أحمد ولد داداه في مقابلة مطولة مع"ونا": يهاجم مخابرات السفارة الفرنسية، ويكشف عن رفضه لمخطط أعدته ومولته السفارة الأمريكية لإفشال الانقلاب
أحمد ولد داداه وهو يتحدث لمندوب "ونا"
|
أجرت وكالة نواكشوط للأنباء مؤخرا مقابلة مع زعيم المعارضة الديمقراطية ورئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية أحمد ولد داداه، تناولت العديد من المواضيع المطروقة على الساحة الوطنية، خصوصا ما يتعلق منها بالمواقف من انقلاب السادس من أغسطس وتنسيق الحزب مع الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية لإفشال الأجندة الانتخابية التي أقرها المجلس الأعلى للدولة من جانب واحد.
وكالة نواكشوط للأنباء تنشر النص الكامل للمقابلة، بعد تحريرها، مرفوقا بنسخة صوتية منها:.
"ونا": السيد الرئيس الساحة السياسة منذ السادس أغسطس بل قبلها تفرز العديد من التساؤلات، نود أن نثير معكم بعضها، وسنبدأ من صبيحة يوم السادس أغسطس 2009، حيث قيل على لسان الجنرال محمد ولد عبد العزيز إنكم كنتم من المشاركين في الانقلاب، وقد أيد هذا القول مؤخرا احد نواب حزبكم، ما حقيقة ذلك؟
أحمد ولد داداه: "هذا ادعاء واه، وقد سبق أن أجبت عليه، وله جانبان أولهما ادعاء الجنرال محمد ولد عبد العزيز في ما قال انه جري بيني وبينه في لقاء جمعنا، وقد سبق أن أجبت عليه وأحيلك إلى إجابتي، وفيما يخص مباركتنا للانقلاب، فنحن في يوم السادس من أغسطس، اتخذنا موقفا واضحا، يتمثل في تسجيلنا لما حدث، وقد كنا نخشى وقعه، حيث سبق ان نبهنا السلطات إلى خطورة الأوضاع فى نهاية مؤتمر حزبنا بتاريخ 28 سبتمبر، وما حدث كان نتيجة حتمية لتدهور الظروف التي كانت سائدة في البلد.
وطالبنا في بياننا بعد الانقلاب بحوار جاد وسريع وانتخابات من أجل العودة السريعة إلى الدستور والقوانين، وأعتقد أن من لم يستمع لهذا ولم يأخذه بعين الاعتبار، فهذا يعني أن لديه أمرا مسبقا، وحينها لا حياة لمن تنادي.
سؤال: ما هي قراءتكم للموقف الفرنسي من أزمة موريتانيا منذ بدايتها إلى اليوم؟ وهل سبق لهم ان طلبوا منكم اتخاذ موقف محدد اتجاه الأزمة الراهنة؟
أحمد ولد داداه "الموقف الفرنسي عرف عدة مراحل، أولها الموقف الأول، الذي كان ضد الانقلاب ومع الرجوع للدستور وهو موقف جيد ، وبعد ذالك جاءت عدة تصريحات، تحمل قدرا من عدم الإدراك الدقيق لما يجري في موريتانيا، ومنها مقابلة وزير الخارجية الفرنسي مع "جان أفريك" ،التي قال فيها إن ترشح ولد عبد العزيز، إذا استقال بخمسة وأربعين يوما قبل انتخابات يشرف عليها ولد الشيخ عبد الله، فهذا بالنسبة لفرنسا أمر مقبول ، وقد أكدت لبعض الدبلوماسيين في الخارجية الفرنسية التقيت بهم في باريس، أن في هذا الموقف دليل على عدم معرفة الفرنسيين بالدستور الموريتاني، وخلط للأوراق ، لأن في الدستور طريقتان فقط لاستبدال رئيس الجمهورية، الأولى إذا انتهت مأموريته بعد خمس سنوات من فترة رئاسته، وهذا في المادة 26 من الدستور، التي تنص على أنه يجب أن ينتخب الرئيس الجديد 45 يوما على الأكثر قبل نهاية الولاية و30 يوما على الأقل قبل نهاية الولاية، الطريقة الثانية، في حال عجز الرئيس عن القيام بمسؤولياته بطرق شتى كالموت والمرض أو الاستقالة...، وهذه حالة أخري ترتيباتها واردة فى المادة 40 من الدستور ويؤكدها المجلس الدستوري ويعلن شغور المنصب الرئاسي بقرار ويعين رئيس مجلس الشيوخ لخلافة الرئيس العاجز، لمدة لا يتجاوز 90 يوما.
