قضية رجاء: أسئلة تنتظر أجوبة... واختلافات أراء القانونيين حولها (رأى ولد ابتي محامي زيني وولد اعثيمين محامي بدر)
ماموني ولد مختار
شكلت قضية اطلاق نجل رئيس الجمهورية بدر، الرصاص علي الفتاة رجاء بنت اسيادي قبل ستة ايام، سابقة في موريتانيا من حيث الفاعل وطريقة التعامل مع الحادثة رسميا وقانونيا وطبيا، مما جعلها تطغي علي اهتمام الرأي العام الوطني.
وبدون شك فإنها ستظل لبعض الوقت تشكل مادة غنية للصحافة وللقانونيين والسياسيين وحتى للفضوليين واخشي أن يحاول البعض محاكاتها كما يحاكي البعض المشاهد الدرامية في الأعمال السينمائية، التي هي - وبدون مخرج ولا كاتب رواية -صارت من أكثرها اتراجيدية.
فالمتتبعون لمسارات هذه الواقعة و"وكالة نواكشوط للأنباء" كانت من بينهم، ارتبكوا في مسايرة أحداثها المتسارعة والجديدة علي الموريتانيين، حيث كانت اقرب للشائعات مما جعل تغطيتها في وسائل الإعلام الالكترونية، تختلف إذ سارع بعضها في نشر أسماء المتهمين ونال بذلك السبق وبعضها نفي التهمة عن الفاعل الحقيقي وحاول إلصاقها بالآخرين والبعض ومنه "ونا" تحفظ علي نشر الأسماء قبل التأكد من اعتقال المعنيين، كما تجنب نشر التسريبات التي تحاول تحريف الحقائق، حرصا علي الدقة والمهنية، مما فسره البعض تفاسير مختلفة.
وهذا الارتباك لم يقتصر علي تغطية وسائل الاعلام للحادثة بل ظهر في تعامل الشرطة معها وهو ما يتجلى في اعتقال زيني ورشيد مباشرة في المستشفي الذين هم مجرد شهود وعدم اعتقال بدر الذي اعترف بانه الفاعل، حيث لم يستطع مفوض الشرطة المداوم اتخاذ قرار اعتقاله لمجرد كونه ابن رئيس الجمهورية، رغم اعتارفه بالفعل، لذا احتفظ به معه في سيارته قبل أن يوصله الي قريب له بقي عنده الي ان تقرر تسليمه للشرطة مساء اليوم الموالي.
وخلال تلك المدة حدثت قضايا مازال الموريتانيون يتساءلون عن مكنوناتها وخاصة حجب الضحية عن الجميع بما فيهم والديها ومرابطة مستشارين من الرئاسة والوزارة الأولي ومسؤولين صحيين في المستشفي وجعل الجناح الذي توجد فيه رجاء، منطقة محظورة حتي علي العاملين فيه الي ان تم نقلها في طائرة طبية خاصة مستأجرة إلي المغرب، رفقة رسميين، وفي المستشفي المغربي تواصل حجب المعلومات المتعلقة بصحة رجاء ومنع التواصل معها.
وقد ولدت هذه الاحداث جملة من الاسئلة يتعطش الرأي العام لمعرفة أجوبتها، منها أسباب عدم تسليم بدر للشرطة إلا في مساء اليوم الموالي للحادثة ومغادرة الفاتاة الي المغرب وابلاغها لأمها ـ التي التقت بها قبل ذلك بقليل ـ بأن بدر هو من أطلق النارعليها وكذلك بعد إصرار زيني ورشيد علي ان لا يتهم احدهما الآخر ـ حسب تصريحات زيني ـ والبقاء علي أقوالهما أن بدر هو الفاعل، رغم الضغوط التي صرح بأنها مورست عليه ويقال إنها مورست علي رشيد.
ومن هذه الأسئلة التي تنتظر الإجابة، ما هو سبب الاهتمام الرسمي بالقضية، وعلى نفقة من أجرت الطائرة الطبية لنقل رجاء إلى المغرب ومن تولى تكاليف علاجها وإقامة مرافقيها الرسميين، وقد أضيفت إلي هذه الأسئلة أخري، منها ما هو قانوني نجم عن السرعة والطريقة التي سويت بها المسالة وحفظت بدون متابعة، وكذلك ترحيل رشيد الي بلده المغرب والذي لا محالة سينجم عنه تداعيات أخري لأنه يأتي بعد ترحيل مواطنه مراسل وكالة الأنباء المغربية، قبل فترة وجيزة.
