اضغط هنا

اضغط هنا

نائب اطار سيدي محمد ولد محم يرعى اتفاقا بين القطاع المكلف بالسياحة والفعالين السياحيين لحل مشاكل السياحة في ادرار   اعتقال ثلاثة شبان من عائلة واحد للاشتباه في علاقتهم بالجهاديين   اعتقال عصابة متخصصة في سرقة السيارات بعد مطاردات استمرت عدة أيام   شرطة مكافحة الإرهاب تعتقل تسعة عشر شخصا تشتبه في علاقتهم بعناصر إرهابية   مقتل موريتاني ضمن مسلحين من القاعدة في جنوب اليمن   رابطة النساء معيلات الأسر: تطبيق القانون المجرم للاستعباد خطوة إيجابية   منسق نقابات الصحة يدين حادثة الاعتداء على أحد الأطباء من قبل أحد عناصر الجيش   إضراب لمدة ساعة عن الدراسة في مؤسسات التكوين المهني   زوجة "أبو حفص الموريتاني" وأبناؤه يصلون نواكشوط   اعتقال مسير حانوت تضامن في "أوجفت" و إنذار مسير اخر في أطار  
البحث

الجريدة
الموقع القديم
تــقـــاريـــر

الأغلبية الموريتانية: خطوتان إلي التفكك وخطوة إلي ....؟

اضغط لصورة أكبر

قراءة في واقع الأغلبية الموريتانية/  ماموني ولد مختار
 عندما يبني المرء أحلامه وأمنياته ويشيدها قصورا وقلاعا، يحلم بأن يقطف من جنانها أطيب الثمار.. فيستفيق من حلمه بعد أن بللت مياه البحر ثيابه ليجد أنه كان يبني على رمال الشاطئ.. حتما سيصاب بخيبة أمل شديدة.

 وهذا ما أصاب أغلبية نظام ولد عبد العزيز، التي تعيش اليوم أكبر خيبة أمل بعد أن أوشك العقد الذي يجمعها فيما بينها من جهة، ويجمعها بولد عبد العزيز من جهة ثانية، أن ينفرط، وبدأت رياح الخلافات داخل الأغلبية المنضوية تحت يافطة "إتلاف أحزاب الأغلبية" منذرة بتطاير هذه الأحزاب، التي هي: ـ إلا من رحم ربك ـ إما ورقية أو عبارة عن أفراد لا قاعدة لهم، أو جوقات مزمرين لكل من يجلس علي الكرسي الرئاسي بغض النظر عن صيغة وصوله إليه أو نوعية جلوسه عليه.

 وفي هذه القراءة للخريطة السياسية، سأسلط الضوء علي واقع الأغلبية وخلافاتها، وذلك سعيا مني إلى الإسهام في إنارة الرأي العام الوطني حول الواقع السياسي الوطني، الذي تمثل الأغلبية والمعارضة مشهده الأساس.
 وفي بداية هذه القراءة اذكر بان هذه الأغلبية ـ التي لم تكن استثناء عن سابقاتها التي كانت تلعب دور الدركي دفاعا عن الحاكم في فوجه معارضيه ـ تأسست في بدايتها من الأحزاب التي ساندت ولد عبد العزيز في انقلابه علي ولد الشيخ عبد الله، إضافة إلي البرلمانيين المغاضبين، "شماعة" هذا الانقلاب، (قبل أن يؤسسوا حزب الاتحاد من اجل الجمهورية الحاكم)، حيث ساند هؤلاء ترشح ولد عبد العزيز في انتخابات 2009 وفي مفاوضات دكار، ولعب قادتها قبل ذلك أدوارا أساسية، خارجية وداخلية لجلب لاعتراف بسلطة انقلاب السادس من أغسطس 2008، التي شهدت معارضة غير مسبوقة علي المستويين الداخلي والخارجي، وذلك قبل أن تنضوي هذه الأحزاب مجتمعة في حلف "إتلاف أحزاب الأغلبية"، الذي يصفه خصومه بأنه ليس "حلف فضول"، نظرا للتباينات الجوهرية في الزمان والمكان والأهداف بينه مع حلف المطيبين العرب قبل الإسلام ولكونه ـ حسب الخصوم ـ لم يحضره "فضل" من ألائك الذين بحضورهم، سمي الحلف العربي فضوليا، حسب بعض الروايات.