ومما يؤسف له أن مقابلة وزير الخارجية الفرنسي مع "جان أفريك"، خلطت بين تلك الحالات التي لا يمكن الخلط بينها، فمثلا من أين جاءت فترة 45 يوم في حالة عجز الرئيس، الذي لا يوجد في حالة عجز، وبالتالي لا يمكنه الإشراف على هذه الانتخابات لكون فترة مأموريته لم تنته بعد، وهنا علينا أن نتساءل عن تحديد فترة ال45، يوما التي حددها الوزير الفرنسي، فلماذا لا تكن عشرة أيام أو 89 يوما مثلا.
وهذا في واقع الأمر يظهر عدم معرفة القانون الموريتاني أو عدم الاهتمام به وهو ما يؤسف له.
أما النقطة الثانية، فهي قول الرئيس الفرنسي في انيامى، إن الموريتانيين لم يسبق أن تحركوا ضد الانقلاب ولم يعبروا عن موقفهم منه وهذا أيضا يظهر انه لم تصله المعلومات كاملة.
وهذا النوع من التصاريح، يوحي بعدم الجدية اتجاه ما يجري في موريتانيا، ونحن نأسف لذلك لأننا نعتبر فرنسا حليفا وصديقا قديما تربطنا علاقات تعاون واسعة ومهمة معه فى جميع المجالات.
والأهم من هذا كله، كون فرنسا عضوا فاعلا وصاحبة ثقل كبيرة في المجموعة الأوربية، التي كانت لها دائما مواقف جيدة، وخاصة الموقف المشترك بينها وبين والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والمجموعة الفرانكفونية والأمم المتحدة، والذي أسفر عن بيان باريس في العشرين فبراير 2009 وهذا موقف جيد، وهو بالنسبة لنا يمثل موقف فرنسا الحقيقي، وربما كانت تلك التصريحات قد جاءت بناء على معلومات لم ينقلها الموظفون للقيادة الفرنسية بالصيغة التي تمكنها من اتخاذ المواقف الصحيحة.
وبالقطع فإن المجموعة الأوربية، إذا كانت دولها الكبرى، مثل فرنسا وألمانيا ترفض قضية، فإنه يصعب تمريرها.
وهنا أقول إن المخابرات في السفارة الفرنسية، كمخابرات لا كسفارة، أصبحت
تتدخل بصورة سافرة وغير مقبولة في الشؤون الموريتانية، ولعل هذا التدخل، والله اعلم، والمعلومات الغير صحيحة وغير دقيقة التي تنقلها هذه المخابرات لجهات فرنسية معنية، هي السبب في تذبذب الموقف الفرنسي وأحيانا هذا التناقض، ونحن نطالب السلطات الفرنسية بإيقاف هذا التدخل السافر.
"ونا": هذا التدخل لصالح من؟
أحمد ولد داداه: "نحن نرفض التدخل حيث هو ...طبعا أي بلد يمكنه، في حال كانت الديمقراطية معنية أو حقوق الإنسان، أن يتدخل وهذا من حقه لكون العالم أصبح مرتبطا، وفرنسا دولة صديقة، غير أننا نرفض تدخل أجهزة مخابرات أجنبية في الشؤون السياسية الموريتانية، وأطالب السلطات الفرنسية بان تصدر التعليمات لهذه الجهات التي يمكن أن تؤثر تصرفاتها مع مرور الوقت سلبا على العلاقات بين الشعبين الفرنسي والموريتاني.
