محسن ولد الحاج نائب رئيس مجلس الشيوخ في حواره مع أسبوعية "القلم" الناطقة بالفرنسية:عودة رموز نظام ولد الطائع خرق سافر للعقد السياسي والأخلاقي الذي ربطنا بولد الشيخ عبد الله
محمد الحسن ولد الحاج
|
القلم: لقد أكدتم ضمن مقابلة أجريتموها مع أحد الزملاء، على أن حزب داعمي سيد محمد ولد الشيخ عبدالله، لن يكون نسخة من الحزب الجمهوري، ألا ترون أن الوضعية الحالية تفند ما ذهبتم إليه؟
محسن: تعلمون أن أغلبية الموريتانيين قد صدموا وهم يرون هذه العودة غير الميمونة لرموز نظام ولد الطائع المخلوع ضمن التشكلة الحكومية الجديدة المكونة عقب إقالة الوزير الأول السابق، لقد كنا نعتقد أننا طوينا نهائيا صفحة ذلك النظام غداة 3 أغسطس 2005، ومع ذلك نعيش اليوم عودة أباطرة الحزب الجمهوري المنحل، صانعي ذلك الماضي المخجل، فنراهم يعتلون مناصب قيادية في هذه الحكومة، بعد أن احتووا أيضا على الحزب الذي ولد من تجمهر المستقلين الذين قادوا ولد الشيخ عبد الله إلى الانتصار في رئاسيات 2007، وهو ما يشكل بالنسبة لنا خرقا سافرا للعقد السياسي والأخلاقي الذي ربطنا بالرئيس سيد محمد ولد الشيخ عبد الله، كما أنه يشكل أيضا عودة لعهد حزب الدولة الذي يرفضه جميع الموريتانيين.
إن اختيار هذه الزمرة غير عقلاني، وغير مبرر البتة، ولا يستند لأية مشروعية انتخابية، نظرا لأن وزراء حكومة ولد الطائع الذين عينوا بصورة اعتباطية، قد لفظهم الناخبون ورفضوهم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فعلى أي أساس إذن تم تعينهم... إن هذا هو ما يفسر رفضنا لذلك ومحاربتنا له.
القلم: إذن في هذه الحالة يمكننا أن نتحدث اليوم عن أزمة سياسية في موريتانيا، وماذا عن مساعي حجب الثقة، التي تعزى لبعض البرلمانيين من المجموعة الداعمة لترشح ولد الشيخ عبد الله؟
محسن: فيما يتعلق بشائعة حجب الثقة، فإنه ليس هناك أي سر في هذه القضية ولا أي غموض، ذلك أن مجلس الشيوخ لا يمكنه أن يقوم بذلك لأنه ليس ضمن صلاحياته، إذ أن حجب الثقة منوط بالجمعية الوطنية التي تقوم به عادة عندما تكون هناك أغلبية من النواب غير راضية عن حكومة ما، ولا أعتقد أن الموريتانيين ينتظرون أقل من ذلك من برلمانييهم، إننا لم نعمل على تأسيس ديمقراطية تكرس فصل السلطات، فيكون برلمانيونا مختزلين في دور غرفة تسجيل، لقد مضت سنة الأوليين ومضى معها ذلك العهد الذي كان فيه البرلمانيون كذلك، وعليه فليس هناك حجب ثقة بمعناه السياسي وإنما هناك تفاعل وتجاوب مع هذه الخيبة التي قابل بها الرأي العام الوطني هذه الحكومة مما استدعى هذا الحراك.
القلم: مع ذلك فإن الوزير الأول قد تشاور مع جميع الأحزاب السياسية، كما أستقبل الجنرالات، ضمن مسعى تشاوري يؤسس لحكومة موسعة ومنفتحة على المعارضة؟
محسن: إن هذا الوزير الأول -كما الذي سبقه- ليست له أية مسؤولية فيما يتعلق بتعيين الوزراء في نظام رئاسي كنظامنا، إنه سر سياسي يعرفه كل الموريتانيين؛ فالذي يعين الوزراء هو الرئيس دون غيره، وحول هذه النقطة فإن المسؤوليات واضحة ومحددة، ذلك أن الكلمة الأخيرة تعود إلى الرئيس، وعليه فإنني أستغرب تماما أن يستدعى ولد الشيخ عبد الله مسئولي نظام ولد الطائع الذين انتهت صلاحيتهم.
إن الحكومة السياسية -التي سميتموها كذلك- ترينا أيضا مرة أخرى، أن البواعث الحقيقية لأغلب منسوبي النخبة السياسية ليست بواعث إيديولوجية، وإنما هي بواعث تجارية أو تسوقية قائمة على البحث عن نصيب من الكعكة ليس إلا، ذلك ما تبرهن عليه السهولة المتناهية التي قبلت بها الأحزاب المعارضة خصوصا حزب إتحاد قوى التقدم المنحدر من الحركة الوطنية الديمقراطية الدخول في حكومة لا تطبق برنامجها، بل إن هذا البرنامج المخالف تماما لبرنامجها يتغير باستمرار، لدرجة أن أصحابه والقائمين عليه لم يعودوا يدركونه تماما نظرا لتغير ملامحه، وفيما يتعلق بالجنرالات الذين قادوا انقلاب 3 أغسطس 2005، الذي سمح بإقامة المؤسسات الديمقراطية التي ننعم بها اليوم، بدء بولد الشيخ عبدالله، فإنهم إذا كانوا قد استشيروا وصادقوا على هذه التشكيلة، فإن ذلك يعد منعرجا يعيد لما قبل الثالث من أغسطس وهو ما يجعله بحق فعلا محزنا، وإذا كانوا لم يستشاروا فإن ذلك سيكون أكثر خطورة.
وبالمناسبة نفسها، فإنني أوجه نداء إلى كل الطبقة السياسية وعن طريقها لكل المواطنين إلى عمل كلما يمكن عمله من أجل تلافي سقوط البلد في الظلامية من جديد ضمن الممارسات الخطيرة للنظام الأحادي في حقبة ولد الطائع والتي كانت سببا لكل معاناتنا.
حاوره أحمد ولد الشيخ.
تاريخ الإضافة: 19-06-2008 12:58:01 |
القراءة رقم : 1385 |