أسس العلاقة بين ولد عبد العزيز وأغلبيته بعد الانقلاب:
  تأسست هذه العلاقة علي أساس توصية صادقت عليها الجمعية الوطنية في دورة طارئة انعقدت في شهر سبتمبر 2008، قاطعها نواب الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية (حضرها نواب حزب "التكتل")، تبرر الانقلاب علي ولد الشيخ عبد الله وتحدد خريطة للعودة للحيات الدستورية في ظرف لا يتجاوز 14 شهرا، وقد جذرت توصيات المنتديات العامة للديمقراطية التي نظمت في نواكشوط ما بين 27 دجمبر 2008 و 5 يناير 2009، علاقة الطرفين باعتبار هذه التوصيات قد تضمنت إصلاحات دستورية وسياسية تعمق النظام الديمقراطي ودور الأحزاب فيه وتعزز المؤسسات الدستورية وتقلص الفترة الانتقالية إلي ستة أشهر.          وشهدت هذه العلاقات، ذروة عزها أثناء مفاوضات دكار ومقارعة ولد عبد العزيز ومن شايعوه، محاولات جبهة الدفاع عن الديمقراطية استعادة ولد الشيخ عبد الله للسلطة، وتعززت تلك العلاقة، أكثر أثناء الحملات الرئاسية في انتخابات 6/6 (المفترضة) وانتخابات 18 يوليو 2009، مع أن قادة تشكيلات الأغلبية يجمعون على أن دورهم في هذه الأمور لم يتعد الجانب الديكوري، حيث لم يستشاروا في بنود الاتفاق ولا في تأجيل الانتخابات من 6/6 الي 18/7 ولا في برامج الحملات الانتخابية وقد برر أحدهم ذلك بأن المرحلة كانت لا تسمح بإظهار أي نوع من الخلافات داخل الأغلبية لحساسية الظرفية.
بداية خلافات الأغلبية مع ولد عبد العزيز:
 شكل إعلان أول حكومة بعد انتخابات 18 يوليو الرئاسة، الشرارة الأولي لهذه الخلافات علي خلفية اقتصار تمثيل أحزاب الأغلبية فيها، خارج الحزب الحاكم، علي حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم (حزب بنت مكناس) التي أسندت لها حقيبة الخارجية ولعضو حزبها سي ادما حقيبة الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية، وهو ما اعتبرته الأحزاب الأخرى ظلما لها وعدم وفاء من رئيس الجمهورية ببنود الاتفاق التي علي أسساها ساندوه، ولم تسلم أوساط قيادية في الحزب الحاكم من هذا الامتعاض والشعور بالظلم والحيف، حيث رأت هذه الأوساط أن تمثيل الحزب في الحكومة لم يتم علي أساس اعتبارات موضوعية، لا من الناحية السياسية ولا الجهوية ولا الإتنية وقد تولد عن ذلك تذمر كبير داخل الحزب الوليد، تعمق أثناء مؤتمره الأول وتشكيل هيئاته القيادية، وهو ما تم التعبير عنه داخل قاعة المؤتمر وأمام ولد عبد العزيز نفسه، الذي أعلن في الاجتماع تخليه عن رئاسة الحزب بعد انتخابه رئيسا للجمهورية، إلا أن المؤتمرين المتذمرين حملوه مسؤولية كل ما جري أثناء المؤتمر، خاصة ما رأوا انه إقصاء لرموز سياسية ظلت في واجهة أحزاب السلطة وعدم مراعاة التوازنات الموريتانية.
 ومنذ ذلك التاريخ وتداعيات هذا الامتعاض تتجذر وتتعمق وتطفو علي السطح سواء من خلال البيانات الكثيرة الصادرة عن هيئات وشخصيات منتمية لحزب الاتحاد من اجل الجمهورية، تطالب بحل قيادة الحزب التي تصفها بالعجز وبجميع الأوصاف الدالة على عدم القدرة علي القيادة، كما تجسدت في مشاركة أوساط واسعة من شباب الحزب في احتجاجات ساحة "ابلوكات" ترفع شعار "إصلاح النظام" وتجلي كذلك في اللوائح المستقلة في انتخابات التجديد الجزئي للشيوخ المؤجلة، والتي يرى العارفون بحقائق السياسة المحلية أنها كانت ستشكل نكسة للحزب الحاكم، من خلال فوز أغلب المنشقين عنه.
