جميل منصور يتحدث في مقابلة مع "ونا" عن الإخوان والمعارضة وإسقاط النظام ومصارد تمويل حزبه
تحدث رئيس حزب "تواصل" محمد جميل ولد منصور في مقابلة شاملة أجرتها معه "وكالة نواكشوط للانباء" عن تاريخ حزبه ومصادر تمويله وعلاقاته بالاخوان المسلمين ومواقفه من تطبيق الشريعة، كما تحدث عن تاثيرات الخريف العربي علي الشعب الموريتاني عموما وعلي توجهات المعارضة خصوصا.
نص المقابلة:
ونا: يلاحظ أنكم في منسقية المعارضة اصبحت ترفع شعار رحيل النظام بدل المطالبة بالحوار معه،هل هذا تكتيك سياسي ام هو خيار نهائي لدى المعارضة، وإذا كان كذلك فما سببه؟
جميل: بسم الله الرحمن الرحيم ، بداية أشكر وكالة نواكشوط للأنباء على هذه السانحة و أتمنى لها التوفيق و النجاح، أما فيما يتعلق بمنسقية المعارضة الديمقراطية فيمكن توجيه السؤال إلى الرئيس الدوري للحصول على الإجابة الرسمية، ومع ذلك فالأمر واضح نحن في منسقية المعارضة وفي الوقت المناسب طالبنا بالحوار ووضعنا مجموعة من الممهدات الضرورية لخلق الثقة وتهيئة الأجواء لنجاحه وكانت بالمناسبة عادية ولا تعدو كونها تطبيقا لقوانين موجودة ولكن النظام تجاهل ذلك وعمد إلى حوار يفتقد كل الضمانات فكانت النتيجة التي لم يعد أحد يتحدث عنها، بعد ذلك وبعد الاستمرار في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية الفاسدة والخاطئة وبعد الاصرار على قمع التظاهرات السلمية للطلاب والحقوقيين وأصحاب المظالم وسكان المدن، وبعد التلاعب بالقوانين والتأجيل المفتوح للانتخابات وتعديل الدستور من طرف برلمان مشكوك في شرعيته، وبعد حالة الاحتقان والقلق التي سببتها سياسة هذا النظام، وبعد أن رأينا الشعوب شمالا وجنوبا تحقق المكاسب الديمقراطية اقتنعنا أن الحل أصبح في رحيل هذا النظام و ترك الموريتانيين بمختلف مكوناتهم وأطيافهم يقررون مستقبلهم في إقامة دولة العدل و الديمقراطية.
ونا: قررت المنسقية اعتصاما في الثاني مايو القادم، ما طبيعة هذا الاعتصام وهل انتم مستعدون كقادة للمعارضة لمواجهة القمع والاعتقالات؟
جميل: برنامج المنسقية الذي أعلنت عنه يتضمن جملة من الأنشطة والفعاليات تشمل مسيرات ومهرجانات واعتصامات وطابعها جميعا السلمية، و تتحدد تفاصيل و إجراءات كل منها في الوقت المناسب، أما قمع النظام واعتقالاته فلا تخيف أحدا وهو بالمناسبة غير قادر عليها.
ونا: ما هو موقفكم في حزب تواصل من قيام دولة في شمال مالي؟
جميل: نحن في تواصل لا نعطي لأنفسنا الحق في التدخل في شؤون الجيران، ولا نحبذ الحديث في تفاصيل أمورهم، وكلما نستطيع قوله الآن هو دعوة أهلنا و إخواننا في مالي إلى حل مشاكلهم سلميا ومن خلال الحوار المسؤول الذي يؤول إلى حفظ مصالح كافة مكونات الشعب المالي بما فيها المكون الأزوادي .