وهناك أسئلة أخرى عن الحالة الصحية لرجاء ونوع الذخيرة التي أصيبت بها والثمن الذي سيطلبه المغاربة في الاستجابة لطلبات موريتانيا في التعامل مع هذا الملف الذي يظهر ان طيه ليس بالسهولة التي يتخيل البعض، ومن هذه الاسئلة الكثيرة ما ذا سيكون التعامل في حال حدوث قضية مماثلة يقوم بها ولد من هو اقل درجة في السلم السلطوي، وما كان سيكون التعامل مع قضية رجاء اذا كان الفاعل شخص آخر، وهل سنؤجر طائرة لمريض مصاب بداء السكري او العجز الكلوي، وهم كثر، وما هو المبلغ الذي تم عليه الصلح ومن دفعه، هي إذن أسئلة كثيرة ستشغل الرأي العام بجميع اتجاهاته لمدة من الزمن.
"وكالة نواكشوط للأنباء" في إطار سعيها لإنارة الرأي العام حول بعض جوانب قضية رجاء، كانت قد نشرت أمس مقابلة مع زيني ولد الإمام الشافعي، أجاب فيها علي الأسئلة المتعلقة بوقائع القضية وللرد علي بعض الأسئلة القانونية المطروحة حول المسار القانوني لهذه القضية، ننشر مقابلتين إحداهما مع الأستاذ إبراهيم ولد أبتي، محامي زيني ولد الامام الشافعي، الذي اعتقل على خلفية القضية، واعتبره القضاء شاهدا وبرأه، والثانية مع الأستاذ بونن ولد إعثيمين، محامي بدر ولد محمد ولد عبد العزيز، الذي أطلق النار على رجاء وحفظ القضاء الدعوى ضده بعد صلح جزائي مع النيابة دفع بموجبه غرامة قدرها 50ألف أوقية، ورفض والد الضحية الشكوى.
مقابلة مع الأستاذ ابراهيم ولد ابتي:
ونا: من أي زاوية تقرؤون ملابسات قضية رجاء منت أسيادي قضائيا؟
ولد ابتي: هذه القضية من الناحية القضائية، تؤكد ما أقوله دائما من أنني اخجل لقضاء بلدي واخجل لشرطته القضائية في تحرياتها وفي عملها... فلماذا؟ ففي ليلة من الليالي كان شبان ثلاثة احدهم الابن المدلل لرئيس الجمهورية، يتحدثون مع فتاة و فجأة أطلق عليها الولد المدلل النار وتركها وكأنها ميتة وأصبح يصرخ خوفا من الواقعة وحاول الفرار عن ضحيته وقبض عليه زملاؤه ومنعوه وأجبروه على الذهاب معهم بالفتاة إلى المستشفي الذي أقر فيه أمام الجميع بأنه من أطلق النار عليها، واعترف بذلك أمام ضباط الشرطة الذين مثل بحضرتهم الوقائع، ومع ذلك ترك طليقا وطبقت الحراسة النظرية في ظروف سيئة على الشهود ولم تطبق عليه هو إلا بعد 24 ساعة، حيث وفرت له إقامة مترفة عند الشرطة، التي لولا الإعلام وزخمته وما قامت به الرئاسة من العناية بالمصابة، وكان الأمر أصبح في غاية الأهمية، لبقي الولد المدلل طليقا.
القضية من الناحية القانونية لا يمكن تكييفها إلا أنها محاولة قتل، ومحاولة القتل لا يجوز للقاضي ان يكيفها بالخطأ إذا كانت باستعمال الطلقة النارية الحية والتي بها يصبح من المستحيل أن تكيف القضية بأنها خطأ.