 وتؤكد مصادر من داخل الحزب الحاكم ومقربين من ولد عبد العزيز، علي سوء العلاقة حاليا بين الطرفين ويقول مصدر طلب التكتم علي اسمه، بان رئيس الجمهورية وصل إلي قناعة بفشل مشروعه المجتمعي الذي كان يريد بناءه من خلال حزب الاتحاد من اجل الجمهورية، واستدل علي ذلك بجملة من المسلمات منها عدم قدرة الحزب على استقطاب الشباب والنقابات وهما ما يخشي ولد عبد العزيز، أن يشكلا حطب وقود الثورة علي نظامه، كما قال المصدر ان ولد عبد العزيز ممتعض جدا من دور البرلمانيين الداعمين لنظامه ويعتبر أنهم فشلوا في التصدي لبرلمانيي المعارضة، الذين ـ علي قلتهم ـ حسب قوله يري انهم حولوا نقاشات البرلمان ومساءلات الوزراء إلي منابر لدعاية المعارضة ضد النظام والتأليب عليه.
 وتتحدث أوساط واسعة هذه الأيام من داخل مبادرات شبابية دعمت ولد عبد العزيز في انقلابه وقالت أنها آمنت بخطابه الإصلاحي، عن فكرة تشكيل حزب سياسي تنصهر فيه هذه المبادرات التي عبرت في أكثر من مناسبة مؤخرا، عن سد أبواب الحزب الحاكم أمامها، وتتهم جماعة محدودة بالمسؤلية عن ذلك، كما تتهما باختطاف مشروع الحزب واستغلاله لمنافعها الشخصية.
 وقالت مصادر من هذه المبادرات، إن ولد عبد العزيز، أكد لها في لقاء معه مؤخرا، انه لا يحمي أحدا في الحزب وان عليهم أن يبحثوا عن صيغة جامعة للشباب وسيساندهم في ذلك المسعى، وقد رد على أحد المتدخلين استدل علي سوء ممارسات الحزب ببعض الأمثلة التي عاشها بقوله، لماذا لا تستقيل من الحزب؟ ما الذي يفرضك علي البقاء في حزب هذه ممارساته؟ وهو ما يستنتج منه البعض، دعم ولد عبد العزيز لحالة التمرد داخل الحزب الحاكم والتي تفاقمت مؤخرا علي نفس وتيرة التمرد داخل حزب "عادل" في فترة حكم سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي كان يقوي بفعل مساندة ولد عبد العزيز والذي تؤكد القرائن انه وراء التحرك الجديد، كما اتضح حينها انه كان وراء الاول مع اختلاف في الطبقة السياسية، وذلك ما تمليه الظروف المحلية والإقليمية في الحالتين، إذ استخدم في الأولي البرلمان لكونه يريد التحضير للإطاحة برئيس منتخب ويستخدم اليوم الشباب لأنه هو رئيس منتخب ويخشي من ثورة الشباب عليه ويريد استقطابه والتضحية بأغلبيته التي لم يعد يطمئن لقدرتها علي حمايته من ثورات الشباب الجارفة، خاصة أننا نقترب من استحقاقات تشريعية وبلدية يحتمل أن يرشح لها ولد عبد العزيز مرشحين من الشباب، تجسيدا لوعده بتجديد الطبقة السياسية الذي بشر به مرارا في بداية حكمه ويتخلص بذلك من أغلبية تمن عليه أنها أوصلته للحكم.
 ومن القرائن علي هذا الافتراض، موجة إقالات المسؤولين السامين في الحزب مؤخرا من مسؤولياتهم الحكومية وعدم لقاء ولد عبد العزيز بقيادات الحزب الحاكم وبأغلبيته البرلمانية منذ سنة تقريبا. أما بخصوص العلاقات مع أحزاب الأغلبية الأخرى داخل الإتلاف، فقد شكلت إقالة منت مكناس خيبة لتلك الأحزاب في مستقبل هذه العلاقات وقطعت عليهم متعة العيش على أمل الحصول علي منافع من دعمهم المجاني لولد عبد العزيز في جميع مراحله في السلطة من التحضير للانقلاب الي تنصيبهم له رئيسا منتخبا ديمقراطيا في رأيهم.
 ولا يمكن الحديث عن سوء العلاقة بين ولد عبد العزيز وأغلبيته المؤيدة له، دون التطرق لقرار تأجيل انتخابات ثلث مجلس الشيوخ، التي طلب من أحزب الأغلبية التعبير عن رفض طلب المعارضة لها، وظلت تلك الأحزاب تعمل على حتمية تنظيم الانتخابات في موعدها، حتى أن الحزب الحاكم أوفد لجان حملاته الانتخابية إلى الدوائر المستهدفة بالتجديد، قبل أن يأتي القرار مفاجئا من مجلس الوزراء، دون ترتيب مع ألأغلبية أو حتى مجرد إشعار لها بتوجه السلطة نحو التأجيل، الذي علمت باقراره كما علم به خصومها السياسيون في البيان الصادر عن مجلس الوزراء، الأمر الذي أوضح بجلاء أن الأمر يتعلق بأغلبية مغيبة، لا تستشار ولا تستنصح.