ونا: يتهمكم النظام بأن غنيمة الإسلاميين من ثورات الخريف العربي هي دافعكم الي التخلي عن شعار المعارضة الناصحة للنظام ورفع شعار رحيله، طمعا في غنيمة ما بعد رحيله، ماردكم؟
جميل: لقد أوضحنا في أكثر من مناسبة أسباب تحولنا من المعارضة الناصحة – رغم أن منهج النصح باق – وأهمها تقويمنا لسياسة النظام و ما آلت إليه البلاد في ظل تسييره، ولا ينفي ذلك أن منها الأجواء الجديدة التي خلفها الحراك الثوري والديمقراطي شمالا وجنوبا والتي بعثت في الشعوب روحا جديدة ونفسا جديدا، أما غنيمة الإسلاميين في الوضع الديمقراطي الجديد فتاج نعتز به ونرجو أن نحظى به وأن نكون و إياهم على مستوى تطلعات الشعوب حفظا لهويتها وصونا لكرامتها وترسيخا لقيم العدل والديمقراطية عندها .
ونا: تقول الاغلبية ان واقعكم كتيار اسلامي في موريتانيا يختلف كثيرا عن واقع التيارات الاسلامية في الدول العربية الاخرى بقدر الاختلاف الكبير بين نمط تفكير الشعب الموريتاني وشعوب تلك الدول، هل هذا صحيح؟
جميل: لا أفهم ماذا يعنون ، الذي أعرفه أن الشعب الموريتاني يتعلق بأصالته وهويته، و يكره الظلم والاستبداد، ويتطلع إلى العيش بكرامة وعزة، و يحب الحرية والتطور ... و أعرف أن التيار الاسلامي في موريتانيا شأنه شأن إخوانه في العالم يأمل أن يكون قادرا على تحقيق هذه الآمال .
ونا: الاحزاب الاسلامية في مصر وتونس والمغرب حصلت علي نتائج كبيرة في أول انتخابات سمح لهم بالمشاركة فيها 2011 في حين كانت نتائج حزبكم كحزب اسلامي في موريتانيا ضئيلة عندما اتيحت له الفرصة مرارا للمشاركة في الانتخابات ما بين 2006 الي 2009، ما تفسيركم لذلك؟
جميل: عموما ودون أن ندعي مستوى لسنا فيه فإن حزب تواصل اليوم يمثل قوة وازنة في المشهد السياسي ولن تجد صعوبة في ملاحظة دلائل وشواهد ذلك، ولا تستطيع نتائج انتخابات 2006 التي دخلناها مستقلين ولا انتخابات 2009 التي دخلتها الدولة مستغلة، مناهضة ذلك، وانتخابات تجري في أجواء مثل التي ذكرت في هذه البلدان كفيلة بتأكيد الذي قلته، ومع ذلك فالمهم ليس نحن ، المهم أن يتحقق التغيير والديمقراطية ثم يرجع إلى الشعب اختارنا أو اختار غيرنا لا يهم .
ونا: إذا سلمنا بفرضية تزوير الانتخابات وعدم شفافيتها فان ذلك ينسحب علي الجميع ومع ذلك تقدمت عليكم في النتائج احزاب مرجعيتها ليبرالية مالسبب؟
جميل: أنا لا أقلل من قيمة أحد، و نحن حزب من الأحزاب والانتخابات الشفافة في ظل نظام ديمقراطي تتساوى فيها الفرص وحدها التي تحدد الأوزان و الأحجام.
ونا: يقال ان حزبكم يفتقر الي قيادات لها من المؤهلات العلمية والشهرة العالمية ما يجعلها قادرة علي ثقة الجمهور في قدرتها على تسيير أمور الدول كما هو متوفر في قيادات الاحزاب الاسلامية في الدول الاخري، في حين قيادة "تواصل" يسيطر عليها شباب من خريجي المحاظر، هل هذا معوق صحيح؟
جميل: الأمر يحتاج إلى تصحيح، فتواصل يحوي من الأطر والقيادات ما لا يناسب وصفه على هذا النحو رغم أن التخرج من المحاظر محمدة تعز ولا تذل، و مع ذلك فتواصل يقدم نفسه شريكا لإخوانه في الوطن وحلفائه في السياسة وذلك لبناء الوطن من طرف الجميع دون إقصاء و لا هيمنة .