فعلى من يدعي الخطأ أن يدعيه أمام قاض الحكم ويثبت ذلك ويطلب بالتخفيف عليه في الحكم، إما أن يقع الضغط على الشهود من أجل إعفاء الجاني مما وقع ومحاولة إغراء ذوي الضحية وهي ما زالت علي سريرها ما بين الحياة والموت من اجل سحب شكايتهم وكأن القضية انتهت، فهذا بالنسبة لي قضائيا تأكيد على ان القضاء أصبح قضاء الرئاسة، قضاء ولد الرئيس وكأنه في حماية خاصة، فكيف يمكن أن نتصور شخصا يرتكب جريمة من هذا المستوي وتحل قضيته بعد 72 ساعة وتحفظ بان لا وجه للمتابعة فيها... شخصيا لأول مرة أرى هذا النوع يحدث في موريتانيا وفي العالم اجمع.
ونا: لصالح من سويت القضية؟
ولد أبتي: "أنا بالنسبة لي التسوية ليست من اجل حماية بدر ولد محمد ولد عبد العزيز بل من اجل التستر علي أدوات الجريمة، كنوعية الذخيرة المستعملة والتي يطرح عدم العثور على الرصاصة في جسد الفتاة، أسئلة حولها، وحمل نجل الرئيس لمسدس في شوارع العاصمة، وهذه أسئلة مطروحة بإلحاح أطالب ببحث حولها وكان على القضاء وجوبا أن يحقق فيها وينور الرأي العام حولها.
فعدم وجود الرصاصة في جسم الضحية يطرح افتراضا إنها من النوع الذي يتشظي في الجسم والمحرم استعماله دوليا، وهذا السؤال يبقي مطروحا على الأطباء الجواب عليه، وهنا اعتقد شخصيا ان السبب في منع الاتصال بالضحية والتكتم على نتائج فحوصها وجعلها في مأمورية وعناية خاصتين هو للتعتيم على نوع الذخيرة المستعملة.
ونا: هل طريقة التسوية قانونية في رأيكم؟
ولد ابتي: "لا بتاتا...هذه التسوية غريبة بل فضيحة لا علاقة لها بالقضاء، ووصمة عار في جبينه الملطخ أصلا، وخاصة أن الواقعة تم تشخيصها من طرف ضباط شرطة قضائية أمام الجاني والشهود ومع ذلك يقوم وكيل الجمهورية شخصيا بحفظ القضية بهذه الطريقة وبهذه السرعة لانها تتعلق بابن الرئيس، وهنا أوكد لكم ان وكيل الجمهورية في نواكشوط لم يستلم أبدا ملفا في الوقت الذي تسلم فيه هذا الملف، وهنا لا أريد أن أقول إلا أن هذا منكر أنكرناه، للأسف الشديد كيف يمكن اليوم أن نتحدث عن وجود عدالة بعد أن صارت آلة لحماية أسر معينة ولحماية المال والشأن الرسمي فقط، وأنا شخصيا أخاف على هذا البلد، حيث كشفت هذه القضية أن القضاء يتعامل بمكيالين مع المواطنين، إذ يعامل ابن ولد عبد العزيز معاملة خاصة تختلف عن التعامل مع الآخرين.
ونا: مادام الطرف المدني وهو الأساس، تنازل عن الشكاية واعتبر القضية خطأ وفضل الصلح مالعيب في ذلك؟
ولد أبتي: هذا النوع من القضايا الطرف المدني فيه ثانوي، لان القتل هو اكبر جريمة يمكن تصورها، ومحاولة القتل سميها ما شئت عمدا أو خطأ، القانون يستوجب من النيابة أن تتحرك وتتبني القضية وجد طرف مدني أم لم يوجد، خاصة انها مطالبة بتوضيح بعض الأمور مثل: الذخيرة، كيف وقعت الجناية، كيف وقع التستر عليها بجعل الجاني في مأمن لمدة 24 ساعة وقيل ان المعني بدر هو الذي ضغط ـ الله تعلي اعلم ـ من اجل ذهابه الي الشرطة، بعد الضغط الإعلامي والرأي العام الذي أصبحت القضية هي شغله الشاغل في جميع نواحي نواكشوط، حيث صار الحديث كله وفي كل الاماكن العامة والخاصة، هو أن بدر ولد عبد العزيز أطلق النار علي فتاة أصبحت في حالة شبه ميتة ولم يعتقل واعتقل الشهود من اجل توريطهم وتبرئته.