 خلافات الأغلبية البينية:
 مما تقدم يمكن الجزم بان العلاقة اليوم بين ولد عبد العزيز وأغلبيته، متأزمة وانه ضاق بها ذرعا بعد أن أصبحت كتائب تتطلب من فنون القيادة ما لا تتطلبه كتيبة واحدة، أما العلاقات البينة داخل حلف "إتلاف أحزاب الأغلبية"، فلم تكن هي الأخرى ودية، حيث انقسمت علي محورين احدهما حمائم يمثله الحزب الحاكم ويضم الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم برئاسة الناها بنت مكناس، التي تتولي الرئاسة الدورية للإتلاف منذ ستة أشهر وحزب "حواء" برئاسة سهلة بنت احمد زايد ويعبر هذا المحور عن رضاه عن العلاقة الحالية بين الأغلبية والنظام ويرفض تعكيرها، اما المحور الثاني، صقور (معارض داخل الاغلبية) فيضم باقي احزاب الإتلاف (30)، بما فيها الحزب الجمهوري للديمقراطية وللتجديد والتجديد الديمقراطية وحاتم والفضيلة والحركة من اجل إعادة التأسيس، الممثلين في البرلمان، فيطالب بتشكيل أغلبية سياسية قوية تتمتع بقاعدة واسعة مؤسسة على شراكة حقيقية مع النظام في تسيير الشان العام بما يمكنها من الدفاع عن استقرار البلاد وأمنها ومكتسباتها ويتهمون الاغلبية الحالية بانها غير منسجمة فيما بينها وفي علاقاتها بالسلطة التنفيذية ويطالبون بخلق مناخ سياسي ملائم يمكن من بناء ثقة بين الاغلبية والمعارضة يفضي لحوار وطني يطال جميع القضايا الوطنية الأساسية.
 ويطالب محور الصقور منذ ستة أشهر بعقد جلسة لمجلس رئاسة الإتلاف لبحث واقع الأغلبية الا ان هذا الطلب ظل مرفوضا من طرف الرئاسة الدورية، التي يتهمونها بأنها الة في يد الحزب الحاكم وفي الثامن والعشرين من مارس المنصرم استدعي علي عجل لاجتماع لإتلاف الأغلبية للرد سلبا علي طلب المعارضة لتأجيل انتخابات ثلث الشيوخ الذي أحالته الحكومة لأحزاب الأغلبية من اجل رفضه للتذرع بذلك أمام المعارضة. إلا أن هذا الاجتماع تحول الي صراع قوي بين المحورين، حيث انتقد قادة محور الصقور، تعامل الحكومة مع الاغلبية، وانتقدوا استبداد محور الحمائم بتسيير الإتلاف، كما رفضوا البت في طلب التأجيل لكونه موجه للحكومة، التي قالوا إن عليها ان تقبله كتعبير عن حسن نية اتجاه المعارضة في إطار تسهيل الحوار معها، وطالبوا في المقابل أن يبحث الاجتماع المواضيع التي طالبوا منذ ستة اشهر بعقد اجتماع حولها.
إلا أن رئيس الحزب الحاكم ونائب بنت مكناس الذي يترأس الاجتماع أصرا علي رفض تأجيل الانتخابات وقبلا بحث الأمور الأخرى في اجتماع لاحق حدد له منتصف السبت الثاني فبراير الجاري وقبل موعد الاجتماع بنصف ساعة ابلغ من حضر مكان الاجتماع بإلغائه دون إعطاء أي سبب لذلك. وعلي اثر هذا الإلغاء اجتمع عدد من رؤساء أحزاب محور الصقور من بينهم عثمان ولد الشيخ ابي المعالي، رئيس حزب الفضيلة وصالح ولد حنن رئيس حزب حاتم والمصطفي ولد عبيد الرحمن رئيس حزب التجديد الديمقراطي وآخرين واتفقوا علي حزمة من الإجراءات، رأوا أن حالة البلاد الداخلية والأوضاع الإقليمية، تستوجب من الدولة اتخاذها بصورة عاجلة في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والسياسية وقرروا الاتصال بجميع أطراف الأغلبية داخل الائتلاف وخارجه وكذلك المعارضة من اجل تبني هذه الاقتراحات، التي يدافعون عنها كوصفة علاج لأوضاع البلاد الحالية الناجمة عن تراكمات عقود من الأحكام الفردية والظلم الاجتماعي، كما يقولون لمن التقوا بهم حتى الآن.