"ونا": إذن انتم تتهمونهم بالتدخل لصالح الانقلابيين؟
أحمد ولد داداه: هذا واضح.. واضح.. فهناك معلومات مشبوهة.
ونا: بالنسبة لكم هل إعلان المجلس الدستوري عن تولي رئيس مجلس الشيوخ الرئاسة بالإنابة، قرار شرعي أم لا؟
أحمد ولد داداه: اعتقد أنه كان على المجلس الدستوري أن يتحرى، فأنا أدرك انه بالفعل أمام قضية معقدة، فالرئيس السابق لم يعد رئيسا وهذا أمر لا شك فيه، فقد أزيح بانقلاب، ومحمد ولد عبد العزيز لا يمتلك أي شرعية تعطيه حق تسيير البلاد أو الاستقالة منها، فهو ضابط كان مسئولا عن شؤون عسكرية معينة، وقد تم عزله من طرف الرئيس السابق.
إذا فتطبيق الدستور أصبح أمرا صعبا في هذه الحالة، لأن هناك جزء أساسيا منه أخل به، وما يمكن أن يصحح تلك الوضعية، هو حوار وطني وإجماع، فالمجلس الدستوري المسؤول عن تطبيق الدستور لم يكن محقا في اتخاذ القرار الذي أعلنه، خصوصا أنه اعتمد فيه على ما سمي بأوامر قانونية، ليس لها أساس دستوري، وإنما هي مراسيم أصدرها ضابط قام بانقلاب، وهذا أمر لا علاقة له بالدستور، والمجلس الدستوري مسؤول عن تطبيق الدستوري وكنا نتوقع منه أن لا يتدخل في هذه القضية، وإن كان سيتدخل فعليه أن يقول إن الدستور أخل به، وتحب العودة إليه، لكن لا ينبغي له أن يشرع تصرفات غير دستورية.
ونا: حسب حديثكم، فإن ولد الشيخ عبد الله لم يعد رئيسا للبلاد، وأطيح به في الانقلاب، وولد عبد العزيز لا يملك الشرعية، والدستور تجب العودة إليه، ما هي آلية العودة إلى الدستور حسب تصوركم؟.
أحمد: كما قلنا يوم السادس من أغسطس فإنه يجب أن يتم الحوار الجاد في أسرع وقت ممكن، بين الداعمين لولد عبد العزيز، والجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، وحزب التكتل، فهذه الجهات الثلاثة هي التي اعتبرتها مجموعة الاتصال الدولية حول موريتانيا، في بيانها يوم 20 فبراير 2009، أطرافا في الأزمة، وقد طالبت في ذلك البيان بموقف توافقي، فبدونه لا وجود لانتخابات مقبولة ستؤدي إلى نتيجة إيجابية لموريتانيا، فهذا هو الضروري، وإذا قيم به فسيجنب البلاد عدم الاستقرار والانقلابات، ويضعها في الاتجاه الصحيح بالنسبة لمستقبلها وموقعها بين الدول الأخرى، فنحن اليوم في عزلة، وتحت العقوبات وهذا لا يتحمله البلد، هذا فضلا عن أكثرية الموريتانيين من حيث الناخبين هم التكتل والجبهة، ويرفضون ذلك،ـ فالأمر داخليا مرفوض من أغلبية الناخبين، ومرفوض دوليا، لأن الاتحادين الإفريقي والأوربي والمنظمة العالمية لفرانكفونية والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة يرفضونه، إضافة إلى موقف الولايات المتحدة الأمريكية وهو أكثر تشددا، وبالتالي فإن هذه الأجندة مرفوضة دوليا وداخليا، أي أن ما يخطط له لن يقود إلا إلى تأزم أكثر وعدم استقرار ومزيد من الانقلابات، ومن يريد مصلحة البلد فإن عليه أولا وقف هذه الأجندة الانتخابية الفاشلة، ويدعو الفرقاء الثلاثة، للحوار بصورة هادئة ومسؤولة للبحث عن حل توافقي، ونحن جاهزون لهذا الحوار، وانتهز هنا الفرصة لأخاطب الجنرال محمد ولد عبد العزيز الذي استولى على السلطة وما يزال يسيطر عليها، فنحن ندرك حقيقة ما يجري، ونعرف أنه ما زال مسيطرا على القوات المسلحة خصوصا الحرس الرئاسي، ويلتقي الوزراء وأعضاء المجلس العسكري، وما زال يسير الأمور، ولسنا مخدوعين باستقالته، فهي مجرد لعبة، كما أنه لم يستقل من الجيش، فأناشده هنا تحمل المسؤولية والتخلي عن هذه الأجندة التي لا فائدة منها، وعليه أن يدعوا لحوار بين الفقراء الثلاثة، لكي نخرج بحل توافقي، فهو وحده الذي يجنب البلاد ويلات الأزمات وعم الاستقرار.