ونا: أنت كمحامي لولد الشافعي هل بإمكانك تحريك القضية؟
ولد أبتي: أنا موكلي كان شاهدا وذلك ما أكده له وكيل الجمهورية عندما وصله وأطلق سراحه بدون متابعة، مع أنني اخجل لمعاملته والضغط عليه ليلصق التهمة بالمغربي، وقد كان الضغط كبيرا خاصة ان بدر نفسه اعترف أمام الجميع بأنه المرتكب لهذه الجناية، وفعلا موكلي سينور ا لرأي العام كما قام بعدة مقابلات - علي الأقل من أجل -ان يشرح القضية للرأي العام وهذا من واجبه ومن واجب الصحافة ان تتابع هذه القضية حتي يعرف الموريتانيون أن لا احد فوق القانون.
ونا: في نظرك ماذا ستفتح نهاية هذه القضية من التداعيات؟
ولد أبتي: أري أنها لا محالة ستفتح أبوابا كثيرة، سيستغلها السياسيون من زاوية استعمال رئيس الجمهورية للقضاء لحماية ابنه، وسيستغلها الإعلام وجميع شركاء موريتانيا في العالم في مجالات الاستثمار والتنمية، سيقولون كيف نتعامل مع دولة قضاؤها يتعامل بهذه الدرجة؟ وهذا يذكرني بقضية سابقة عندما زار مستثمر خليجي نواكشوط بدعوة من احد أصدقائه الموريتانيين بغرض الاستثمار، وعندما استقبله المعني عند سلم الطائرة بسيارته وذهب به مباشرة الي الفندق دون مرور بالشرطة ولا إجراءات الدخول، طلب منه أن يحجز له في أول رحلة ذاهبة فسأله عن السبب فقال له أنا بلد شرطته لا تسجل القادمين لن استثمر فيه لأنني لا اطمئن إليه، فما بالك ببلد يطلق فيه شخص النار على آخر ويترك طليقا بعد 72 ساعة، فهذا بلد لا أمل فيه وأي أجنبي زار موريتانيا اليوم سيرتجف عندما يسمع بهذه القضية.
وهذه القضية سوف تنتشر لان الشخصيات الرسمية لا أسرار لها وأمورها مكشوفة، وعلى الصحافة ان تنشر كافة المعلومات المتعلقة بالرئيس سواء كانت تخص أسرته او تخص الشأن العام، ومعاملته لهذه القضية هي اكبر فضيحة يمكن ان يرتكبها رئيس الجمهورية، وكان عليه ان لا يترك ابنه يخرج من المفوضية ويعامل كمعاملة الآخرين ولا أن ينحني له ضباط الشرطة عند طرح الأسئلة عليه ويمارسون الضغوط والعنف مع الشهود وهذا أمر مخجل. رجائي ان لا يبقي بلدي على هذه الحالة.
مقابلة مع الأستاذ بونن ولد اعثيمين، محامي بدر ولد عبد العزيز:
ونا: كيف تكيفون قضية رجاء قانونيا؟
ولد اعثيمين: أود في البداية القول قبل الحديث عن الجانب القانوني في هذه المسألة، انها سابقة في تاريخ العرب، حيث كان أبناء الزعماء في جميع البلاد العربية والعالم الثالث لا يعاقبون على أفعالهم، بل لا يستطيع احد مجرد التفكير في مساءلتهم عن أفعالهم وأقوالهم.
ونظرا للتحولات الديمقراطية التي حدثت في العالم والتي بدات في موريتانيا وهذه هي وجهة نظري، فرضت حسب البرنامج الذي انتخبنا عليه رئيس الجمهورية ان يكون المواطنون جميعا سواسية أمام القانون بقدر مساواتهم في السير على الطريق، انتم متفقون معي ان الموريتانيين اليوم يسيرون في الشوارع بدون تمييز، بين الفقير والغني والراجل وصاحب السيارة بغض النظر عن نوعها، وهذا ما يجب ان يكون عليه حالهم أمام العدالة، التي هي أفضل البني التحتية وأكثرها نفعا للمواطنين جميعا.
وفي هذا القضية برز ـ حسب اعتقادي ـ رئيس الجمهورية أبا وأخا لجميع الموريتانيين، وعلاقاته بهم تساوي علاقاته بابنه، وحرصه علي ان يسري القانون علي ابنه، كما يسري علي جميع المواطنين الموريتانيين ولذلك لم يتردد عندما بلغه شخصيا الأمر في القول للجٍميع بأنه إذا كان ابنه أو أي فرد من عائلته يستحق الإعدام قانونيا فليعدم، وإذا كان يستحق البراءة فليبرأ، مؤكدا أن لا أحدا فوق القانون، بما في ذلك هو شخصيا.