 وحسب مصادر بعض الأحزاب التي ناقش معها المعنيون مقترحاتهم فان هذه الاجراءات تتضمن، انتهاج سياسة اكثر شفافية في تسيير المال العام وفي الاكتتاب والتعيينات وتوزيع الثروة الوطنية وخلق مشاريع تنموية مدرة للدخل وتوفر فرص التشغيل إضافة إلي تسوية عادلة ونهائية لملف المبعدين والإرث الإنساني وانصاف جميع المتضررين العسكريين وفرض كافة اجهزة الدولة علي السهر علي تطبيق القانون المجرم للاستعباد وسن سياسة متعددة الجوانب لدمج ضحايا الاسترقاق في الحياة النشطة وشملت هذه الإجراءات.
 كما تضمنت هذه الإجراءات، مراجعة للدستور بما يضمن الابتعاد عم الحكم الفردي بتوسيع  صلاحيات البرلمان والوزير الاول ومراجعة قانون الانتخابات بما يوسع دائرة النسبية ومراجعة قانون الأحزاب وإلغاء الترشحات الحرة والترحال السياسي وخلق لائحة وطنية خاصة بالنساء الي جانب اللائحة الوطنية الحالية ورسم إستراتيجية أمنية منبثقة عن إجماع وطني لمواجهة أخطار الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات، كما يقترح المعارضون داخل الاغلبية، ضمان حياد الدولة امام كافة الفرقاء السياسيين وابتعاد المؤسسة العسكرية عن الشأن السياسي.
منسقية المعارضة: "الخلافات ..اسبابها.. والمواقف من الحوار مع النظام"
  استعراض/ ماموني ولد مختار 
  يحكي أن خلافا بين مجموعتين موريتانيتين في الزمن الماضي البعيد وصل إلي حد الاقتتال وكانت إحداهما تعول علي احد رجالاتها في حسم المعركة لصالحها.
 وقد بدأ الرجل يستعد بما يضمن له ان يكون عند حسن ظن أهله به وبعد أن أكمل جهوزيته واستعداده للقتال، ذهب إلي ساحة المعركة ليجدها خالية بعد انتهاء المواجهات بهزيمة قومه وعندما سئل عن أسباب تخلفه أجاب بأنه كان يتهيأ "يتحزم" فصارت مثلا شعبيا "احزام ...فلان" يطلق علي كل من لم يكن عند حسن الظن به.
 وهذا المثل يمكن اليوم بامتياز سحبه علي المعارضة الموريتانية، التي لم تسفر تهيئتها ووعودها منذ انتخابات يوليو 2009 لمواجهة النظام وفرضه علي الحوار والقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية شاملة يتطلع إليها الجميع، إلا عن المزيد من الخلافات وهجرة في المعارضة إلي النظام والارتماء الطوعي المجاني في أحضانه بحجج ـ مهما اختلفت ـ واهية ومن منها مازال يتشبث بمعارضة النظام وينضوي تحت يافطة "منسقية المعارضة الديمقراطية" فخلافاته البينية، اليوم اقوي وأعمق كثيرا من خلافاته مع النظام، الذي يتقوي به كل طرف معارض علي خصمه المعارض.
وقد وصلت خلافات المعارضة اليوم الي طريق مسدود حسب مصادر من داخلها وأصبح طلاق بعضها لبعض ثلاثا، أمرا حتميا لينكحه النظام بعد ذلك ليحل عليه ، كما تعود الموريتانيون في علاقات أطراف المعارضة العاطفية خلال العقدين الماضيين، حيث اتسمت بعلاقات زواج علني وسري وزواج متعة أحيانا و"تشوتر" بالنظام لتحل في حالة الحرمة إذا اقتضت المصالح الزواج من جديد.
خلافات المعارضة:
 قبل استعراض أسباب الخلاف الحالي بين المعارضة ومراحله التي تنذر بتفككها، نذكر بان هذه الخلافات قد نشأت مع ميلاد المعارضة، التي يقال ان بويضتها من أبوين محرمي الجمع، هما احمد ولد داداه ومسعود ولد بلخير وقد تجسد ذلك جليا للعيان بما لا مراء فيه طيلة عمر المعارضة، ويتكرس اليوم في عدم قدرتها منذ إنشاء منسقيتها قبل سنتين، علي الاتفاق حول إستراتيجية مشتركة واضحة لعملها السياسي والاتفاق علي مواقف موحدة من سياسات النظام، حيث شق ولد داداه عصا الطاعة علي باقي أطراف المنسقية في معارضتها لحرب النظام علي الإرهاب وأعلن تأييده الكامل العلني للنظام في هذه الحرب، ويتجلي الخلاف كذلك في المواقف من سونامى الثورات العربية وإرهاصاتها في موريتانيا، إذ يعارض مسعود ولد بلخير بقوة كل عمل ثوري للتغيير في موريتانيا ويشترط أن يمر أي تغيير بالحوار مع النظام حول إصلاحات يصفها خصومه بأنه يكتفي بان تكون "ترقيعية يوافق عليها النظام" في حين تحظي تحركات الشباب بتأييد بعض أطراف المنسقية.