ونا: هل هناك سقف من التنازلات إذا قدمه ولد عبد العزيز لكم، قد تقبلون بالمشاركة في الانتخابات القادمة؟.
أحمد: أنا شخصيا عندما أدعو للحوار والتوافق، أرى هنا أن كل شيء يخضع لهذا الحوار وهذا التوافق.
ونا: هل يمكن أن يكون هناك حوار وتوافق في ظل الأجندة الحالية؟
أحمد: أبدا.. أول مطلب هو إلغاء الأجندة الانتخابية، وهذا مطلب نتفق عليه نحن والجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، ومن باب الإعراب عن حسن النية، فإن هؤلاء السجناء الذين لا شك أن لهم طابعا سياسيا، يجب الإفراج عنهم، ولو بصورة مؤقتة، ويتم نزع الجانب السياسي عن قضيتهم، إما إذا كان هناك ما يتعلق بمتابعة قضائية فنحن لا نتدخل في شؤون القضاء، وأنا أفضل الإفراج عنهم نهائيا، لكن لا بأس بالإفراج عنهم مؤقتا، فهذا تعبير عن حسن النية، ثم يتم وقف الأجندة الانتخابية بعد ذلك، ويفتح حوار وطني ونخرج بتوافق وطني، فهذا هو الحل الأفضل.
ونا: الشارع صنفكم بعد الانقلاب على أنكم مع العسكريين، والعسكريون صنفوكم في صفوفهم، والجبهة صنفتكم على أنكم مؤيدون للانقلاب، وأنتم أعلنتم أنكم تنتهجون خطا ثالثا بين الطرفين، وحاليا أصبحتم في خندق الجبهة، كيف تقيمون تطورات هذا المسار؟
أحمد: هذا الموضوع فيه مبالغة، وذلك ربما لحاجة في نفس يعقوب، فنحن لسنا مع الانقلاب وحين وقع لم نكن على علم به، وكما أسلفت في بداية الحديث فالظروف كانت هشة وغير قابلة للاستمرار وقلنها في الوقت، وأنا شخصيا كنت في تونس حينها، وحين وقع سجلنا وقوعه، وطالبنا الرجوع عبر الحوار للمؤسسة الدستورية، ولا يمكن القول إننا مع الانقلابيين، ولو كانت وقعت بعض التجاوزات خصوصا في الشارع، نظرا لما حدث في 2005 و2007 ولا أريد العودة إلى ذلك.