إذن هذا تصرف تطمئن له نفوس جميع الموريتانيين ومفخرة لهم، أن يكون رئيسهم يطالب بتطبيق القانون عليه وعلى كل فرد من أفراد أسرته اخل بقاعدة قانونية مهما كانت طبيعتها، هذا أمر نحمد الله ونشكره عليه.
وللإجابة على سؤالكم، أقول إن المحامي ليس هو من يعطي التكييف القانوني للوقائع فذلك من اختصاص النيابة العامة، وعندما تحدده ترسله للقضاء الذي من حقه قبوله أو رفضه، وفي حال وقوع صلح بين الأطراف بمحضر النيابة العامة على أساس تكييفها قبل وصول القضية للقضاء، فبناء علي ذلك الصلح وليصبح أمرا قضائيا يصدق عليه رئيس محكمة الولاية.
وما حدث في هذه القضية هو أن النيابة العامة كيفت القضية على أساس المادة 287 من القانون الجنائي التي تنص على انه عند وقوع جرح أو غيره من الاعتداءات المادية ولم تتوفر شروط القصاص أو الدية فان الجاني يعاقب تعزيرا بالحبس من 10 أيام الى سنتين وبغرامة من 5000 الى 20000 ألف أوقية وقد كيفت القضية هكذا بناء على اعتراف الفاعل وشهادة الشهود أو شهادة المغربي لان البعض يريد لولد الشافعي ان يكون جانيا لا شاهدا لأغراض لا اعلمها حيث ان دفاعه يصر على عدم كونه شاهدا وليكون بذلك جانيا لان لا وجود لاحتمال ثالث.
اذن بعد تكييف القضية هكذا فان المادة 6 من قانون الإجراءات الجنائية التي تقول انه تنقضي الدعوة العمومية بالمصالحة أو بدفع غرامة جزافية أو باتفاقية، وهنا أقول لكم بوضوح إن ما حصل هو ان الأطراف توصلوا الى صلح علما بان القانون يقول في المادة 42 من قانون الإجراءات الجنائية، انه في حال عدم صلح بين الأطراف فيمكن لوكيل الجمهورية أن يقترح عليهم الصلح وفي حال موافقتهم فانه يحرر بذلك محضرا، لكن هذا ليس هو ما حدث، بل ما حدث ان الاطراف هي التي قررت الصلح فيما بينها وأعلنوا ذلك بناء علي مادتين واضحتين هما 41 و42 من قانون الإجراءات الجنائية حيث تنص المادة 41 انه يحق لكل من الطرفين الطلب من وكيل الجمهورية تضمين الصلح الخاص بينهما في محضر وعند موافقة وكيل الجمهوري وتراضي الطرفين فان وكيل الجمهورية يحرر محضرا يتضمن ما اتفق عليه الطرفان بحضورهما أو بحضور دفاعهما علي ان يتضمن الصلح أيضا محضر إشعار وكيل الجمهورية للطرفين أو لدفاعهما بتاريخ جلسة غرفة المشورة ويوقع عليه كل من وكيل الجمهورية والطرفان وهذا ما حصل.
أما المادة 42 فتقول إن وكيل الجمهورية يحيل محضر الصلح الى رئيس محكمة الولاية الذي يقوم هو أو من ينوب عنه بالتصديق عليه بحضور الطرفين وممثل النيابة العامة ودفاعها وبحضور كاتب ضبط المحكمة وان هذا الأمر غير قابل لأي وجه من أوجه الطعن وهذا الأمر يتضمن أداء غرامة هي نصف الحد الأدنى للغرامة المقررة قانونيا وهي في هذه الحالة 50 ألف أوقية وقد تم ذلك بالتحديد وهذه قضايا تحدث يوميا في المحاكم وليس بدعا من القول ولا من الفعل وإنما روتين يومي عادي ليست فيه أية مشكلة يحرر به وكيل الجمهورية اتفاق ويصدق عليه رئيس محكمة الولاية كما حصل في هذه القضية التي تمت إجراءاتها كغيرها دون اي استثناء او تخصيص او تمييز او تكبير او تقليل.