 كما تجلت الخلافات في غياب موقف موحد من الاستحقاقات التي نظمت حتى لان منذ رئاسيات يوليو 2009 وهي التجديد الجزئي لثلثي مجلس الشيوخ في نهاية 2009 والتجديد الحالي، حيث قاطعهما البعض وشارك البعض فيهما، كما ظهرت هذه الخلافات في مؤسسة المعارضة الديمقراطية التي يترأسها احمد ولد داداه والتي لم يطبق قانونها الذي قدمه اتحاد قوي التقدم للبرلمان وصادق عليه 2007 وظلت تسير إلي اليوم خارج القانون وبغياب مشاركة الإطراف التي ينص عليها القانون في هيئاتها القيادية والتسييرية.
 القطرة التي أفاضت ألكاس:
 لقد شكلت دعوة رئيس الجمهورية محمد ولد عبد لعزيز، المفاجئة، للحوار دون قيد ولا شرط في خطابه بمناسبة خمسينية الاستقلال الماضية، ارتباكا للمعارضة حيث لم تستطع منذ ذلك التاريخ الذي مر عليه الآن أربعة أشهر ـ وهي فترة كافية لمعارضة كانت تلح علي الحوار ـ ان تبلور رؤية موحدة لمواضيع هذه الحوار في عريضة تقدمها للنظام، رغم إلحاح ولد عبد العزيز علي ذلك في أكثر من مناسبة ولقاء بإطراف من المعارضة وتقديم لهم تنازلات لتسهيل هذه المهمة، منها قبوله في لقاء ثان بمسعود ولد بلخير، نزولا عند رغبة المعارضة، ان تقدم له هذه العريضة مباشرة دون مرورها بالوزير الأول، كما اشترط ذلك في لقائه الأول مع ولد بالخير في السادس من يناير 2011.
 ورغم ذلك لم تستطع المنسقية، خلال لقاءاتها المتكررة أن تتوصل إلي صيغة موحدة لمضامين هذه العريضة التي رفض مجلس رئاسة المنسقية، نسختها الأولي ـ التي أعدتها لجنة كلفت بها ـ وذلك بحجة، أن الصياغة غير دقيقة وأسند المجلس للجنة ثانية، مهمة إعداد عريضة أخري أكثر تحديدا لرؤية المعارضة لأغراض الحوار.
 وقد ضمنت اللجنة الجديدة صياغتها لهذه العريضة، جملة من الاقتراحات، تقترح علي المعارضة تبنيها كشرط لأي تغيير سلمي في موريتانيا وتتوزع هذه المقترحات علي المحاور الأربعة التالية:
 أولا/ لإصلاحات السياسية المستعجلة:
   إعداد نظام انتخابي بالتوافق لتصحيح الإخلالات العضوية في النظام الحالي، خاصة فيما يخص اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات وإحصاء الناخبين وإعداد لوائحهم وبطاقات الناخب ومكاتب التصويت ووضع آليات للقضاء علي ظاهرة الضغط علي الناخبين وشراء ذممهم الي غير ذلك من منقصات شفافية الانتخابات، علي أن يعتمد هذا النظام الانتخابي المقترح، كقاعدة وحيدة مقبولة علي جميع الانتخابات القادمة وان يتم طبقا لذلك في وقت وجيز، إعداد جدولة متفق عليها لمسارات جميع الاستحقاقات بما يضمن بصورة نهائية، إقامة مؤسسات جمهورية علي أسس عادلة لا لقط حولها.
 كما تضمن المحور، مراجعة التسيير المبهم لمؤسسة الحالة المدنية والاستثناءات الغير عادلة التي يمنحا المرسوم 150 بتاريخ 06 يوليو 2010 لمجلسها الإداري وحل حزب الاتحاد من اجل الجمهورية كحزب للدولة ووضع معيار أوحد علي أساس المهنية والنظم القانونية، يطبق علي جميع الاكتتابات والترقيات والعقوبات في وظائف الدولة ومؤسساتها العمومية، بعيدا عن كل أشكال الإقصاء علي أسس الانتماء السياسي أو غيره وكذلك إلزام جميع الموظفين السامين للدولة (مدراء المؤسسات العمومية، الأمناء العامين ومدراء القطاعات) بالامتناع عن الانخراط في الأنشطة النضالية أو تقلد مسؤوليات سياسية حزبية لتعارض ذلك مع التزاماتهم العمومية وإقرار مبدأ تعارض المسؤوليات الحكومية مع الشراكة في المعاملات التجارية ذات الطابع العمومي، هذا اضافة الي التحرير الفوري للفضاء السمعي والبصري واعادة وسائل اعلام الدولة الموريتانية الي وضعها الطبيعي كخدمة عمومية.