وكما تعلمون فقد وقع الانقلاب يوم السادس من أغسطس، وأصدرنا بياننا يوضح موقفنا، وفي بداية العشرية الثانية من أغسطس عرضت علينا المشاركة في الحكومة، وفي السادس عشر من أغسطس قدمنا عريضة تضمنت 34 نقطة كشروط، منها عدم ترشح العسكريين، وعندما لم نجد الرد المناسب والمقنع رفضنا المشاركة في الحكومة، فكيف نكون مساندين للعسكريين ونرفض المشاركة في الحكومة، خصوصا وأنه عرض علينا ـ كما قيل لنا ـ نصيب الأسد فيها، وهذا يوضح أن خطنا لا يتفق مع خط العسكريين، وبطبيعة الحال نحن نعتمد نهج الحوار، ومع بدأ الأيام التشاورية طرحنا شروطنا فقبلت مبدئيا ورفضت عمليا، وشاركنا في الأيام التشاورية عدة أيام، ولما اتضح لنا أن الهدف من تلك الأيام التشاورية هو تشريع الانقلاب، وتشريع ترشح محمد ولد عبد العزيز للرئاسة ولو كان ذلك بالتزوير انسحبنا منها، وفقدت تلك الأيام التشاورية مصداقيتها لأنه لم يكن فيها من يملك المصداقية سوى حزب "التكتل"، أما "الجبهة" فلم نكن معها ولم نصبح معها، فنحن لدينا حقائق لا يمكن ابتلاعها بسهولة، والجبهة بيننا وبينها تشاور ونتفق معها على قضية أساسية وهي رفض الأجندة الانتخابية الحالية، ونقوم بالتحرك مع بعضنا البعض، لكن هناك أشياء لا نتفق عليها، وحتى إن اتفقنا في تلك الأشياء فهذا لا يعني انضمامنا للجبهة، وإنما معناه أننا قطعنا خطوات باتجاهها وقطعت هي خطوات باتجاهنا، ومن المستحيل أن نكون نحن والجبهة على خط واحد دون أن تقطع هي خطوات في مواضيع معينة، فهذا نوع من الخلط، كما يقول أحد الرؤساء الأجانب من ليس معنا فهو ضدنا، وباختصار فنحن والجبهة لسنا في اتجاه واحد، أما حكومة العسكريين فلا يمكن أن نكون معها أبدا في اتجاه واحد، فهذا خلط للأوراق وتشويه، أما أن نغير موقفنا لينسجم مع الأوضاع فهو أمر عادي، وبالطبع هذا التغيير ليس في المبادئ، فنحن كنا وما زلنا ندافع عن الديمقراطية، وحين يقال لنا إننا لم نند بالانقلاب، نرد بأن الانقلاب وقع سنة 2005 و2006 و2007، وقد قلناها في القوت المناسب، ومن أراد توزيع الفترات الزمنية، ويختار منها تلك التي تليق بادعاءاته فذلك شأنه ، أما نحن فندرك جيدا ما نقوم به، ونعرف أنه منطقي، ومن أراد التأكد من منطقيته فسيجد ما يبررها ، ومع الأسف هناك بعض الجهات السياسية تتجاهل الوقائع وكأنها لم تقع والناس بلا ذاكرة ولا يوجد ما هو مكتوب وموثق، ويعتقد أنه إذا قال هو أمرا فكأن شيئا آخر لم يقع والجميع لا يتذكر ما حدث ولا يقيمه.
ونا: الجبهة وقعت ميثاقا مع بعض النقابات ومنظمات المجتمع المدني، هو بمثابة خارطة طريق نضالهم في المرحلة القادمة، ويضم نقطة من المعروف أن التكتل يرفضها وهي عودة ولد الشيخ عبد الله إلى السلطة، كيف تنظرون إلى هذا الميثاق وهل يمكن أن يوقع عليه حزب التكتل.
أحمد: أولا هذا الميثاق عرضته علينا سفارة أمريكا قبل هذا، ويجب أن تكون هذه المعلومة واضحة، فهم ليسوا مصدره، وإنما مصدره السفارة الأمريكية، وقد رفضناه لأننا لا نشارك فيما هو صادر عن سفارة أجنبية، ولا نقبل بأن نكون آلة بيد سفارة أجنبية، وعرضت علينا معه مغريات مادية عرضت ورفضناها، لأننا كحزب سياسي يمنع علينا القانون أن نتلقى دعما ماليا من جهات أجنبية ونحن نحترم القانون، ومن الناحية السياسية نرفض أن نكون آلة في يد سفارة أمريكا أو أية سفارة أخرى، وبطبيعة الحال فنحن لا نتعلق بأواخر الأمور، وأي أمر لم نناقشه ومقتنعون به وطرف في إعداده، لا نوقع عليه، ومعها كذلك قضية عودة الرئيس السابق إلى السلطة الواردة في الميثاق، فهذه القضية موقفنا منها غير قابل للتغيير.