ونا: بعض القانونيين يعتبر انه ما دامت القضية قد استخدم فيها السلاح الناري فالجانب المدني فيها ثانوي ما قولكم في ذلك؟
ولد اعثيمين: أولا استعمال السلاح يختلف، فاستعماله بنية القتل فتلك قضية أما عن طريق الخطأ فهل يطلق عليه استخدام؟ يقال إن العرب قديما لا يمزحون بالسلاح للاعتقاد في ان الجن يشحنونه لذا يتخذون كافة الاحتياط في التعامل مع السلاح، وذلك لأنه في بعض الاحيان تبقي طلقة في البندقة وبدون قصد تصيب أحدا عند ما يكون الشخص ينظف سلاحه او يصوبه نحو شخص ويلامس زناده اعتقادا بخلوه من الرصاص وهذا لا يعتبر استخداما للسلاح بالمفهوم الذي تحدثت عنه في سؤالك وهو ما حدث بشهادة الشهود ـ إذا قبل أنهم كذلك ـ وباعتراف الفاعل نفسه.
ونا: بما ذا تفسرون عدم اعتقال موكلكم إلا في اليوم الثاني للواقعة رغم اعترافه حينها واعتقال الشهود؟
ولد اعثيمين: أنا أفسره بتعامل البعض بذهنية قديمة تقدس ابن رئيس الجمهورية قبل ان يعلم الرئيس نفسه بالأمر وهذه ذهنية سيئة وقديمة للأسف، ولم تعد اليوم موجودة في بلادنا، وهو ما رأينا تنافيه مع الواقع لأنه عند علم الرئيس بالواقعة تم التعامل مع ابنه بذهنية جديدة وهي الذهنية التي يرتضي رئيس الجمهورية ان يتم التعامل بها بين جميع الموريتانيين ساء كان ابنه او اخر لا تربطه به رابطة.
ونا: هل زرتم موكلكم عند الشرطة؟
ولد اعثيمين: نعم ... نعم
ونا: ما تفسيركم لعدم السماح للآخرين بزيارة موكليهم؟
ولد اعثيمين: أنا طلبت زيارة موكلي والزيارة نوعان، احداهما تدخل لزيارة موكلك مباشرة تزوره بعد طلب الأمر الموقع من طرف وكيل الجمهورية، وعند قدومي منعني مفوض الشرطة ولا يحق له ذلك ولكني استجبت واتصلت بوكيل الجمهورية الذي أوحى إلي بترك الأمر فوافقته ولم أرى موكلي عند المفوضية قط.
ونا: كمحام ألا تجدون أن سرعة الحسم في قضية بهذا الحجم مثيرة للشك؟
ولد اعثيمين: من خلال تجربتي اعرف قضايا كانت أسرع من ذلك، حيث تحدث الساعة 9 وعند الرابعة تنتهي ومنها قضايا بين أطراف من مختلف الطبقات والفئات.
ونا: وهل يكون فيها استخدام السلاح والضحية لا تزال بين الحياة والموت؟
ولد اعثيمين: الأذى لايقتصر على الجسد، فهو اشد وأشنع في النفس والشرف وفي المعنويات والقيم منه في الجسد، لدي الكثيرين من الناس وهذا يحدث أحيانا، أذكر مرة حادثا في مسابقة للرماية حيث اصابت طلقة نارية رجلا كان يريد تثبيت إشارة للرماية فكسرت رجله وسويت القضية بعد ساعتين مع ان رجله مكسورة، كما أن إرادة الأطراف تختلف فالبعض يميل للصلح فورا والبعض عكس ذلك، وهذه القضية أطرافها مالت للصلح فورا وتم التعامل فيها كغيرها من القضايا بدون أي اختلاف إلا في تجاوب رئيس الجمهورية مع القضاء وهو الأمر الذي لم نره من قبل في محيطنا القاري أو العربي
ونا: من انتدبكم للدفاع عن بدر؟
ولد اعثيمين: آنا في الاصل محامي بدر، وعندما وقعت الحادثة اتصلت برئيس الجمهورية وأخبرته برغبتي في ان أتولي الدفاع عنه بوصفي محاميه، فوافق على ذلك.
تاريخ الإضافة: 2012-01-30 15:54:43 |
القراءة رقم : 5429 |