ثانيا/ الإصلاحات في مجال تعزيز التماسك الاجتماعي والوحدة الوطنية:
 القيام بإجراءات استعجاليه، عامة تشمل تخفيف أسعار المواد الأولية الأساسية ومراقبتها وذلك من اجل التخفيف من وطأة ارتفاع التكاليف المعشية والقيام بحملة وطنية للتعبئة ضد ممارسة الاسترقاق والعمل علي القضاء عليه والعمل علي إتمام عملية تسوية مشاكل المغارم الإنسانية وعودة اللاجئين وإقامة حوار اجتماعي دائم بين الشركاء الاجتماعيين وتفعيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي وإنشاء لجان برلمانية مشتركة، تحقق في الصفقات العمومية في قطاعات الدولة ومؤسساتها العمومية وفي رخص الاستغلال المعدني والتحقيق في كافة أوجه التسيير العمومي لمختلف أجهزة الدولة.
ثالثا/ الإصلاحات في مجال الأمن الوطني:
 إعادة بناء القوات المسلحة والأمن علي أسس مهنية جمهورية، تضمن احترام هذه القوات لحقوق الإنسان والابتعاد عن كل تدخل في اللعبة السياسية وتنظيم مشاورات وطنية حول مراجعة السياسات الأمنية، خاصة في ما يخص محاربة الإرهاب والمتاجرة بالمخدرات والقيام بحملة تحسيس وطنية لتعبئة الشباب حول مخاطر المؤثرات العقلية.
رابعا/ إصلاحات في مجال التوازن بين المؤسسات:
 مراجعة نظام المجلس الأعلى للقضاء وصياغته بما يضمن استقلالية القضاء بشكل فعلي عن السلطة التنفيذية وإعادة توازن المجلس من خلال عضوية فيه، رئيسي غرفة البرلمان ونائبين يمثلان الأغلبية والمعارضة وإعادة كل من محافظ البنك المركزي ورئيس المحكمة العليا ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي في وظائفهما التي أزيحوا منها بعد انقلاب اغسطس 2008، خرقا لقوانين مأمورياتهم المحددة بخمس سنوات.
 وخلال أولي جلسات مجلس رئاسة المنسقية لدراسة هذه الصياغة ـ التي أعدها اتحاد قوي التقدم ـ برز تباين كبير بين مواقف مسعود ولد بلخير الرافض لطلب انتخابات رئاسية مبكرة واحمد ولد داداه الذي قال إن الوقت الراهن غير مناسب لأي حوار مع النظام وخلال جلسات لاحقة واتصالات أطراف في المنسقية بالرجلين علي حدة، قبل مسعود ـ حسب مصدر مقرب منه في حزبه ـ بان تضمن عريضة المعارضة الموجه للنظام، طلبا بإجراء انتخابات مبكرة دون النص علي ان تكون رئاسية علي ان يبحث الأمر تفصيليا بعد انطلاقة الحوار وهو ما اعتبرته أطراف في المنسقية مناورة غير بريئة.
 أما ولد داداه، فقد قبل علي اثر هذه الاتصالات، أن توجه المنسقية عريضتها إلي رئيس الجمهورية بواسطة مسعود ولد بلخير، شريطة أن تتضمن مطلب انتخابات رئاسية مبكرة وقد تأجلت جلسات مناقشة العريضة علي هذا المستوي، بسبب انشغالات ولد داداه تارة ومسعود تارة أخري وكان آخر اجتماع للمنسقية، حول الموضوع قد انعقد قبل أربعة أيام، تغيب عنه، ولد داداه، ولد سيدي بابا، بيجل ولد حميد، ولد اعبيدن ـ الموجود في فرنسا ـ وبا ممدو الحسن وقد انفض هذا الاجتماع دون أي وفاق.