ونا: انتم كطرف سياسي ما ذا يمكن أن تقبلوا به بالنسبة لولد الشيخ عبد الله؟
أحمد: أنا لا أمنعه من شيء، وإنما قلت إنه لم يعد رئيسا للبلاد، لكن بإمكانه الترشح وبإمكانه كرئيس سابق أن يساهم في حل المشكلة من حيث الشكل، وهذا دور كبير، وأنا لا أفرق بين سيدي والجبهة، وإنما أعتبر أن سيدي هو الجبهة، والجبهة هي سيدي.
ونا: ما هو آخر حديث دار بينكم وبين سيدي ولد الشيخ عبد الله قبل الإطاحة به في الانقلاب؟.
أحمد: لا أتذكر فالحديث عادة طويل ومتشعب، ما أعرفه أنني لا أتفق معه على الطرح ولا في طريقة التسيير ولا في أي شيء مهما كان تقريبا، لذلك أنا كنت في المعارضة وهو كان حيث هو.
ونا: أنتم بطبيعة الحالة تعارضون الأجندة الانتخابية للمجلس الأعلى للدولة، وبالتالي تعارضون نتائجها المتوقعة، هل تعتقدون أن هذه الانتخابات إذا نظمت ستعيدنا إلى تجربة 1992 التي أصررتم على معارضتها، أم أن هناك صيغة أخرى ستتعالمون بها مع هذه الانتخابات؟.
أجمد: ما قلته أننا سنستخدم كل الوسائل والأساليب الديمقراطية، من أجل إلغاء هذه الأجندة من اعتصامات ومسيرات ومهرجانات وحملات تحسيس، على عموم التراب الوطني، فهذا موقفنا الصلب الذي لا يتزعزع، ولن نقبل بأي حال من الأحوال أن يمضي هذا المسار هكذا لأنه لا مبرر له وفيه إفساد للبلد.
ونا:في مهرجاناتكم بنواكشوط دعيتم لمقاطعة الانتخابات، هل معنى هذا أنكم تعتقدون بأنها ستنظم فعلا؟
أحمد: تلك مرحلة أخرى، فنحن لم نيأس بعد من قدرتنا على إلغاء الأجندة، وهذا هو هدفنا الحالي.
ونا: ما هو موقفكم من دعوة الجبهة الوطنية للنزول إلى الشارع، وحديث البعض عن التحريض وضرورة إراقة الدماء؟
نحن لن نكون في أمر فيه إراقة دماء، فكما قلت نحن سنقوم بما هو ديمقراطي، وإن وقع ـ لا قدر الله ـ خلاف ذلك، فالمسؤولية يتحملها المجلس العسكري، وإذا تكرر مثلا ما وقع لنساء التكتل والجبهة قبل أيام فنحن لا نتحكم في الناس، وإنما المسؤولية تقع على عاتق من اعتدى، ومن بدأ بممارسات غير ديمقراطية وغير قانونية، فحين تكون هناك فوضى لا أحد يستطيع منع الآخرين من الدفاع عن أنفسهم، لكن حين تُحترم الحريات وحقوق التعبير بجميع الأساليب الديمقراطية، فأعتقد أن ذلك قد يحول دون وقوع ما نخشاه، وقد نحقق نحن مآربنا بطرق ديمقراطية.
