير مطالبة بسد عجز الدول الاخري عن تامين اراضيها، بل عليها تأمين أراضيها هي من أن تكون مأوى للخارجين عن القانون وحماية حدودها في وجه كافة أشكال الجريمة المنظمة والدفاع عن سيادتها، دون أن تكون دركيا لفرنسا ولا لغيرها في تنفيذ استراتيجيات لاترضي عنها دول المنطق أو لا تتبناها وقال "علينا أن نرفض تجنيدنا للعب دور يرفضه الآخرون من دول الجوار"، مبرزا ان محاربة الارهاب وغيره من الجرائم في منطقة الساحل الافريقي تستوجب تكاتف جهود هذه الدول وتنسيق التعاون وتحديد دور لكل منها لحماية اراضيه دون ان يلعب دور غيره بسبب عجوه او تقاعسه عن القيام بمسؤولياته في تامين وطنه من الاخطار.
ووصف إعلان موريتانيا، حربا علي القاعدة وقتال جيشها لمسلحيها داخل أراضي مالي ب"المغامرة الفاشلة" تعرض الجيش للخطر، كما ستؤلب علينا القاعدة المنتشرة في جميع بقاع العالم والتي عجزت أمريكا وغيرها عن محاربتها ـ فما بالك بموريتانيا ذات الوسائل المحدودة والتي تعاني من مشاكل جمة ـ يقول الرئيس الدوري لمنسقية المعارضة.
وأضاف، "إن اندفاعنا لقتال القاعدة علي الأراضي المالية بعد إعلان مالي فتح أراضيها أمام كل من يرغب في محاربتها داخل أراضيها بعد عجزها هي عن ذلك، مغامرة وعبء كبير يتطلب توفير جهد اضافي للجهد الذي يكلفنا تامين أراضينا، من اجل تامين شمال مالي العاجز هو عنه".
وبهذه الحجج برر محمد ولد مولود معارضة حزبه وباقي أحزاب منسقية المعارضة الديمقراطية لدخول موريتانيا في حرب خارج حدودها علي الجماعات السلفية المسلحة باستثناء حزب واحد داخل المنسقية يعارض هذا الموقف وهو تكتل القوى الديمقراطية، وهو ما قال انه، شكل خلافا داخل المنسقية حول الموضوع، متمنيا تغلبهم عليه مع انه خلاف حقيقي على حد تعبيره.
وطالب النظام بتوقيف هذه "المغامرة" والسعي الي تنظيم الوضع الموريتاني الداخلي وقال "إننا مرغمون علي ذلك لتامين مواطنينا وأراضينا وسيادتنا ولانقبل أبدا بوجود أي نوع من الإجرام تحت أي غطاء مهما كان علي أراضينا، وعلينا أن نضحي بكل ما لدينا في سبيل ذلك، بقدر ما يجب علينا رفض أي وجود أجنبي في موريتانيا لان ذلك معناه خروج زمام الأمور من أيدينا وتحكم الغير فيها وتوجيهه لمسارات الأمور.
وفي استعراضه لدور الشباب في النهوض بالأمم والشعوب، ذكر محمد ولد مولود بما وصفه، تأثير حركة الشباب بشكل كبير في الواقع الموريتاني في نهاية الستينات القرن الماضي، حيث حركت الساحة السياسية بشكل حقيقي عندما تبني الشباب شعارات مقاومة الهيمنة الاستعمارية الفرنسية والمطالبة بمراجعة الاتفاقيات معها ومحاربة كل ما يمت بصلة للاستعمار الجديد والقديم.
وتأسف رئيس اتحاد قوي التقدم لما قال انه "جزر كبير" عرفته البلاد ناجم عن فشل بعض الخيارات التي اتخذتها الطبقة السياسية مما خلق إحباطا لدى الموريتانيين قبل الحرب التي قال ولد مولود انها فرضت علي موريتانيا من طرف فرنسا لاسعادة سيطرتها على موريتانيا التي فقدتها في بداية السبعينات بمساعدة المغرب، الذي وجدت قواته بكثافة داخل مدن البلاد.
وقال ان نتائج هذه الحرب كانت "سقوط موريتانيا من جديد في حماية فرنسا والمغرب وفقدها الكثير من سيادتها والعديد من الارواح وفرصة نمو اقتصادي، "لأن جميع الموارد خصصت للحرب، التي فقدناها في النهاية بعد ان ادخلتنا في دوامة انقلابات عسكرية أفرزت أنظمة زبونية يعد النظام القائم أحدها، رغم أدعائه بأنه ناجم عن انتخابات". حسب تعبير ولد مولود، الذي أضاف "ليس بالضرورة كل نظام قادم بانتخابات ديمقراطي، بل يكون كذلك حين يحترم الديمقراطية والقانون وخيارات الشعب، لانه يمكن لاي نظام ان ينجح بالانتخابات ويبدأ بتحطيم الديمقراطية". واختتم ولد مولود حديثه بالقول "ان نظاما أسس على المغالطة في كل صغيرة وكبيرة، وعلي احتكار السلطة على شخص واحد او جماعة قليلة، نظام غير صالح لحماية موريتانيا ولا قدرة له على ذلك بل سيجرها الى مغامرات مخاطرها غير محسوبة ولن يستطيع مواجهتها ولادرعها".