 وتتمثل خلافات أطراف المعارضة داخل المنسقية، حسب المعلومات المتوفرة، في رفض مسعود ولد بلخير، لكل ما من شانه التصعيد مع النظام وعدم تبني مطالب الشباب بالثورة وعصيان النقابات، كما يعارض المطالبة بانتخابات رئاسية سابقة لأوانها، بل هدد مرة بمعدم المشاركة في أي حوار اذا تضمن المطالبة بذلك ويري ان علي المعارضة ان تسعي لحوار هادئ مع النظام ويفضل البقاء علي الوضع القائم علي التصعيد مع النظام، بينما يتسم موقف ولد داداه برفض كل تعامل مع النظام ما لم يعبر عن نية حقيقية للحوار مع المعارضة علي أساس الندية والقبول بإجراء إصلاحات شاملة وهو في هذا الاطار يوافق علي صياغة العريضة التي يتم تداولها الآن داخل المنسقية يشاطره في ذلك قادة احزاب اتحاد قوي التقدم، "ايناد"، اللقاء، التجمع من اجل الديمقراطية والوحدة وحزب الحرية والمساواة والعدالة، بينما يقف حزب الوئام برئاسة بيجل ولد حميد في الوسط بين مواقف مسعود وبقية أحزاب المنسقية وهو ما تمثل في قراره بالمشاركة في انتخابات تجديد ثلث الشيوخ.
 هذا فيما يخص خلافات المعارضة حول المواقف من النظام وهناك خلافات أخري تتعلق بالمواقف من الحراك الشبابي والنقابي الحالي حيث يحظي هذا الحراك بمساندة قوية من طرف اتحاد قوي التقدم الذي يعتبره فتحا مبينا يجب علي كل الوطنيين الإيمان به واحتضانه، بينما تتباين مواقف بقية أحزاب المنسقية من هذا الحراك، حيث يرفضه التحالف الشعبي التقدمي وينقسم حوله تكتل القوي الديمقراطية وتسكت عنه بقية مكونات المنسقية.
 خلاصة الوضعية الراهنة لمنسقية المعارضة:
 مما لا مراء فيه ان هذه الوضعية غير مريحة وتنذر بخطر وشيك يهدد كيان هذه المنسقية الذي ولد شبه ميت بالرغم من محاولة أصحابه لإنقاذه والتستر علي عيوبه الخِلْقِيّة، فهي اليوم أمام تحد كبير يتمثل في تعاملها مع دعوة ولد عبد لعزيز لها للحوار وجميع الحلول أمامها أحلاهما مر، فإما أن تخضع لرغبة مسعود ولد بلخير وبذلك يكون الحوار غير مجد أو تقبل برأي احمد ولد داداه الرافض للحوار مع النظام في الوقت الحالي وهو ما يعني قطع شعرة معاوية، التي تصر أطراف أخري المنسقية، علي رأسها اتحاد قوي التقدم علي المحافظة عليها وإما أن تحاول تقريب وجهات النظر المتباعدة داخل أطراف المعارضة وهو ما سيتطلب من الزمن ما لا تقدر عواقبه وإما التخلي عن الرد علي دعوة ولد عبد العزيز للحوار مما يؤدي الي الحكم علي المنسقية بأنها هي العقبة في وجه الحوار، مما يعطي للنظام فرصة الانتصار دوليا علي المعارضة.
 وعلي ضوء هذه الخلافات والنتائج، يتأكد أن المعارضة التقليدية بشكلها الحالي أصبحت مخيبة لآمال الكثيرين ممن كانوا يعلقون عليها آمالا في تغيير أوضاع البلاد إلي الأحسن، مما يجعل كل الاحتمالات اليوم مفتوحة أمامها، خاصة في ظل سونامى الثورات الجارف حاليا، في المغرب العربي وفي الوطن العربي بشكل عام، حيث يصعب التكهن بما ستؤول إليه الأحداث في اي بلد عربي ومن الخطأ الركون الي سيمفونية "موريتانيا ليست مثل البلدان الأخرى" لان الوقائع كذبتها عندما قيل ان مصر ليست كتونس وليبيا ليست كمصر وتونس، فمن كان يتصور ان تنطلق ثورات القرن الواحد والعشرين من تونس؟ وموريتانيا ليست نشازا وشبابها ليس اقل وعيا من أقرانه في البلدان العربية الأخرى وأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية، ليست بالصورة التي تجعلها في مأمن من أن تهب عليها رياح الثورات التي أصبحت موضة إن لم تكن حاجة.
 وإن غداً لناظره قريب 
 
0022222407140

تاريخ الإضافة: 2011-04-12 11:54:31 القراءة رقم : 737
 الصفحة الرئيسية
 الأخبار
 قضايا و آراء
 تقارير
 مقابلات
 من نحن؟
 مابسي
 روابط
 اتصل بنا
 خارطة الموقع
 البريد الألكتروني
 الموقع القديم

عدد الزوار:46293799 جميع الحقوق محفوظة مابسي © 2009