ونا: يتساءل البعض عن أسباب عدم اتصالكم برئيس مجلس الشيوخ، الذي يتولى حاليا تسيير شؤون البلاد، بغض النظر عن الطريقة التي وصل بها للسلطة، فهو المسؤول الأول حاليا في البلد، وغير ملزم بأية أجندة أخرى، ولماذا لا تلتقون كذلك برئيس المجلس الأعلى للدولة الجديد للنقاش؟
أحمد: أنا في البداية ناقشت مع الجنرال محمد ولد عبد العزيز حتى مرحلة الأيام التشاورية، فمرة يستدعيني، ومرة أطلب أنا اللقاء به، وهي الحالة الغالبة، وكنت دائما أقول ومازلت أنني حين يستدعيني أحد في السلطة للحوار سألبي دعوته، فإذا استدعاني مثلا اليوم الجنرال محمد ولد الغزواني فسألبي دعوته، واستمع لما يقول، وأُسمعه رأيي، وليس لدي أي تحفظ في هذا المجال، وإذا استدعاني رئيس مجلس الشيوخ أيضا فسألبي دعوته وأناقش معه الأمور، أما التعلق بالآخرين، فهم يعرفون مواقفي ويعرفون مسؤوليتها ومبدئيتها، فلو كنت مقتنعا أنني إذا أخذت مبادرة اللقاء معهم ستقود إلى ما يفيد لأخذت المبادرة، وليس لدي أي تكبر أو تحفظ، وإذا استدعاني أي منهما حاليا فسألبي دعوته في أسرع وقت ممكن وفي الوقت الذي يحدده هو.
ونا: ما هو تقييمكم لوضعية التكتل بعد الانسحابات الأخيرة منه؟
ج: أريد ان أقول هنا إن التكتل سبقه اتحاد القوى الديمقراطية ـ عهد جديد ـ وقبل ذلك كان هناك اتحاد القوى الديمقراطية، وعبر الزمن كنا نحن دائما القوى المعارضة الأساسية في البلد حتى اليوم، ولم نحد عن نهجنا وخطنا، ولذلك كنا دائما الهدف الأساسي للسلطة القائمة التي تحاول في كل وقت تفكيك الحزب وشن الحملات الإعلامية ضده، ورغم ذلك لم يؤثر هذا على قوة الحزب وسمعته، لأن الناس ترى فيه حزبا متشبثا بخطه وبمبادئه، وليس حزب لف ودواران، تارة مع هذا وتارة مع ذلك، وتارة يحالف هذا في السر إلى غير ذلك، فالحزب مبادئه معروفة، وهي حماية الوحدة الوطنية والدفاع عن حقوق الانسان والدفاع عن الديمقراطية والتسيير الرشيد، ونهجه الحوار، ولا يخون مبادئه ولا بلده، قد يكون بالإمكان أن يتم التأثير على زيد أو عمر أو غيرهما، لأسباب لا أريد التعرض لها، لكن ما دام الحزب على نهجه ومتمسكا بمبادئه فسيحتفظ بأغلبية ولو نسبية في الشارع الموريتاني.
ونا: لماذا لم يتخذ الحزب حتى الآن قرارات ضد الشخصيات التي رفضت قراراته وتوجهاته الجديدة، باستثناء كان حامدو بابا؟
أحمد: هناك عدد من الأشخاص لم يصرح بما هو ملموس ولم يعلن موقفا صريحا، وهناك من استقال وستأخذ استقالته بعين الاعتبار، وهناك من دعم السلطة علنا فهو في حكم المستقيل، وهناك البعض من بينهم أعضاء في المكتب التنفيذي أعلنوا أنهم مع المشاركة وهذا لا يعاقب عليه.
ونا: هل من بين المستقيلين نواب؟
نعم من بينهم نائب في البرلمان
ونا: بالنسبة للسن المسموح لصاحبها بالترشح للانتخابات الرئاسية، هل توافقون عليها؟
بموجب الدستور يجب أن تقل عن 75 سنة، قبل تاريخ انتهاء الترشح، وأنا لم اعترض عليها ووردت في الدستور وصوتنا عليها، ولم يتغير موقفي منها ولا أعترض عليها.
ونا: وجهتم نداء لولد عبد العزيز لتحمل مسؤولياته، ما ذا تقولون لبقية المترشحين
أحمد: ليس لدي ما أقوله لهم.
للاستماع لنص المقابلة صوتيا اضغط على المربع في الأسفل
تاريخ الإضافة: 02-05-2009 18:18:48 |
القراءة رقم : 2876 |