ونا: يقول البعض ان حزبكم يتحرك بامكانيات مالية كبيرة، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول مصدرها فهل لديكم جواب علي هذا التساؤل؟
جميل: لا أعرف كيف جاء هذا الاستنتاج ، فالعارفون بتواصل و ظروف تواصل وتحركات تواصل و مقرات تواصل سيدركون دون عناء أنه ليس في مقدمة الأحزاب من حيث الإمكانات والوسائل، والعارفون بعضوية تواصل وحجمها و تضحيتها لن يجدوا صعوبة في معرفة مصادر الوسائل المحدودة التي يتحرك بها هذا الحزب .
ونا: في حال قام النظام بتحقيق حول مصادركم المالية، كما طالب بعض السياسيين مؤخرا بذلك هل انتم مطمئنون علي ان ذلك لن يضر بكم؟
جميل: هذا لا يستحق تعليقا .
ونا: تنفردون عن باقي الطيف السياسي الوطني باستغلال العمل الدعوي في جميع المنابر والعمل الخيري من خلال الجمعيات والنوادي للأغراض السياسية، ألا تعتبرون ذلك رياء لتحقيق اهداف سياسية؟
جواب: إذا كنت تعني أن أفرادا من تواصل مع غيرهم من أفراد المجتمع يقومون بأفعال الخير والدعوة والتوجيه فهذا سبب للاعتزاز وحمدا لله، أما إذا كنت تعني أن تواصل يوظف سياسيا هذا الأمر فاتهام لا ينهض، و من يستغل الدولة و مصالحها و الخدمات العامة وأثرها ومساعدات الدول والمنظمات وخيراتها فمعروف ومشهور .
ونا: يقال ان النظام يحتفظ لكم ببعض الامور التي ستضر بسمعتكم في حال نشرها هل هناك في تاريخكم ما تخشون من نشره علنا؟
جواب: تاريخنا معروف ولسنا من المنشغلين بمثل هذه الأمور ، و عموما في تاريخ النظام وحاضره ، خفيه ومعلومه ما يشغل المهتمين والمتابعين .
ونا: اتضح مؤخرا ان منهجية مرجعيتكم الفكرية ـ حركة الاخوان المسلمين ـ مليئة بالأخطاء مما تسبب في انهيار على مستوى قمة هرمها، هل سيدفعكم ذلك الي البحث عن نسخة بأفكار ورؤى محلية للإسلام السياسي؟
جواب: نحن مرجعيتنا إسلامية و انتسابنا وطني و خيارنا ديمقراطي كما نصت وثيقتنا الفكرية، و يجمعنا مع الإخوان انتساب فكري لمدرسة الوسطية والاعتدال ، ورغم أنني لا أوافقكم في هذا الحكم فلا منهجية الإخوان مليئة بالأخطاء ولا وقع انهيار في قمة هرمهم، فإن تواصل حزب موريتاني ذو مرجعية إسلامية و كفى .
ونا: ما هو تصوركم اليوم في تواصل لملاءمة تطبيق الشريعة الاسلامية مع نظرة العالم لحقوق الانسان؟ وما ذا سيكون موقفكم في حال استلمتم السلطة من حجاب المرأة ومن المطالبة بمساواتها مع الرجل؟
جميل: نحن لا نرى مشكلة بين حقوق الإنسان والشريعة الإسلامية ، بل نتصور أن الاسلام وضع الأسس الكفيلة بحماية حقوق الإنسان و النهوض بها، و نحن لسنا أسرى المفهوم الغربي لحقوق الإنسان الذي نلتقي معه في الكثير ونختلف معه في البعض، أما حجاب المرأة وسترها فهذا مطلب شرعي خوطب به النساء ولا ينفع معه الإكراه، وعموما فالسلطة في تفكيرنا مطالبة بأن توفر العدل والعيش الكريم والحرية للنساء والرجال و في هذه الأجواء تفعل الدعوة فعلها ويؤثر الخير في الناس، والتدين لا يكون بالإكراه ، أما عن المساواة بين الرجل والمرأة ، فالمهم هو العدل وأن ينال الجميع حقوقه دون نقصان وعلى نحو يحقق المساواة التي لا تعني المماثلة ، والأصل في فكرة المساواة بالمناسبة فكر رجولي لأن المرأة لا تكون كاملة عندهم إلا إذا أصبحت مثل الرجل ، والتصور الإسلامي قائم على أن الرجل والمرأة كائنان متمايزان يتكاملان ولا يتناقضان ولا يتماثلان .
ونا: يتهمكم البعض بالميكافيلية ويستدل علي ذلك بسكوتكم عن المطالبة بقطع العلاقات مع اسرائيل عندما دخلتم حكومة ولد الشيخ عبد الله بعد ما كنتم من أشد المطالبين بقطعها، ما ردكم على هذا الاتهام؟ وكيف تبررون سكوتكم عن العلاقات في تلك الفترة؟
جميل: لعلكم كنتم موجودين في تلك الفترة ، و يمكنكم الرجوع إلى أرشيف الإعلام ، نحن لم نسكت قط عن موضوع العلاقات مع إسرائيل، و حينما دخلنا الحكومة في عهد الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله قلنا بصراحة أننا مازلنا على ذات الموقف وأن الاتفاق الذي حصل يقتضي أن الموضوع سيطرح لاحقا على الحكومة والبرلمان و وجودنا سيكون مرجحا لاتجاه القطع و معززا للقائلين به، و عموما فالمزايدة علينا في موضوع مقاومة العلاقات مع الكيان الصهيوني لا تستقيم .
ونا: ما هي العلاقة اليوم بين الرئيس السابق اعل ولد محمد فال وحزب "تواصل"الذي رفض الاعتراف به اثناء حكمه؟
جواب: أعتقد أن الرئيس اعل ولد محمد فال في بعض الخرجات الصحفية صحح نظرته للتيار الإسلامي وحزب تواصل، و نحن كغيرنا من أحزاب المنسقية الرئيسية تربطنا علاقات بالرئيس اعل كان آخر مظاهرها حضوره معنا مسيرة المنسقية في 12 مارس الماضي .
ونا: ما هو موقفكم الشخصي من قرار الاخوان المسلمين بتسمية مرشح للانتخابات الرئاسية المصرية في هذه الفترة؟
جواب: الإخوان أدرى بما يفعلون ، و لهم من التجربة ما يطئمن على قراراتهم و مع ذلك و لأنك سألت عن الموقف الشخصي فإنه لم يكن مستساغا عندي هذا الترشيح .
ونا: تلصق ببعض السياسيين في موريتانيا، تهما منها ما هو متعلق بالدين ومنها ما هو متعلق بالتخابر وبعضها متعلق بالعمالة للأجنبي، ماهو تعليقكم على ذلك؟
جميل: أصحاب الاتهامات أدرى بدوافعها ، و أنتم كإعلاميين أقدر على إدراك الهدف منها ، و معرفة وقتها و سياقها و المستهدف بها أمور كافية لفهم المشهد.
سؤال: ما هي التحديات التي واجهتكم لقيادة تيار اسلامي ديني في مجتمع يحتكر مرجعية الامور الدينية لفئة انتم لا تنتمون اليها؟
جواب: نحن حزب سياسي ذو مرجعية إسلامية ، و بتلك الصفة لا مكان لتمييز فئوي أو قبلي أوعرقي، ومع ذلك لا أخفيك أن هناك صعوبات نتيجة ما تلمح إليه، ولكن الإخوة بمن فيهم المنتمين للفئة التي تشير إليها و التي كان لها فضل كبير في حمل و حماية الثقافة الإسلامية في هذا البلد تجاوزوا هذه المعاني نحو أخوة الإسلام ورابطة الوطن .
اجرس المقابلة: ماموني ولد مختار
| تاريخ الإضافة: 16-04-2012 22:27:26 |
القراءة رقم : 6141 |
